عندما تقابل نجماً مثقفاً وواعياً لا يقتصر حوارك الصحفي معه علي الجانب الفني فقط. ولكن وعيه يجبرك علي الخوض في الأمور الحياتية. بما فيها السياسة التي غرقنا فيها جميعاً خلال السنوات الأخيرة. ورغم أن لقائي مع النجم اللبناني وائل جسار كان أثناء عمل فني. إلا أن السياسة غلبتنا. فكانت "دردشة" سياسية فنية. قلما تجدها الا مع شخص يعتمد علي ثقافته في الحفاظ علي نجوميته ولمعانه. بساطته الشديدة تغلب علي حديثه. ولذلك بدأنا حوارنا ل "الجمهورية الأسبوعي" بالسياسة: الوطن العربي من 2011 في حالة فوران غير عادية.. كيف تصف ما حدث؟؟ أنا لا أتحدث بالسياسة. أطلع عليها فقط. ولكن يمكنني القول إن أمريكا واسرائيل تلعب بنا مثل قطع الشطرنج. ومازلنا غير واعين بما حدث. أو واعين ولا نريد فهمه. وهذا الأخطر. أتمني من كل الشعوب العربية أن تنتبه علي بلادها. نحن نستحق السلام وأن نتطور أكثر من ذلك. لدينا عباقرة يجب أن نحصل علي خبراتهم كي نتقدم. بالتالي لا أحس أن هذه الثورات نجحت. لاشك أنها قامت بسبب الجوع وتعب الناس وفساد الكبار. ولكن التصحيح يتم بطريقة ديمقراطية علمانية. ونحن نسير في طريق الأسوأ. هل تعتبر ما حدث مؤامرة صهيونية أمريكية؟ تفتيت المنطقة العربية بطريقة آمنة لهم. الأمريكان تعلموا من خسارتهم في العراق. فقرروا أن تكون الحروب والتفتيت بيد أبناء الدول العربية. وتركونا نقاتل بعضنا. مصر وتونس هل وصل بك الحال للخوف من الاضطراب الأمني سواء في مصر وتونس؟ الجميل بمصر وتونس أنه رغم ما حدث بها. لكنها ظلت متماسكة. أكثر شيء كان جيداً أمنها الداخلي. أما عندما يصير تفكيك متعمد لبنية تلك الدول. وقتها تحس بالخوف والرهبة. ولما زرت مصر بعد ثورة 30 يونيو وجدتها بألف خير نظراً لتماسك الجيش والدولة. والأمن بشكل عام. وأتمني لسوريا الحبيبة وليبيا واليمن السلام مثل مصر وتونس. هل تسمي ما حدث في سوريا "ثورة"؟ أعتقد أن ما حدث في سوريا ليس ثورة. كان هناك استبداد بمحل ما. والناس تعبت منه. ولكن الحل ليس بهذه الطريقة نهائياً. زرت سوريا بعد 2011؟ للأسف لا. هل تتمني زيارتها؟ أكيد طبعاً. سوريا من البلدان التي استقبلتني بقوة في بداياتي. وأنا أحترم هذا الشعب والبلد. وأتمني أن ترتاح ناسه مما يحدث. فإذا لم تنتهي الأوضاع في سوريا علي خير ستظل المنطقة العربية في خطر كبير. سوريا هل تدعو الجيش العربي السوري أن ينتصر علي الارهابيين؟ أدعو للسلام في المنطقة العربية كلها. وأتمني أن ينتهي الوضع سريعاً. من السياسة إلي الفن.. كنت حاضراً في حفل تكريم وردة بالجزائر.. فهل تجد جيل الكبار انتهي تماماً؟ الكبار والعمالقة لا ينتهون. نحن وأجيال بعدنا نتعلم منهم ومن تاريخهم وابداعهم. لنا بصمتنا الشخصية. ولكن يظل جيل العمالقة هو منهل فننا الشرقي الأصيل. طوال 10 سنوات علي القمة. ألا تجد أن غناء نوع واحد قد يضر وائل جسار؟ أكثر لون يجذب ذائقة الفنان وجمهوره. يصبح جزءا من هويته الفنية. ولذلك فالأغنيات الرومانسية طغت علي عملي. وعشقها الجمهور. وبالتالي يصعب علي الفنان تغيير مساره. قد يحاول التجديد بأغنية أو اثنين في الألبوم. لكن مع عدم طغيان ذلك علي هوية الفنان الأصلية. واختاره لك الناس من البداية. النجوم الكبار أنفسهم غيروا انتاجهم في مرحلة ما من حياتهم.. ما فعله الأساتذة الكبار مثل عبدالحليم الذي انتقل من مرحلة كمال الطويل والموجي إلي مرحلة بليغ حمدي. لم يكن تغييراً جذرياً. ظل احساسه العالي كما هو. وشرقية أعماله. ولكن بنوع موسيقي مختلف من خلال تطوير الألحان. هل تري تردياً في الانتاج الموسيقي العربي؟ أري فقط اهتماماً من الاعلام المكتوب والتليفزيوني بالدعاية للرديء. وهذا ليس معناه ان الأعمال الراقية غير موجودة. هي فقط منقوصة الدعاية. والسبب الاعلام. الذي لا يسأل ما هي امكانيات الفنان الذي يقدمه. وما هي موهبته وقدراته. يجب علي الصحافة والتليفزيون مراجعة حساباتهم. وتشجيع العمل الجيد. الفن والصحافة ألا تري ان السبب في ذلك هو العلاقة السيئة بين الفنان والصحفي؟ عن نفسي. الصحافة تلعب دورا مهما جداً في حياة الفنان. يجب أن يكونوا بجانبنا. وأن نكون بجوارهم. وأي خبر عن الفنان يجب علي الصحفي أن يتصل به ليتأكد منه. وأتمني من كل زملائي ألا يتكبروا علي الصحافة. فهي لها الفضل الأول في انتشارنا بالعالم العربي. ولو تكبر الفنان عليها. فقلم الصحافة لاذع. وبنفس الوقت حلو جداً. واحتمال كبير عندما لا تكون للفنان صلة وصل مع الصحافة. تجد علاقة لا شعوريا متوترة بينهما. بعد طغيان القرصنة علي سوق الانتاج الموسيقي العربي.. هل هناك أمل في انتاج غنائي جيد؟ القرصنة تسببت في توقف معظم شركات الانتاج. والتعاقدات الآن تتم بين الفنانين والشركات بحسب حجم الفنان علي السوشيال ميديا. فسوق الكاسيت كان بالثمانينات والتسعينات. وسوق الأقراص المدمجة كان بعد الألفية. والآن سوق السوشيال ميديا. وانتبهت شركات الانتاج للتوزيع عبر الوسيط الجديد. وتبحث عن الأكثر جماهيرية علي ذلك الوسيط. ما هي مشروعاتك بالقاهرة خلال الفترة المقبلة؟ القاهرة ليست محطة للمشروعات الفنية فقط. القاهرة بيت وحياة أعشقها. ومصر كلها لها في قلبي مكانة كبيرة سيعرض لي برنامج تليفزيوني علي شاشة ام بي سي مصر. بخلاف نشاطات فنية عدة من حفلات وأغنيات جديدة من القاهرة.