تسونامي رياضي.. اجتماعي.. وربما سياسي.. الوصف الصادق والأقرب للدقة.. للهزيمة الكارثية للمنتخب الوطني في كوماسي.. وبالستة.. جففت ارهاصات السعادة في البيوت والأندية والمقاهي.. أول أيام العيد.. ساد الحزن وتأثرت احتفالات الجميع خاصة الشباب بفرحة كنا في أشد الحاجة إليها.. خلال أيام العيد.. لنبدأ بها دفعة قوية للخروج من احباطات الماضي القريب.. ورغم أن الهزيمة من النجوم السوداء.. كانت بين الاحتمالات "الخجلي" قبل السفر إلا أنه لم يتوقع أحد وصول النتيجة إلي الستة.. منها أهداف سجلناها في مرمانا علامة علي الضعف والتخبط والابتعاد عن الفورمة.. وأضاعت تقريبا حلم التأهل لكأس العالم في البرازيل بعد عام من الانتصارات الخادعة في المرور التمهيدي شغلنا عن التفكير في كارثة الخروج من تصفيات الأمم الافريقية الحاصلين علي كأسها 7 مرات. إنها هزيمة حولت الحلم إلي نكسة.. شبيهة بما مر بنا خلال ما عرف بصفر المونديال.. وبالطبع ارتفعت حرارة الانتقادات.. منذ اعلان الحكم صافرة النهاية.. وحاول المنتفعون بالنشاطات الرياضية الدولية اطلاق الاسباب والحكم النادرة.. واختيار من يضعون في رقبته الجرس.. هل هو المدرب الامريكي برادلي الذي حصل المنتخب الوطني معه علي العلامة الكاملة في الأدوار التمهيدية في سابقة مهمة.. أو شريف إكرامي حارس المرمي الذي أفزع حجة الاصابة بعد الهدف الرابع "متناسين انه انقذ المرمي من أربعة اهداف أخري سببها عدم توفيق أو ترابط خط الظهر" ولم يتحدث احد عن ضربة الجزاء الظالمة التي احتسبها الحكم ضد الحارس الشناوي وسجل منها الهدف الخامس.. والاستسلام غير الطبيعي للدفاع.. مع الاستئناس والهدوء من الوسط والهجوم لتصل محتويات الحصالة إلي نصف دستة.. وهي كافية بنسبة 99% لصعود غانا للبرازيل وابتعاد حلم السنوات الثلاث والعشرين عن التحقيق.. لاربعة أعوام قادمة.. ويقتصر وفد الفخار الاعلامي علي هدف ضربة الجزاء الذي سجله مجدي عبدالغني في ايطاليا عام ..1990 ورغم هذا المكسب الذي تجاوز خيال المدير الفني لغانا.. إلا أنه قال بأن الحسم الاساسي سيكون في مباراة العودة بالقاهرة في 19 نوفمبر القادم.. بادئا حربا نفسية تشغل افراد المنتخب عن العلاج النفسي والتركيز لانتهاز الفرصة الضئيلة.. والفوز بخمسة أهداف تجدد حلم التأهل وكل شيء ممكن في كرة القدم. نعم كل شيء ممكن.. والهزيمة والنصر وجهان لعملة واحدة المهم أن نعترف بأخطائنا والتي يتصدرها عشوائية التفكير وتأجيل اتخاذ القرارات الحاسمة طبقا لسياسة ودغدغة رغبات الجماهير واطلاق التصريحات المليئة بالبنج الموضوعي والكلي.. لن تهدأ الامور إلي الموت ونذكر أولا بما حدث من انتفاضة بعد فضيحة صفر المونديال.. ثم سير التعامل مع ملف مذبحة مباراة المصري والأهلي في بورسعيد.. والدموع التي تساقطت من اللاعبين والنقاد والمدربين وفريق الفضائيات بعد الحادث الأليم الذي راح ضحيته 78 من شباب الوطن.. والقسم بالدموع عن الاستغناء تماما عن نشاط الكرة.. طالما وصل التعصب إلي هذه الدرجة الشيطانية.. وبمرور الايام تغيرت