وسط حالة من الكآبة والحزن سيطرت علي نفسي مثل كل المصريين طيلة الأسبوع الماضي بسبب حادث المنصورة الإرهابي الجبان. جاءت كلمات الفريق السيسي في حفل تخريج الضباط المعلمين قوية دافئة تبث الأمن والطمأنينة والثقة في نفوس المصريين.. تحثهم علي قبول التحدي لتخطي المرحلة الانتقالية الحرجة والتحديات والمؤامرات المحيطة بالوطن. تؤكد لهم أن الله معهم لأنهم علي طريق الحق المبين. لن يتركهم نهبا لهذا الإرهاب الأسود التي تستمرئه وتؤيده تلك الجماعة الملعونة بعدما ضلت الطريق ودخلت في نفق الإرهاب بإرادتها. قبل أن توصمه بها وتعلنه رسميا الحكومة المصرية. ظنت هذه الجماعة أن الشعب بقادر علي أن يتحمل تجاربهم الفاشلة وكأن الوطن حقل تجارب باسم الشرعية المزعومة والأصوات الطائشة التي ضلت طريقها في صناديق الاقتراع. ومع تطلعنا مثل كل شعوب العالم للأمن والاستقرار والحرية والديمقراطية.. شاءت الأقدار أن نحيا بعد الثورة ضد الظلم الاجتماعي كل هذا الحزن وأن تنسال دماء الضحايا بلا ذنب بسبب شبق تلك الجماعة المتأسلمة للسلطة والحكم وهي تبحث عن مشروع إقليمي واهم لا تمتلك آلياته ولا أدواته. ولا تتمتع حتي كوادر تلك الجماعة بالخبرة والدراية السياسية التي تؤهلهم لتنفيذ مخططهم الذي اخترقته أجهزة الاستخبارات العالمية لتحقيق مآرب ومصالح دول عظمي تفسح الطريق للربيبة المدللة لأطماع توسعية في المنطقة. وسط كل هذه المعادلات السياسية. وكم الحزن والأسي جاءت كلمات الفريق السيسي وكأنها تعيد حلما عزيزا لدي المصريين حطمته قوي الشر العالمية في ستينيات القرن الماضي وجاءت الخاتمة الدرامية الفاجعة بوفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لكي تجد مصر والمصريين أنفسهم في مفترق طرق وهوة سحيقة شعرنا نحن جميعا بالخوف والفزع ليس علي المشروع القومي الوليد فحسب.. ولكن علي مصر نفسها وقد غاب عنها الزعيم والراعي والحضن الدافيء الذي يحتضن كل المصريين الفقراء قبل الأغنياء وشركاء الأمة والوطن قبل أن تدين الدولة بدينهم.. وقد استشعرنا أن الحاقدين والطامعين والمتآمرين علي مصر لن يمتنعوا حتي ولو طالت السنون والعقود من الزمان. * * * في هذه الأجواء الحزينة بسبب الإرهاب وشغب وممارسات صبيان الجماعة الحمقاء في الشوارع والجامعات وتحديات المرحلة الانتقالية والعبور الجديد بخارطة المستقبل لاستعادة أمن مصر واستقرارها وتوازنها الاقتصادي والاجتماعي ودورها الرائد في المنطقة جاءت كلمات الفريق وقد خرجت من القلب نبرة قوية حاسمة تعلن لشعب مصر العظيم أنه لا قلق ولا خوف أبدا أبدا.. يكرر عباراته بصوته الدافيء المحب لمصر وللخير وللسلام. والبناء والرخاء بأن علي الشعب ألا يخاف.. وأن من يمس أمن المصريين لن يتركه جيش مصر علي وجه الأرض. رسالة قوية للخارج قبل الداخل.. أنه عاد لمصر القائد والزعيم الذي غاب عنها طيلة 43 عاما منذ رحيل عبدالناصر. وتذكرت في هذه الأجواء المشحونة بالأحاسيس والمشاعر الحانية علي مصر والمصريين قصيدة الشاعر الراحل الكبير نزار قباني وقد كتبها في رثاء عبدالناصر وقرأتها صبيا في أيام الوداع وكانت بعنوان "السيد نام" يدعو فيها المصريين للصبر. ويؤكد لهم أن الزعيم لم يمت. وأنه في مجرد غفوة. وسوف يبعث من جديد. وبعيدا عن مسألة ترشح الفريق السيسي أو عن ترشحه للرئاسة.. فهذه مسألة حسابات سياسية معقدة نتركه ومؤسسته العسكرية الوطنية تقدرها وفقا لما فيه مصلحة الوطن. ولكن استأذن القراء الأعزاء أن يقرأوا هذه القصيدة دون أن نحملها أكثر مما تحتمل إلا مشاعر الخوف والحرص والحب للوطن. "السيد نام" السيد نام كنوم السيف العائد من إحدي الغزوات السيد يرقد مثل الطفل الغافي.. في حضن الغابات السيد نام.. وكيف أصدق أن الهرم الرابع مات.. القائد لم يذهب أبدا بل دخل الغرفة كي يرتاح وسيصحو حين تطل الشمس.. كما يصحو عطر التفاح الخبز سيأكله معنا وسيشرب قهوته معنا.. ونقول له.. ويقول لنا.. القائد يشعر بالإرهاق فخلوه يغفو لساعات يا من تبكون علي ناصر السيد كان صديق الشمس فكفوا عن سكب العبرات السيد مازال هنا يتمشي فوق جسور النيل ويجلس في ظل النخلات ويزور الجيزة عند الفجر ليلثم حجر الأهرامات يسأل عن مصر.. ومن في مصر ويسقي أزهار الشرفات ويصلي الجمعة والعيدين ويقضي للناس الحاجات مازال هنا عبدالناصر في طمي النيل.. وزهر القطن وفي أطواق الفلاحات في فرح الشعب.. وحزن الشعب وفي الأمثال وفي الكلمات مازال هنا عبدالناصر.. من قال الهرم الرابع مات؟ يا من يتساءل: أين مضي عبدالناصر؟ يا من يتساءل: هل يأتي عبدالناصر؟ السيد موجود فينا.. موجود في أرغفة الخبز وفي أزهار أنانينا مرسوم فوق نجوم الصيف وفوق رمال شواطينا موجود في أوراق المصحف في صلوات مصلينا موجود في كلمات الحب وفي أصوات مغنينا موجود في عرق العمال وفي أسوان وفي سينا مكتوب فوق بنادقنا مكتوب فوق تحدينا السيد نام وإن رجعت أسراب الطير.. سيأتينا