الجهود التي تبذلها الحكومة حالياً للنهوض بالاقتصاد المصري يجب أن تنعكس نتائجها علي الحياة اليومية للمواطن. سواء في تحسين الخدمات المقدمة إليه. أو في جودة وأسعار السلع التي يشتريها من الأسواق. ولن يحدث هذا إن لم يكن هناك رؤية متكاملة تعيد تخطيط منظومة التجارة الداخلية. مع توافر أجهزة رقابية تمتلك الخبرة والأدوات اللازمة للسيطرة علي السوق بالإضافة إلي توافر التشريعات والقوانين التي تحمي المستهلك وتقنن عمل هذه الأجهزة. إن حالة الانفلات الأمني التي حدثت بعد ثورة يناير. وزيادة حالات التهريب الجمركي. أدت إلي اغراق السوق ببضائع وسلع مستوردة ورديئة ومخالفة للمواصفات وتعرض حياة المستهلكين للخطر. ناهيك عن الاضرار التي تسببها للصناعة الوطنية والمنافسة غير المشروعة للانتاج المحلي. لقد آن الأوان لاحكام الرقابة علي المنافذ الجمركية. وتطبيق المواصفات القياسية علي السلع المستوردة بكل حزم. وتفعيل الدور المنوط به جهاز حماية المستهلك. وتزويده بالخبرات والامكانيات التي يحتاج إليها. لمراقبة الأسواق. بالإضافة إلي تفعيل دور مؤسسات الرقابة التجارية والصناعية واحترام العلامات التجارية وتطبيق نصوص القانون وإجبار الشركات والمؤسسات الانتاجية علي الالتزام بها من أجل حماية المستثمر والمستهلك معا. خاصة أن الفترة الأخيرة قد شهدت انتشار العشوائية في تداول السلع دون رقابة. مما ساهم في تقليد العلامات التجارية وضرب المنتجات الأصلية في مقتل. لقد نجحت قرارات البنك المركزي في ضبط إيقاع سوق النقد الأجنبي. ووقف استيراد كميات كبيرة من السلع المستوردة التي كانت تغرق السوق المصري. لكن يجب أن تكتمل هذه الإجراءات باحكام الرقابة علي الأسواق ومنع تداول أي سلعة مخالفة للمواصفات أو محظور استيرادها أو ذات علامة تجارية مقلدة. إن سياسة السوق الحر لا تعني الفوضي. ولا تعني السماح لكل صانع أو تاجر أو مستورد أن يفعل ما يحلو له دون رقيب. ولا تعني رفع يد الدولة عن النشاط الاقتصادي. وأن نجاح هذه السياسة تستوجب وجود أجهزة لتنظيم السوق. تسمح بالمنافسة الحرة الشريفة وتمنع الاحتكار وتحمي المستهلك بنفس القدر الذي تحمي فيه المنتج والصانع والتاجر الملتزم. لذلك يجب علينا جميعاً الوقوف بجانب جهاز حماية المستهلك وتقدير القائمين عليه لما يبذلونه من جهد كبير.