استغل المخالفون غياب الدولة.. وطناش المسئولين بالري واستباحوا حرمة النيل الطاهر.. وحولوا جانبيه إلي صالات أفراح وكافتيريات وأندية بدون ترخيص.. وبمباركة صغار الموظفين ومساعدة ضعاف النفوس.. نجح البعض في توصيل المرافق لهذه المخالفات. فلل وقصور الكبار فلل وقصور الكبار تخرج لسانها لباني نهضة مصر الحديثة "محمد علي" في القناطر الخيرية ومئات الكافتيريات غير المرخصة حتي وصل الأمر إلي ردم جانبي النيل بالقناطر وسط صمت رهيب وغير مبرر من قبل مسئولي الري بالمنطقة الذين اكتفوا بتسجيل المخالفات ورصدها فقط من باب سد الخانة ونفس الحال علي طريق باسوس القناطر الذي تحول لكتل خرسانية علي أراضي طرح النهر بطريقة أصبحت تشكل أمراً واقعاً يصعب لأي مسئول قادم أن يفعل شيئاً حيال هذه المخالفات. وفي بنها لم يختلف الأمر كثيراً حيث عشرات الأندية التابعة للنقابات بطول النهر اقيمت بدون ترخيص حتي هذه اللحظة وبجوار هذه الاندية أقام عدد كبير من المخالفين خلال الأعوامه الثالثة الماضية والعديد من الكافتيريات وصالات الأفراح أكثر من 5 آلاف مخالفة أكدتها التقارير الرسمية ومحاضر ودفاتر سجلات الري علي مستوي المحافظة باستباحة المجاري المائية ومنها النهر العظيم. تشريع جديد المهندس محمد عبدالظاهر محافظ القليوبية فوجئ بحجم الكارثة والمأساة لدرجة اصابته بالدهشة والعجب من طناش جميع المسئولين سواء بالحكومة المركزية أو الاقليم علي هذه التعديات حتي وصلت إلي حد لا يطاق ولا يحتمل بأي حال من الأحوال ومنذ أن وطأت قدمي الإقليم وهو يصرخ من حجم التعديات ومخالفات المباني واستباحة نهر النيل لكن من الواضح أنه يؤذن في مالطة فأرسل من تلقاء نفسه خطابا للجنة الخمسين متوسلا لها ان تضع نصا في الدستور الجديد يجرم التعدي علي نهر النيل ويعاقب بشدة من يرتكب هذه الجريمة ولم يكتف الرجل لشعوره بخطورة الأمر بما فعله مع لجنة الخمسين فأرسل خطابا آخر موثقا بالتعديات وأشكالها المختلفة داخل نطاق المحافظة لوزير الري كي يتحرك بالتنسيق مع الأجهزة المعنية بالمحافظة لوقف هذه المهزلة وقبل ذلك له تصدي بشجاعة وجرأة غير مسبوقة لكثير من التعديات المستفزة علي النيل ببنها ومنها صالات الأفراح علي كورنيش كفر الجزار ليدخل كما يقولون عش الدبابير لأن بعض هذه المخالفات يقف وراءها "علية" القوم ومعهم بعض المسئولين في أجهزة مختلفة ربما لا يظهرون في الصورة وبالمرة كما أن بعض البلطجية والخارجين عن القانون الذين أرداوا أن يأخذوا حظهم من التورتة. ورغم ذلك مازال المحافظ يصرخ ويؤكد أن الأمر يتطلب إرادة سياسية حقيقية من كل أجهزة الدولة وليس الري فقط لأن الأزمة القادمة هي نهر النيل لذلك من وجهة نظره نحن في حاجة إلي "قيصر" جديد لأزمة المياه ولابد من تشريع أو قانون عاجل في هذا الشأن يضع حدا لهذه التعديات ويجرم ويحرم نهائيا التعدي علي نهر النيل بأي شكل من الأشكال لأن ما يحدث جريمة في حق الوطن والأجيال القادمة. حملة للإزالة أشار المحافظ إلي أنه لم ولن يتواني في التصدي للتعديات علي نهر النيل مهما كلفه الأمر من تضحيات