من بين مئات الرسائل التي ترد إلي "نفوس منكسرة" استوقفتني هذه الرسالة التي تحمل معاني كثيرة أولها الرضا بالمكتوب والصبر وفي نفس الوقت تحمل اقسي معاني الأنانية والخداع.. بطلة هذه الرسالة هي الحاجة كمونة التي تبلغ من العمر 60 عاماً سيدة بسيطة رقيقة الحال لا تجيد القراءة ولا الكتابة بينما تطوعت جارتها إحدي طالبات الجامعة بكتابة قصتها لعل تجد من يساعدها ويقدم لها العون ويحقق أحلامها. تقول في بداية رسالتها أنا سيدة مطلقة تركني زوجي منذ سنوات طويلة بسبب عدم إنجابي ومن هنا بدأت تروي قصتها التي اطلقت عليها صفة "المأساة" لقد نشأ حلم الأمومة عندي مند طفولتي حيث كنت أرعي دميتي الصغيرة التي كانت تصنعها لي أمي من بقايا القماش القديم وكنت اقوم بالاهتمام بها وأضمها إلي صدري. وببراءة تلك السن كنت أعيش نشوة الأمومة وكبر معي حلمي وأنا علي أبواب الزواج فقد كان في خاطري أن أنجب "دستة" من الاطفال أعوض بها وحدتي خصوصاً أن والدي لم ينجبا غيري. تضيف: عندما بلغت من عمري 18 عاما تزوجت بشاب يكبرني بخمس سنوات وحينها لم يراودني شك أبداً في أنني اقتربت من تحقيق حلمي وأخذت أعد الأيام والليالي في انتظار شيء فقررنا أنا وزوجي الذهاب إلي الطبيب وكانت النتائج جميعها تشير إلي سلامتي وقدرتي علي الانجاب لكن الصدمة كانت أن فحوص زوجي الطبية أظهرت عيباً خلقياً يمنعه تماماً من الانجاب وأن لا أمل أبداً في أن يصبح أباً ذات يوم. تسترسل الحاجة كمونة كلامها والحسرة واضحة في نبرات صوتها وتقول: كانت الصدمة شديدة علي وعلي زوجي ولكنها كانت أشد علي أنا وعلي الرغم من ذلك تؤكد أنها سرعان ما تماسكت وأطفأت مصابيح حلمها بالأمومة ولملمت أطراف آمالها مودعة رغبتها في طفل يقول لها كلمة ماما إلي الأبد. تتابع: لقد قررت الاستمرار مع زوجي ومشاركته هذه المحنة وقلت له في لحظة إنسانية: لا أريد من دنياي سواك. إلا أنها تحكي ما مرت به من معاناة بعد ذلك تقول: لم نوضح لأحد في الدنيا حتي أقرب الناس وبإيعاز مني من هو المسئول منا عن عدم الانجاب ولكن كعادة الناس في مجتمعنا كنت أنا الوحيدة المتهمة بذلك وظلت قسطاً من الزمان أتحمل سياط السؤال المزعج هل يوجد شيء "حمل" علي الطريق؟ وكنت أسمع بأذني أمه واخواته يحثثنه علي الزواج بأخري من أجل الانجاب ولكني قلت لا بأس سأضحي بأمومتي من أجله. أضافت: مرت الأيام والسنوات بيننا وأنا أتعذب بصمت أري من حولي أطفال قريباتي وصديقاتي فيتقطع قلبي.. في يوم مشئوم زار زوجي جار لنا ونصحه بالزواج من شابة صغيرة يمكن أن يرزقه الله بأطفال وانتظرت الرد المناسب من زوجي ولكنني فوجئت بابتسامة عريضة والموافقة علي كلامه مما اثار انتباهي ألا يعلم بحقيقة مرضه وماذا يفكر بعد أن بلغنا من العمر ارذله وتخطيت فيها مرحلة الانجاب ولكني حينها لم اهتم كثيراً ولكن ثمة مفاجأة عشتها ولم أتوقعها أو اصدقها تكشف عنها بأسي. وتقول: لم يمر عام علي حديث جارنا مع زوجي حتي وصلني خبر أكيد عن زواجه بأخري لم أصدق حينها وعندما واجهته اعترف بل أخبرني أنه يحاول مرة أخري عسي أن يرزقه الله بابناء وقال بكل وقاحة إنه لجأ إلي الزواج بها لأنها صغيرة في السن ويمكنها منحه الطفل الذي حلم به طوال حياته هكذا علمت أخيرا وبعد أن ملأ الشيب رأسي أن تضحيتي ضاعت هباءً منشوراً إنني كنت أعيش مع زوج أناني حرمها نعمة الأمومة في شبابها والآن يحرمها في خريف عمرها من كنف الزوج الوفي. تختم بحسرة وألم تركني زوجي دون أي عائل أو مورد رزق أعيش منه ولا صحة اقتات من خلالها اناشد أهل الخير واصحاب القلوب الرحيمة الوقوف بجواري في محنتي ومساعدتي بمبلغ اعمل به أي مشروع صغير حتي استطيع أن أعيش حياة كريمة تغنيني عن السؤال ببناتي لمن يريد المساعدة لدي "نفوس منكسرة".