الإعلام المصري.. لم يعد إعلاماً للتعبير عن نبض الناس.. ومرآة تعبر عما يجري في المجتمع.. ووسيلة للتنوير والمساهمة في البناء والتنمية.. وإنما للأسف أصبح أداة للتخريب وهدم القيم.. ووسيلة يسخرها أباطرة المال السياسي لتحقيق أغراضهم وأهدافهم بعد أن أصبحوا ملاكاً لفضائيات وصحف.. وأيضا أصبح الإعلام أداة يستغلها بعض من يمسكون الميكرفون ويظهرون علي الشاشة ليصنعوا من أنفسهم زعماء سياسيين بلا وعي.. أو فهم.. ولم يعد غريباً أن يظهر مغرور لا يقدر مسئولية الكلمة أو الميكروفون ويدعي أنه أقوي من أي طرف آخر.. وأقوي من الحكومة نفسها.. بل إنه قادر علي سحق كل من يحاول الاقتراب منه أو المساس به. للأسف الشديد.. الناس أصبحت "قرفانة" مما يجري علي شاشات الفضائيات من هراء وهلوسة وفوضي وضحالة إعلامية.. وتبادل سباب وشتائم.. وردح متواصل.. لا يهم المواطن.. بل يضر الوطن وينتهك قيم المجتمع.. ويتبني قضايا تثير الفتنة وتدفع لمزيد من الصراعات والتشرذم في مرحلة خطيرة في عمر الوطن. الفوضي الإعلامية تتطلب وقفة حاسمة.. للإصلاح.. لأنها تمثل خطراً جسيماً علي المجتمع.. أنها تفتح المجال وتخصص الميكروفونات والشاشات لبعض العناصر التي لا تقدر مسئولية الكلمة.. ولا تحترم عقول المشاهدين والمستمعين. إن حرية الرأي والتعبير مكفولة.. وأيضا حرمة الحياة الخاصة للمواطن مصونة بحكم الدستور والقانون.. ولكن ما يحزن المرء أن بعض الإعلاميين ينتهكون حرمة الحياة الخاصة.. وأيضا بعض الساسة والفنانين يستخفون بعقول الناس.. ويتصورون أنهم أذكي من باقي البشر..! لقد تحول الإعلام إلي "عزب" تسيطر عليه "شلل" وكل شلة تدافع عن مصالحها.. وسادت ازدواجية المعايير.. فعندما تنتهك حرمة مواطن غلبان.. لا يدافع عن حقوقه سوي المواطنين علي شبكات التواصل الاجتماعي.. بينما تلتزم الفضائيات الصمت.. أما إذا تعرض أحد أفراد "الشلة" لسوء.. أو انتهاك لخصوصياته أو قبض عليه لسبب ما.. تهب الشلة للدفاع عنه بقوة واستماتة.. وتفتح شاشاتها لإظهار بطولاته.. وتصفه بأنه الثائر المغوار.. وكأن باقي الشعب سكاري أو نيام. الدستور لا يفرق بين المواطنين.. فالكل سواء أمام القانون.. ولا يجوز الاعتداء علي حقوق أي مواطن.. سواء كان سياسياً أو نجماً أو مغموراً.. ولا يجوز أيضا انتهاك حرمة حياته الخاصة.. ولكن النجم ومن يعمل بالعمل العام يجب أن يكون قدوة للناس.. لأن للأضواء والشهرة ضريبة. إنني أرفض تماماً انتهاك حرمة الحياة الخاصة لأي مواطن.. سواء كان كبيراً أو صغيراً.. وزيراً أو خفيراً.. ويجب أن نطبق معياراً واحداً علي الجميع. من حق الإعلامي أن ينقل الوقائع والأحداث بحيادية.. وشفافية.. وينتقد حتي لو كان النقد قاسياً.. ولكن بعيداً عن التجريح وانتهاك قيم المجتمع.. وفي ذات الوقت لا ينبغي أبداً أن نسخر أدوات الإعلام والفضائيات لمغرورين أو موتورين يتصورون أنهم فوق البشر. فوضي الإعلام تضر بالوطن.. ومن العبث أن يتحول الإعلام إلي ساحة لهراء وتخاريف وصراعات شخصية.. تصيب المشاهدين بحالة قرف..!