أتمني أن يتمكن محافظ البنك المركزي الجديد طارق عامر والذي سيبدأ مهام منصبه بعد أيام من ضبط نشاط شركات الصرافة ومنع مضاربتها في العملات الأجنبية بعد أن ثبت تورطها في عمليات مضاربة واتجار في العملات خارج إطار المنظومة البنكية.. فضلاً عن قيام أصحاب الشركات الذين ينتمون لجماعة الإخوان بجمع العملات بأسعار مبالغ فيها وتهريبها للخارج لتنفيذ مخططات الجماعة لضرب الاقتصاد المصري. الزعم بأن أصحاب شركات الصرافة الذين ينتمون للجماعة الإرهابية لا يمثلون أكثر من 10% كلام لا يستند إلي أدلة وبراهين حيث أكد لي أحد المتعاملين علي نطاق واسع مع هذه الشركات أن عدداً كبيراً منها يمتلكه شخصيات إخوانية ولا تزال هذه الشركات تخرب في الاقتصاد المصري بكل الطرق وتجمع عملات وتهربها للخارج بطرق شتي تنفيذاً لأوامر قيادات الجماعة الهاربين خارج مصر. *** لذلك تحتاج شركات الصرافة جميعها إلي منظومة جديدة من الضوابط حيث تمارس نشاطها خارج المنظومة البنكية وتبيع وتشتري بدون إيصالات وتضارب في الأسعار ووصل فارق السعر في بعضها لأكثر من 70 قرشاً في الدولار الواحد. لا ينبغي أن يقف البنك المركزي عاجزاً عن اتخاذ إجراءات كافية لحماية الجنيه من جشع وطمع أصحاب شركات الصرافة الذين يتسابقون في إهدار قيمته أمام الدولار ويجمعون ما يتوافر منه بأسعار أعلي من المعلنة في البنوك ويبيعونه بفارق كبير لتجار البانجو ومستوردي السلع التافهة من الصين وغيرها من دول العالم. لابد أن يعترف البنك المركزي أن سياسات محافظيه السابقين الخاطئة قد تسببت في إهدار أكثر من 50 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي خلال السنوات الخمس الماضية. ولابد أن يعترف المسئولون به أنهم عاجزون عن ردع شركات الصرافة التي انتشرت في كل الشوارع والميادين في مصر وأصبحت تنافس المقاهي وأنهم لم يتخذوا الإجراءات الجريئة لوقف مضاربة هذه الشركات علي الدولار وتحصيل أرباح فاحشة من فروق الأسعار مما صرف المواطنين والسياح والتجار عن استبدال ما لديهم من عملات عن طريق البنوك والاتجاه إلي أصحاب التجارة السوداء طمعاً في فروق السعر وهي ليست بسيطة. *** داخل بعض الشركات الصرافة تشعر أنك داخل وكر لبيع المخدرات فالأسعار المعلنة داخل الشركة مجرد "ديكور" حماية.. فعلي أبواب هذه النوعية من الشركات يقف بعض الشباب الذي يساومك علي ما معك أو ما تحتاجه من دولار ثم يركنك علي الرصيف حتي تتم العملية خارج نطاق مكتب الصرافة وكل زبون وشطارته في البيع والشراء وقدرته علي المساومة.. وفي شركات أخري تجد كذباً وخداعاً لا حدود له حيث تشتري هذه الشركات الدولار بالسعر الرسمي أمامك وترفض بيعه لك بحجة عدم وجود دولار فهي تخرج المبلغ الذي يتم شراؤه لأحد أتباعها الذين ينتشرون حول الشركة في نفس لحظة الشراء وتعتذر لك بأن عميلاً آخر حصل عليه قبلك وتزين خداعها لك بعبارة "مر علينا بعد شوية يا أستاذ وربنا يسهل!!" أما النوع الثالث من شركات الصرافة فأصحابها يتمتعون ببجاحة غريبة تؤكد أن الدولة فقدت السيطرة علي كل شيء حيث يشتري هؤلاء الدولار أمامك بالسعر الرسمي من مواطنين بسطاء ويعرضونه عليك بسعر خيالي يزيد علي سعر الشراء بثلاثين قرشاً علي الأقل للدولار الواحد وعندما تعبر عن ذهولك ودهشتك من هذا الفارق الكبير تسمع عبارات تحرق دمك وتضطر للانصراف من هذه الأوكار المشبوهة في هدوء وسلام حيث يستعين أصحاب هذه الشركات ببعض البلطجية لحراستها والتدخل لعمل الواجب وقت اللزوم وقد تفقد ما معك من عملة مصرية قبل أن تشتري بها ما تريد إذا ما اعترضت علي تجارتهم القبيحة أو واجهتهم بحقيقة ما يمارسون من جشع. *** ضبط سعر الدولار خلال المرحلة القادمة من أهم واجبات محافظ البنك المركزي فكل شيء في مصر يرتفع سعره مع كل ارتفاع للدولار. وكل بائع تسأله عن سبب الزيادة في الأسعار يقول لك "البركة في الدولار" ومن المتوقع خلال الأيام القادمة أن تتضاعف أزمة الدولار بسبب تراجع أعداد السياح وهو ما يضع مسئوليات أكبر علي محافظ البنك المركزي الجديد الذي نتمني له التوفيق لاتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحماية الاقتصاد المصري من أزمات جديدة والحفاظ علي ما تبقي من كرامة للجنيه المصري.