التحول من الإسلام إلي غيره هو المسمي بالردة في اصطلاح الفقهاء. وهي من الكبائر العظام بالإجماع. والأصل في ذلك قوله تعالي: "ولا يزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالكم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون". "البقرة:217". والحكمة من كون الردة كبيرة في الإثم: ما يحدث بسببها من فتن ولغط في الدين. والمرتد قد انتكس بعد أن عرف الحق. والإسلام لا يمنعه الاجتهاد والتفكر حتي يترك عبادة الخالق الرازق إلي غيره. أو حتي يترك اتباع الشريعة التي تعلي قول الله تعالي: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي". "النحل:90". إلي شريعة غير سمحة ترفض التعامل مع الآخر. أو غير كاملة بعدم إقرارها بنبوءة خاتم المرسلين دون الإخلال بحق واحد فيهم. عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه. ويختلف حكم المرتد في حالي الانفراد والجماعة. بمعني أن تكون الردة حالة فردية. أو حالة جماعية. ونوضح ذلك فيما يلي: "1" أما الردة في حال الإنفراد. كما لو كانت من مسلم أو مسلمين ونحوهما. فقد ذهب الحنفية إلي التفريق بين الرجل وبين المرأة في الحكم. أما المرأة المرتدة فتحبس حتي تتوب أو تموت» لأن النبي صلي الله عليه وسلم. نهي عن قتل النساء غير المسلمات وغير المقاتلات في الحرب. فالمرتدة أولي. فقد أخرج ابن حبان وأبوداود من حديث حنظلة الكاتب. قال: كنا مع رسول الله. صلي الله عليه وسلم. في غزوة فمر بامرأة مقتولة. والناس عليها. فقال: "ما كانت هذه لتقاتل. أدرك خالداً فقل له: لا يقتلن امرأة ولا عسيفاً". وأما الرجل المرتد فيستتاب وإلا قتل بحكم قضائي» لما أخرجه البخاري عن ابن عباس أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "من بدل دينه فاقتلوه". وما أخرجه الشيخان عن عبدالله بن مسعود. عن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدي ثلاث: النفس بالنفس. والثيب الزاني. والتارك لدينه المفارق للجماعة". ويري جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة: مساواة المرأة للرجل في حكم الردة. وذلك بالاستتابة أو القتل بحكم قضائي» لعموم الأدلة الآمرة بالحكم علي المرتد بالقتل. ولما أخرجه الدارقطني والبيهقي بسند ضعيف. عن جابر بن عبدالله. ان امرأة يقال لها أم رومان ارتدت. فأمر النبي. صلي الله عليه وسلم. ان يعرض عليها الإسلام. فإن تابت وإلا قتلت. "1" وأما الردة الجماعية. كما لو فارق أهل قرية الإسلام - كما حدث في عهد أبي بكر الصديق بعد موت النبي صلي الله عليه وسلم - ففي هذه الحال يجب قتالهم بلا خلاف بين الفقهاء» لإجماع المسلمين علي ذلك في عهد أي بكر الصديق ولأن هذه الردة الجماعية في حكم الحركات الانفصالية التي تعرض سلامة الوطن ووحدة أراضيه إلي الخطر والضياع. وتصير دار هذه القرية دار حرب إذا أظهروا أحكام الشرك فيها عند الجمهور. واشترط أبوحنيفة لصيرورتها دار حرب أن تكون متاخمة لأرض الشرك. وألا يبقي فيها مسلم آمن بإيمانه. ولا ذمي بأمانه. وذلك صوناً للدماء. واحتياطاً لحرمة الإنسان.