ربما تصل إلي التعرض له شخصيا من قبل المخالفين لأن الأمر أصبح غاية الخطورة ولابد أن يشعر المخالف مهما كان حجمه أو وزنه بقبضة الدولة ووجودها علي الأرض من خلال التصدي لهذه المخالفات الصارخة التي استباحت حرمة النهر العظيم لتشوه أجمل ما في مصر من "هبة" وهبها الله لهذا الشعب بينما البعض يحاول تدميرها ربما يأتي اليوم الذي نندم فيه جميعا علي التفريط في هذا النهر. أضاف المحافظ أن حملات الإزالة للتعديات علي النهر لم تتوقف من جاء للاقليم خاصة علي نيل العاصمة ببنها والجهة المقابلة للمحافظة بناحية كفر الجزار لكن إزالة التعديات وحدها لا تكفي لابد من التوعية بخطورة هذا الأمر والإعلان بصراحة ووضوح أمام الشعب عن حجم المأساة التي تواجهنا بعد السد الإثيوبي والإسراع في إصدار القوانين والتشريعات اللازمة للحفاظ علي النهر لأن المسألة أصبحت حياة أو موتاً لكن للأسف البعض مازال ينظر تحت قدميه فقط وتلك هي المصيبة بجد لأننا أحوج ما نكون خلال هذه الفترة لاستشراق آفاق المستقبل برؤية واضحة وخطوات جادة. الري يساعد علي التعديات الأخطر في هذه القضية أن إدارة الري نفسها تمنح تراخيص بسهولة غير عادية لبعض المخالفين علي النيل عن طريق طلبات يتقدم بها المخالفون لتقنين أوضاعهم مقابل سداد إيجار للري وبالفعل تمنح هذه الإدارات خطابات للمخالفات فيتوجه بها للمحليات لتوصيل المرافق وهنا تكمن المشكلة لأن المخالف هنا تقنن وضعه بهذه الخطابات وكثير من المخالفين علي كورنيش النيل ببنها حصلوا علي هذه الخطابات من ري "زفتي" لأن ري بنها يتبع ري زفتي وللأسف تكررت هذه المشكلة كثيراً وعندما شاهدها المحافظ في جولته الميدانية علي الطبيعة ضرب كفاً بكف وصرخ قائلا إنكم تبيعون البلد والنهر والتاريخ لن يسامحكم فرد عليه بعض المسئولين في الجولة واحنا مالنا.. ما الري هو الذي منحهم خطابات بترخيص هذه الأماكن. حصر المخالفات طلب علي الفور تشكيل لجنة لحصر هذه المخالفات الصارخة وتصويرها وتوثيقها وإرسالها لوزير الري للتحقيق فيها وأكد المحافظ لمسئولي المحليات المرافقين له في لجولة قائلا: "إذا ثبت من التحقيق تورطكم في هذه الجريمة مع الري سوف أقطع رقبتكم ولن نرحم كل من ساهم في إهدار حق الدولة وحرمة نيلها بهذا الشكل وطلب المحافظ من لجان المتابعة رصد كافة أشكال التعديات علي النيل وتحديد أصحابها والموقف القانوني لكل حالة من حالات التعدي علي حدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها مؤكداً أهمية أن يشعر المخالف بوجود الدولة مشيراً إلي أن مهمتنا ليست في تسجيل وحصر المخالفات في دفاتر فقط بل نحن مطالبون بالإزالة أيضا وللأسف الري لا يتبع المحافظ أي محافظ فنيا والحكومة تحدثنا كل يوم عن تطبيق اللامركزية فماذا أفعل مع مسئولي الري مثلا إذا ارتكبوا أي خطأ أو أي شيء لأنهم في النهاية يتبعون الوزير وحينما يتحدث أحد عن تلوث النيل أو التعديات علي النيل تأتي علي الفور سيرة المحليات لكن هذا لا يعني التنصل من المسئولية بل نحن جميعاً شركاء في هذه الجريمة التي ترتكب يومياً في حق النهر.