حكومات وراء حكومات. وقرارات كالمسكنات. وحكايات وروايات. وأقوال بلا أفعال. هكذا تتعامل الدولة مع أصحاب المعاشات الذي يبلغ عددهم 9 ملايين نسمة ويمثلون هم وأسرهم 40% من الشعب. ويتعرض الغالبية العظمي منهم إلي التجويع والفقر والعجز عن مواجهة أعراض الشيخوخة أو شراء الدواء والعلاج لدرجة إعلانهم "التسول" في الشوارع وعمل وقفة احتجاجية في الرابع والعشرين من أبريل الحالي بميدان "طلعت حرب" والإضراب عن الطعام إذا ما نفذت الحكومة ممثلة في وزارتي "المالية والتضامن الاجتماعي" مطالبهم التي تتمثل في إلزام الحكومة بسداد ديون الدولة المصرية المدينة بها لصناديق أصحاب المعاشات والتأمينات الاجتماعية والمحددة بمبلغ 620 مليار جنيه علي برنامج زمني للسداد. إقرار الحد الأدني الشهري للمعاش ب 1200 جنيه وفقا لنص المادة 27 من الدستور لمواجهة ارتفاع أعباء المعيشة وغول الأسعار التي تشهده البلاد بعد انخفاض الجنيه المصري مقابل الدولار. كذلك إقرار علاوة أقدمية الحد الأدني بنسبة 20% لقدامي أصحاب المعاشات الذين تخطت معاشاتهم الحد الأدني أسوة بما تم إقراره من علاوة الحد الأدني للأجور لكافة الموظفين بالدولة. هذا بخلاف عدم المساس بحقوقهم في العلاج المجاني الحقوقي الذي يتمتعون به الآن مع عدم تحملهم أي رسوم أو أعباء في حق العلاج الصحي الشامل بدءاً من الكشف وتقرير الدواء مرورا بتوفير العلاج وحتي إجراء العمليات الكبري والمتوسطة والصغري. مع تمثيلهم بنسبة 50% في مجلس إدارة التأمين الصحي حتي يكونوا "رقباء" علي أساليب العلاج وتقديم الخدمة مع الرعاية الصحية المتكاملة. ولم تتوقف مطالب أصحاب المعاشات عند هذا الحد بل طالبوا بالتمسك بقانون التأمينات الاجتماعية رقم "79/1975" لأنه من أفضل قوانين التأمينات في العالم مع إدخال بعض التعديلات فقط علي إلغاء كافة المواد أو فقرات المواد الواردة بالقانون التي ألغتها أحكام المحكمة الدستورية العليا وما تعنت عليه في منطوقها من حقوق لأصحاب المعاشات وصالح المؤمن عليهم مع تعديل حساب المعاش علي أن يكون "1/35" بدلا من "1/45" مع مضاعفة سنوات الخدمة للعاملين في الأعمال الصعبة والخطرة وصناعات المفرقعات والصناعات الحربية مع تقرير علاوة بنسبة 15% لمواجهة التضخم سنويا مع توريث المعاش لأبناء صاحب المعاش المتوفي عند سن 26 سنة للابن أو الابنة بصرف النظر عن السن أو الزواج. بالإضافة لمطالبتهم بإنشاء هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية لإدارة واستثمار أموال أصحاب المعاشات والتأمينات علي أن يتشكل مجلس إدارة هذه الهيئة من الشخصيات العامة الوطنية والاقتصادية والسياسية المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والاهتمام بالشأن العام والخاص من خلال إصدار مشروع بقانون في ذلك يقره مجلس النواب حتي تتمتع أموال المعاشات والتأمينات بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة طبقا لما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 17 في الدستور. ومن هنا نستطيع القول إنه يوجد أكثر من 5 ملايين من أصحاب المعاشات يتقاضون معاشا أقل من 500 جنيه وهذا لا يكفي احتياجات "المسن" الذي يملك 62 مليار جنيه وحقوقه مهدرة لفشل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2006 وحتي وقتنا هذا في إدارة أموال أصحاب المعاشات الذين يعيشون في حالة احتقان شديد وخاصة بعدما تحولت أموالهم إلي حزمة أوراق بضمان الخزانة العامة نصفها بلا فوائد والنصف الآخر صكوك غير قابلة للبيع أو التنازل. فهل من منقذ لهؤلاء؟