حملته الممرضة بين يديها وخرجت به من غرفة الولادة عمره لحظة تنسحب من الجدة سعادتها بالحفيد الوليد.. فابنتها لم تخرج بعد من العمليات. والله يجازي الرجل يوليوس قيصر فمنذ ولدته أمه بالقيصرية والأطباء يستسهلون هذا النوع من الولادة.. التي وصلت نسبتها في بعض الدول إلي 47% فكل امرأة تلد بشكل طبيعي بجانبها بالتقريب حالة تماثل ميلاد الامبراطور الروماني. وهل تستطيع أم الفرحة بحفيد قبل أن تطمئن علي الضنا.. ساعة واكثر وخرجت الأم إلي غرفتها.. مازالت تحت التخدير. لكنها بالعين تبحث عن وليدها.. يسلمه لها الطبيب. تحتاج أن تطمئن علي ثمرة تعب الشهور محتاجة الأم للفرحة بابن بطنها.. وهو يحتاجها ليرتشف رضعة حياة. والجدة غارقة في آيات حمد لسلامة الابنة وتسبيح بقدرة الله في خلقه والمولود الجديد. تضع يدها علي جبهته الصغيرة وتقرأ آيات من قرآن. ويدخل طبيب الأطفال ليصرخ من علي الباب أهلا بالولد. في الأفلام صرخة سعادة سبقه اليها الجراح حين اطلق صوتا غليظا يعلن عن قدوم.. ولد مشهد نراه حتي في الأفلام الأجنبية حين تلتقط يد الدكتور الوليد ويصرخ "it's aboy" وكأنه أدي إنجازا لمجرد انه شق بطن ووجد فيها ذكرا. والتهنئة بالمذكر لها شكل جعلت الجدة تسحب يدها من فوق جبين المولود وتحاول التودد لأخته الأنثي التي لم تتح لها سنوات عمرها الصغيرة أن تفهم.. لكن بالتأكيد وصلتها فوضي الأحاسيس بالذكر التي انتشرت في المكان.. وأكدت لها ان عليها الاستعداد لموقع.. تحت. بشفاه وردية ولسان رطب طلعت.. "واء".. خافتة نسمعها عطشان أو "جعان". وربما خذيني يا أمي في حضنك. لن يفهمه أحد تماما كما وصف صلاح جاهين : عيني رأت مولود علي صدر أمه يصرخ تهنن فيه. يصرخ تضمه يصرخ تقول يا ابني ما تنطق كلام دا .. اللي ما يتكلمش يكتر همه واحد من الناس أصابع صغيرة لم تمسك بأي شيء في الحياة. بأظافر لينة لا تخدش. جسم يحتاج الدعم. وجلد أملس كالمرمر.. بريء لدرجة لاتجد للبراءة تشبيها إلا به. تزحلق إلي دنيانا فهل نرفق به. طلبت الأم اللبن فجاءها مختلطا بما يحفظ اللون والطعم. فشرب الرضيع من أمه حنانا مخلوطا باللبن المغشوش. جلست الجدة في ركن المكان والصحة عدم.. ودخل الجد مزهوا حيث لا يبذل الرجال جهدا يذكر في هذه الأحوال وامتلأت الحجرة وصالة المستشفي بالضيوف.. وسطهم من علق الدنس بثنايا ملابسه.. وموظف يلقي بأرقام علي فاتورة لحسابات واجبة السداد. عيون الصغير كما قال الطبيب لا تري إلا خيالات.. عدم تآلفها حولها إلي اشباح. الملائكة فرت من حوارات ممرضات.. وحساب الحسابات.. مظاهر ومناظر.. حول طفل جاء.. وخرج من باب المستشفي.. واحد من الناس.