في كل مرة تجرف السيول التي تتعرض لها عدة محافظات خصوصاً في الصعيد وعلي الحدود تصريحات المسئولين التي تسبقها.. وهي دائماً تصريحات تحت عنوان "كله تمام".. وتحت هذا العنوان تنطلق التأكيدات حول اتخاذ كافة الإجراءات والاستعدادات لمواجهة كافة الاحتمالات.. في كل مرة تجرف السيول أول ما تجرف وعود المسئولين. فلا شيء يتم سوي علي الورق ولا محاسبة لأحد.. ودائماً يدفع الفقراء الثمن باهظاً بدمار بيوتهم وزراعاتهم وممتلكاتهم البسيطة.. ويصرخون ولا أحد يستجيب.. فلا إجراءات وقائية من اخطار السيول.. ولا إجراءات علاجية بعد وقوع الكارثة.. و"الجمهورية" تحاول كعادتها دائماً أن تسبق الأحداث وأن تقدم لقرائها والمسئولين في هذه المساحة ما يشبه الإندار المبكر.. فنحن في موسم السيول التي لا يواجهها المسئولون إلا بالتصريحات والوعود وشعار "كله تمام".. أيام قليلة تفصلنا عن موسم الشتاء الذي تحذر الارصاد الجوية العالمية من أنه سيكون شتاء قارساً في مصر حتي أن الأرصاد الألمانية قالت إن مصر ستشهد شتاء لم تره منذ 100 عام. الوضع المتوقع يستوجب أن تستعد المحافظات لمواجهة أمطار غزيرة قد تتحول إلي سيول ولكن المؤسف أن مخرات السيول في العديد من المحافظات تعرضت للإعتداء عليها وإقامة منشآت ومبان علي مخر السيل أو علي جانبيه علي الرغم من الذكريات الأليمة لما أحدثته السيول في بعض المناطق مثل طهنا الجبل بالمنيا عام 1992 حين جرفت مياه السيول مئات المنازل وكذلك السيول التي تعرضت لها قرية درنكة بأسيوط.. وقد وصلت التعديات مداها بالفيوم حيث تم ردم مخر السيول الوحيد. تعديات الأهالي مستمرة.. ومراكز الإغاثة خاوية بالمنيا باهي الروبي في مثل هذا الوقت من كل عام تتجدد المخاطر في قري شرق النيل بالمنيا.. ينتظر مئات الآلاف من سكان تلك القري ومعهم المسئولون بالجهات المعنية بين لحظة وأخري هطول الأمطار الغزيرة والسيول التي تهدد المنازل والزراعات وحتي المقابر.. يتذكر الأهالي ما حدث عام 1992 في طهنا الجبل وتهدم مئات المنازل ومصرع واصابة العشرات بعد ان جرفت مياه السيول كل ما وقع أمامها.. وما حدث أيضا العام الماضي من تعرض بعض المنازل للغرق في قري ابو قرقاص.. وطرق الصعيد الصحراوية ايضا تتعرض في بعض المناطق لتلك الاخطار التي كان اخرها اتوبيس رحلة طالبات مدرسة الوليدية باسيوط عند ملوي والذي راح ضحيته 12 شخصا وطالبة انهار بهم الطريق بسبب هطول امطار غزيرة. 31 مخرا للسيول تمتد من شمال المنيا حتي جنوبها منها 7 مخرات طبيعية و24 مخرا صناعيا تعمل علي نقل المياه سواء كانت من الامطار الغزيرة او السيول من الجبال والوديان الي نهر النيل.. المؤسف انه رغم الجهود التي تبذلها اجهزة الري لتطهير تلك المخرات وازالة العوائق منها سنويا.. إلا أن تعديات الأهالي لم تتوقف بالبناء علي مخرات السيول او انشاء المقابر بها او حتي زراعتها بل انها ازدادت خلال السنوات الأخيرة بسبب حالة الفوضي التي تعيشها البلاد مما يجعل الخسائر متوقعة في أي وقت. أما مراكز الاغاثة التابعة للشئون الاجتماعية فحدث ولاحرج.. فعلي الرغم من وجود مراكز اغاثة الا انها تكاد تكون غير مجهزة باي شئ يصلح للاغاثة.. واذا وجدت فانك لاتجد سوي كمية من البطاطين والخيام التي اكلتها الفئران والعتة بسبب عدم الاهتمام بها وتركها عرضة للتلف ولايتذكرها احد الا عند وقوع الكارثة مثلما حدث - كما سبق ذكره - عام 1992 ولم تنقذ الموقف الا القوات المسلحة التي اقامت المخيمات وتولت امر من نقلوا اليها من حيث الاعاشة وغيرها وانشأت القري الجديدة التي كان من المقرر ان ينقلوا اليها ولم يحدث حيث تعرضت تلك المنازل للتعديات ولهذه القرية حديث آخر!! سألنا المهندس ممدوح متولي وكيل وزارة الري بالمحافظة عن استعدادات المنيا لاخطار السيول فقال: لدينا غرفة عمليات بالري تعمل 24 ساعة يوميا ووضعنا منذ فترة سيناريو لمواجهة أي سيول تحدث وقدمناها في اجتماع رأسه اللواء مدحت سكرتير عام المحافظة ضم عدداً من الأجهزة المعنية.. لدينا ايضا عددا من المعدات الجاهزة للانتقال بمجرد اخطارنا من الارصاد او غرفة عمليات الوزارة او المحافظة او تلقي اي اخطار من اي جهة.. شكلنا لجانا من الفنيين والمهندسين علي مدار العام تتولي متابعة المخرات ورصد أي تعديات وازالتها فورا والحمد لله ليس لدينا حاليا أي تعديات ولقد تم ايضا عمل بعض التكسيات لعدد من المناطق التي تحتاج للتقوية وهناك عقد سنوي مع المقاولين لتولي اعمال التطهير للمخرات تحسبا لاي اخطار. اضاف.. اما فيما يتعلق بالطرق فان هيئة الطرق والكباري عندما تنشئ طريقا جديدا في مثل هذه المناطق تستعين بخراط الري لتحديد اماكن مخرات السيول لعمل الانشاءات الصناعية حتي تمر المياه من اسفل الطرق دون ان تلحق بها ضررا. المهندس حسين سعد - وكيل أول الوزارة بالهيئة العامة للطرق والكباري قال : الهيئة تقوم بعمل كافة الاعمال الصناعية للمخرات طبقا للخريطة التي يحددها الري ولا يتم اي شيء الا باعتماده منهم اثناء التنفيذ لانهم هم الذين يحددون حجم المياه التي يمكن ان تمر من كل منطقة وان كانت تحتاج الي مواسير أو انفاق أو معابر.