مصر وجريدة "الجمهورية" حبي وعشقي لهما بنفس درجة حبي وعشقي لأولادي وأحفادي.. فلا أتصور أنني أستطيع أن أعيش بعيدا عن مصر بمشاكلها وزحامها وبهدلتها وعدم نظافتها.. فأنا أعشق وأموت في ترابها. أيضا.. جريدة "الجمهورية" التي نحتفل اليوم نحن أبناء دار التحرير بمرور 60 عاما علي صدور العدد الأول منها يوم 7 ديسمبر 1953 كل قطرة دم في جسمي مكتوب عليها "الجمهورية".. فهي حياتي وبيتي عشت فيها أحلي وأجمل سنوات عمري منذ التحقت بها وأنا مازلت طالبا في الجامعة بقسم الترجمة ثم كتبت في كل صفحاتها وأقسامها الترجمة والفن والرياضة والحوادث والمحافظات والأخبار.. حتي صفحة المرأة كتبت فيها وأجريت حوارات مع ملكة جمال الكون "مس يونيفيرس" لنيدا اندرسون.. وملكة جمال العالم جورجينا رزق وزوجة رأفت الهجان. فراو فالتراو وغيرهن. دخلت "الجمهورية" وكان عدد كبيرمن أساتذتي اقتربوا من سن المعاش وقرر أستاذ الأساتذة المرحوم محسن محمد أن يصدر قرارا بتعيين أكبر مجموعة من خريجي كلية الاعلام دفعة واحدة لتجديد دماء وشباب جريدة "الجمهورية" التي كانت قد وصلت إلي أدني درجة من التوزيع مقارنة بأخبار اليوم والأخبار والأهرام وهي الصحف الموجودة في السوق وقتها بخلاف الصحف الحزبية الأسبوعية وكان توزيعها محدودا بعض الشيء. كان الأساتذة محسن محمد وإبراهيم نافع ومحفوظ الأنصاري يعملون بالجمهورية من بداية الستينيات.. انتقل إبراهيم نافع إلي الأهرام ومحسن محمد إلي الأخبار ومحفوظ الأنصاري إلي وكالة أنباء الشرق الأوسط. كان محسن محمد مديرا لتحرير الأخبار ثم نائباً لرئيس التحرير ومسئولا عن الديسك وعاد إلي الجمهورية رئيسا للتحرير وكان توزيع العدد اليومي يتراوح ما بين 40 و50 ألف نسخة والعدد الأسبوعي يوم الخميس ما بين 65 و75 ألف نسخة. ولم يقبل الأستاذ محسن محمد هذه الأرقام المتردية وبدأ يفكر في وسائل وأساليب جديدة لزيادة التوزيع والدخول في المنافسة مع الأهرام والأخبار وبدأ يعتمد علي الشباب صغار السن واستبدالهم بالكبار واستعان بالجرائد والمجلات الأجنبية وكان يحمل تحت إبطه كل يوم وهو خارج من الجريدة ما بين ثلاثين وأربعين جريدة ومجلة عربية وأجنبية ويرفض أن يحملها أحد السعاة بدلا منه ولا حتي عم بيومي السائق الذي رافقه حتي وفاته. كان يركب السيارة ال بيجو 504 البيضاء ويجلس بجوار السائق بيومي ويرفض أن يجلس في الكرسي الخلفي تواضعا.. الله يرحمه.. للحديث بقية وحكايات.