بعد النهاية السعيدة في قضية اتهام الروائي الشاب أحمد ناجي بخدش الحياء العام بعد نشر فصل من روايته ¢استخدام الحياة¢. ليست البراءة وحدها التي تستحق الاحتفال. وإنما انتصار قضاء مصر العادل للخيال وحرية الإبداع. وإعطاء شهادة كبار أدباء مصر حقها أمام منصة العدالة. وتسطير حيثيات حكم تستحق أن توضع عنوانا ¢للقضاء المستنير¢. الحكم الصادر عن محكمة جنح بولاق أبو العلا برئاسة المستشار إيهاب الراهب رئيس المحكمة أكد أن المقال المنشور من وحي خيال الكاتب ولم يقصد به نشر الرذيلة وان المحكمة اطمأنت لشهادة الكاتب الصحفي محمد سلماوي والروائي صنع الله إبراهيم من أن المقال أدبي بحت والألفاظ الواردة به موجودة في كتب الأدب قديما وحديثا. الكاتب الكبير محمد سلماوي أحد الخبراء الذين استمعت لهم المحكمة واطمأنت لرأيهم في القضية أكد. إن الحكم ببراءة الروائي أحمد ناجي من تهمة خدش الحياء. هو حكم تاريخي. يتسق مع الدستور المصري. أضاف: أحيي هيئة المحكمة علي هذا الموقف. فهو يتسق مع الدستور المصري الذي لا يجز الحبس في قضايا النشر. كما أن لجوء هيئة المحكمة للاستعانة بأهل الاختصاص من الكتاب والمبدعين أمر لا يمكن إغفاله أيضًا. فقد كان من الضروري أن ينظر إلي ما نشر علي أنه عمل فني. وذلك فإن الحكم برأيي هو تاريخي لأنه وضع الأمور في نصابها. وزير الثقافة الأسبق الناقد الدكتور جابر عصفور قال:: حكم محترم من قاض مستنير يستعيد لنا أمجاد الأحكام التي تكفل لنا حرية الرأي والتعبير. أضاف: كتبت وقلت مرارا وتكرارا إن أعدي أعداء الإبداع الفني والأدبي والفكري عدوان: أولهما الاستبداد السياسي الذي يكمم أفواه المبدعين. ويشيع طبائع الاستبداد في الأمة. وثانيهما: الانغلاق الفكري والتعصب الديني الذي صنع محاكم التفتيش بكل فظائعها في أوربا. وحرق الكتب والمفكرين من أمثال الإيطالي جيوردانو برونو. ويبدو أن ما يحدث حولنا. والسنة الكئيبة التي حكمنا فيها الإخوان. فضلا عن السلفية الوهابية التي لا تزال تعيش بين ظهرانينا تخلق مناخا من الانغلاق بين طوائف لا تزال لا تعرف الفارق بين فصل في رواية خيالية ومقال فكري. الروائي أحمد ناجي أكد إن الحكم يعتبر شيئاً إيجابياً جدا في ظل المناخ الذي نعيش فيه حاليا خاصة فيما يتعلق بقضايا الإبداع والإنتاج الثقافي¢. وأضاف ناجي أنه يأمل أن يكون الحكم خطوة في سبيل غلق الباب نهائيا علي كل محاولات ¢الالتفاف¢ علي مواد الدستور التي تكفل حرية التعبير لكل المواطنين وخاصة المبدعين. وأن يكون ¢درسا¢ موجها للنيابة العامة بأن تنحاز لمهمتها ووظيفتها الأساسية وهي الدفاع عن الدستور والقانون و¢عدم التضييق¢ علي المبدعين بالمخالفة للقانون. وأشار إلي أن الدستور نص في مواده علي الحق المطلق لجميع المواطنين في التعبير عن آرائهم دون رقيب. مشيرا إلي أن تبرئته تعني أنه من واجب النيابة في الفترة القادمة أن ترفض كل القضايا التي تثار علي نفس الشاكلة ل ¢تحجيم الإبداع¢. والانحياز للقانون والدفاع عن حق وحرية المبدعين دون رقابة أخلاقية أو وصاية علي أحد بالمخالفة للقانون.