النغمة.. ودعا الكثيرون لاستئناف النشاط لصالح 5 ملايين أسرة مصرية تعمل في صناعة كرة القدم وما حولها "وعلينا ملاحظة ان نفس العدد يتردد الآن عند الحديث عن ضرورة استعادة السياحة لعافيتها" وحتي ذلك للأسف لم يتحقق وبدلا من عودة الدوري بعد صدور احكام القضاء الشامخ أقيم دوري هزيل بدون الجمهور ولم يستكمل كما تركنا الحبل علي الغارب.. لجماعات الالتراس واشباههم.. والنتيجة أن معظم مشاركاتنا في المسابقات الدولية.. تجري خارج البلاد.. أو في الملاعب البعيدة.. وبدون جمهور.. وأصبح تأكيد مباراة ما.. من القرارات المهمة التي يتشاور بشأنها مع أعلي سلطات الدولة.. ** هذه الملفات المفتوحة.. قضت تماما علي خاصية "الهواية" فضلا من ان ندعمها.. وواصل اللاعبون من ورائهم في التنقل بين الاندية نظير ملايين الجنيهات في الوقت الذي تهدد خزانة الاندية الافلاس وتنافس وكلاء اللاعبين في تسفيرهم لدوريات أوروبية.. واللعب لأندية يملكها مصريون.. ولأن الجمهور هو مثلث المنصة الرياضية.. فقد تهادت الرياضة.. واصبحت مجرد تأدية واجب والعرض علي بيوت مفتوحة.. ولم يعد في استطاعة مسئول واحد.. تحديد متي يستأنف الدوري.. أو يقام كأس مصر.. والحجة جاهزة الظروف الأمنية والسياسية.. في حين ان هؤلاء يدركون ان عودة المنافسات في الالعاب الجماعية والفردية .. مع توعية الجمهور وإلزامه بقواعد مشاهدة صادمة.. دون تهاون أو مجاملات.. تعيد الاحتواء ليس للملاعب فقط وانما للتدفق السياسي أيضا. ** والآن مع توسنامي كوماسي.. يجب علي وزير الرياضة الامساك بملف مباراة العودة وانقاذ ما يمكن انقاذه بيده.. لا وقت لإقالة المدرب أو الجهاز الفني.. ربما يمكن ادخال عناصر شابة تنزل بمستوي الاعمار إلي المستوي المطلوب.. لا مجاملات لأي ناد في الاختيار.. مهما كان تاريخه أو مكانته.. اجمعوا اكبر عدد ممكن في معسكر عائلي مفتوح لتحقيق الانسجام في المعيشة والتدريب والخطط.. افسحوا المجال لنخبة من المدربين الوطنيين الأكفاء.. لإجراء الرأي والمشورة.. راقبوا جيدا وكل يوم وقائع مباراتنا في كوماسي.. وجميع مباريات المنتخب الغاني.. اغرسوا الروح الرياضية وازيلوا أية خلافات قد تكون تحت السطح بين اللاعبين.. استعينوا بعلماء النفس والاجتماع.. لينسي اللاعبون الكارثة.. ويتذكروا فقط أن الوطن في انتظار ان يمحوا الكارثة والنكسة.. بعقولهم واقدامهم.. ارفعوا من روحهم المعنوية.. ولكن لا تحملوهم عبء الوصول الي البرازيل.. اقنعوهم ببذل الجهود الخارقة.. وخوض اختبار العودة بالعزيمة والارادة التي تظهر عند المصريين في الظروف الصعبة قولوا لهم لدينا شوط واحد.. توكلوا علي الله.. احموا مرماكم.. وتنافسوا في الجمل التكتيكية لإحراز الاهداف وبالطبع فإن التاريخ الرياضي لوزير الرياضة مليء بالدروس والحكم والوسائل التي سنحقق النصر المؤزر والله ينصر عباده المخلصين.. وبعدها يمكن البدء الحقيقي في النهوض بالرياضة المصرية واعادة روح الهواية لها بين اللاعبين والفنيين والجماهير والعمل من القاعدة لجميع الرياضات وليس كرة القدم فقط.