إذا كان المصطفي - صلي الله عليه وسلم - الصادق الأمين رحمة الله للعالمين مسلمين وغير مسلمين قد أخبرنا في حديثه الصحيح المتواتر أن إماطة الأذي عن الطريق صدقة أي عمل له جزاء وثواب عند الله كما أخبرنا الصادق الأمين أن رجلا "أماط فرعا" من الشوك أو شوكة من الطريق أدخله الله الجنة لأن الشوكة قد تؤذي الناس أو الدواب سيان. فما بالنا لا نهتم بإزالة الأذي من الطرق والشوارع بل نزرعها زرعا شوكا مسمما حارقا. إن الرسول الكريم قد يكون قد تعفف عن ذكر عقاب من يزرع الأذي في الطريق لأنه كان يستبعد أن يقوم إنسان بذلك في عصره أو في غير عصره مهما كانت عقيدة هذا الإنسان أو دينه. بعض سائقي عربات النقل يلقون مخلفاتهم علي قارعة الطريق بدلا من إلقائها في المكان الذي خصصته الدولة لذلك وعلي من يريد أن يتأكد من ذلك يذهب إلي منطقة الوفاء والأمل ليجد أن بعض السائقين لا يدخل المقلب حتي لا يدفع رسوما ويلقي بحمولته علي طريق أسفلتي سريع مزدحم نهارا مظلم ليلا. لماذا يفعل السائق المصري ذلك؟ متجاهلا الترغيب في الجنة والتخويف من النار متجاهلا ما قد يحدث من حوادث للسيارات وقتل وإصابة مواطنيه بسبب استهتاره وقد تدور الدائرة عليه يوما ما. إن بعض السائقين مشكورا يلقي بحمولته كومة واحدة وبعضهم يفرشها علي مسافة طويلة من الطريق ليحدث أكبر إعاقة ممكنة وأكبر عدد ممكن من الحوادث فبماذا يفسر علماء النفس والاجتماع ذلك؟.. هل هذا السائق ينتقم من المجتمع وإذا كان كذلك فإن المجتمع المصري بمؤسساته وأفراده قادر علي حماية نفسه من عبث العابثين واستهتار المستهترين. ومن العجيب أيضا أنك تري في المدن الجديدة أو القديمة علي السواء عمال الزراعة يلقون بمخلفات زراعتهم في الطريق وفي اليوم التالي يأتي عمال النظافة لكنس الشوارع وإلقاء مخلفاتهم في الحدائق أي أنها خيانة وغدر متبادلين ولا أحد يزجر أحدا رغم أن تنظيم وعقود العمل يوفر لهؤلاء وهؤلاء وسيلة نقل لنقل المخلفات للمدافن الصحية. هل يتصور أحد أن أعمدة الإنارة في كثير من الشوارع مظلمة ليس تقصيرا من الدولة ولكن إهمالا من مسئول صغير أو كبير لا يهمه أمن الناس. هل رأي أحد عمال النظافة يقفون بأدواتهم أمام المساجد في رمضان ينتظرون الصدقة والمداخل للمساجد غير نظيفة لا تليق ببيوت الله ولماذا يهتم خطيب المسجد بالحديث الصحيح والسند والمتن ولا يهتم بتوعية الناس أمام ناظريه وتحت قدميه ولماذا الوعد بالجنة والتخويف من النار وتجاهل الحياة الدنيا ونظافتها وبهجتها ورونقها الحلال وزينة الله التي وهبها لنا. زرع الأذي في الطريق سواء بإلقاء المخلفات أو قطع جسم الطريق أو مخالفة قواعد المرور وتجاهل الآخرين وحقوقهم علينا يستحق عقاب الله في الدنيا والآخرة ويستحق تضافرا من المجتمع مع أجهزة الدولة لوقف هذا التخريب وإهدار الوقت والمال والجهد. والعدو أي عدو لنا لا يستطيع أن يفعل بنا من الأذي ما نفعله نحن بأنفسنا لجهل مواطنينا وسائقينا الذين يستحقون الحرمان من مهنتهم مدي الحياة إن هم أساءوا إلي بلدهم ومواطنيهم. لقد سخر الله لنا الإذاعة والتليفزيون لتكون أداة للبناء وللترفيه والتسلية ومع الترفيه والتسلية وتوعية وتثقيف بدلا من إهدار الوقت كله فيما لا يفيد. ولو أخلص المعلمون كما يأمل فيهم أبناء الوطن لزرعوا في الصغار والكبار الولاء لهذا الوطن العظيم الذي يستحق كل حفظ ورعاية ولأعادوا للشعب المصري شهامته المعهودة وإيجابيته المطلوبة. مرة أخري إذا كانت إماطة الأذي عن الطريق صدقة فإننا نحسب أن عمال نظافة الشوارع وتمهيد الطرق هم أوفر حظا عند الله واستحقاقا لمثوبته ونحسب كذلك أن زارعي الأذي في الطرق والشوارع هم مخربون عابثون مجرمون في حق وطنهم ومواطنيهم ولا يستحقون أي رحمة أو تهاون. أما المخربون الذين ينسفون ويزرعون القنابل فحسابهم عند الله لهم في الدنيا خزي وسوء عاقبة وفي الآخرة عذاب عظيم وهم لا هدف لهم إلا التخريب وإضعاف مصر. والإسلام بريء منهم تماما لأنه دين السماحة والبناء وعمران الأرض.