ونحن في هذه الأيام الطيبة والمباركة بخاصة في ليلة النصف من شعبان ما أعظم أن نتقرب إلي الله سبحانه وتعالي بتلاوة القرآن وأن نستظل معا ب "ظلال القرآن الكريم" ونتعظ وسنجد أيضاً ان الله تنزه وتقدس قد أكد ما يلي : أولاً: ان المقاصد التي من أجلها أنزل الله تعالي القرآن علي قلب نبيه هي مقاصد سامية وأهداف عالية وغايات نبيلة ومن أهمها ما يأتي: 1- أن تكون هداية للناس بل للإنس والجن في كل زمان ومكان ومن الآيات القرآنية التي وصف الله تعالي بها كتابه بأنه هداية للناس إلي ما يسعدهم في حياتهم وبعد مماتهم قوله تعالي "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدي للمتقين" البقرة آية 2 وفي الحديث الشريف "إنما أنا رحمة مهداة" فرسالته صلي الله عليه وسلم رحمة في ذاتها ولكن هذه الرحمة انتفع بها من استجاب لدعوتها. أما من أعرض عنها فهو الذي ضيع علي نفسه فرصة الانتفاع. 2- أن يكون معجزة خالدة باقية دالة دلالة قاطعة علي صدق النبي صلي الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه قال تعالي "فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين" سورة الطور الآية .34 3- أن يتقرب الناس إليه سبحانه بتلاوته وبالاستماع إليه وبتدبر معانيه ولقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بالبشارات المتعددة للذين يقرأون القرآن الكريم أو يستمعون إليه بخشوع وتأمل. قال تعالي "إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور" سورة فاطر الآية 29 ومنها قوله عز وجل "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون" الأعراف آية 204 وأما الأحاديث النبوية التي وردت في فضل قراءة القرآن وفي عظم ثواب من يفعل ذلك فهي كثيرة. فمنها ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي امامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه" وأخرجه البخاري في صحيحه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به أي مجيد لتلاوته - مع السفرة الكرام البررة أي مع الملائكة المقربين في الدرجة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه : أي ويتردد عليه في قراءته وهو عليه شاق له أجران عند الله" وأخرجه الإمام الترمذي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول: ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف. ثانياً: وان أول ما نزل من قرآن علي الاطلاق علي قلب رسول الله صلي الله عليه وسلم هو صدر سورة اقرأ وان آخر ما نزل من القرآن علي الاطلاق علي النبي هو قوله تعالي "واتقوا يوما ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" البقرة الآية 281 وهكذا نجد ان المدة الزمنية بين أول ما نزل من قرآن وآخر ما نزل تصل إلي ثلاث وعشرين سنة وخلال تلك المدة الطويلة نتابع نزول القرآن علي النبي أي ان القرآن لم ينزل عليه دفعة واحدة وإنما نزل مفرقا في تلك المدة الطويلة. "ويتواصل الحديث"