كل عيد وجماعة الإخوان المسلمين وأتباعها وأنصارها بخير وأمان وعلاقاتهم بكل أبناء الوطن تغلفها الرحمة وتسودها روح المودة والتعاون. كل عيد والاخوان أكثر حبا وولاء لوطنهم وأكثر رحمة بالمختلفين معهم والرافضين لمواقفهم وسياساتهم. وأكثر حرصا علي الوفاق الوطني والعودة للالتحام مع النسيج الشعبي المصري حتي ولو كان ذلك علي حساب بعض تطلعاتهم وأحلامهم. أدعو الله سبحانه وتعالي أن يزيل الغل والحقد ومشاعر الكراهية من نفوس المصريين بعضهم تجاه بعض بعد عام سيطر الحزن فيه علي معظم أبناء الوطن لعدم الشعور بالعدل والأمان. وأدعو الله سبحانه وتعالي أن يتغمد شهداء الوطن بواسع رحمته وأن يعوض أهلهم وأسرهم عنهم خيرا. وأن يلهم جميع المصريين الحكمة والرشد لمنع تكرار ما حدث من مواجهات دامية جنينا منها الألم والحسرة والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. بالتأكيد غابت فرحة العيد عن معظم المصريين بسبب حالة الانقسام التي نعيشها. وبالتأكيد نحتاج الي جهود مضنية لإعادة مشاعر المودة والمحبة والتفاهم بين أتباع وأنصار جماعة الإخوان المسلمين وبين غالبية الشعب المصري المختلفين معهم والرافضين لاعتصاماتهم واحتجاجاتهم اليومية وقطعهم الطرق وتعطيل مصالح العباد .. لكن يزول حتما هذا الاحتقان بمجرد إنهاء الاعتصامات ووقف الاحتجاجات والاستعداد مجددا لصناديق انتخابات نزيهة تعبر عن إرادة كل المصريين. *** أختلف مع الذين يرفضون الحوار مع جماعة الإخوان المسلمين في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. فالحوار والتفاوض معهم - رغم صلف قياداتهم وعنادهم وغرورهم- ضروري بل واجب ديني ووطني لحقن الدماء المصرية أولا. فالمصريون جميعا دماؤهم محرمة ويجب العمل علي حقنها بكل الوسائل. وتفويت الفرصة علي دعاة الحرب الأهلية والمتطلعين لإشعال نار الفتنة بين المصريين. كما أن الحوار والتفاوض معهم مهم الآن لتطمينهم. فقيادات الجماعة الذين يحركون هذه الجموع الغفيرة في رابعة والنهضة وبعض المحافظات يرتعدون من المستقبل الغامض الذي ينتظرهم خاصة في ظل نفور وسخط شعبي يتعاظم كل ساعة عليهم بعد أسابيع من الاعتصام ومسيرات الاحتجاج وما شاهدناه فيها من عنف .. كما أنهم خائفون علي أموالهم الطائلة وشركاتهم ومتاجرهم المنتشرة في كل أرجاء الوطن.. فتطمينهم علي حياتهم وحياة أبنائهم وعلي أموالهم - لو توقفوا عن ممارسة العنف والتحريض عليه والعودة الي حضن الوطن - واجب لعل وعسي يعودون الي صوابهم ويأمرون أنصارهم بالعودة الي منازلهم وأعمالهم ليبدأ المصريون جميعا - ومنهم الإخوان وأنصارهم- مرحلة جديدة لبناء مستقبل آمن سياسيا واقتصاديا وأمنيا بعيدا عن الإقصاء والعنف. حوار الدولة وتفاوضها مع قيادات الجماعة بمشاركة أطراف دولية ليس دليل ضعف ولا مقدمة لتراجع ولا تخلي عن تلبية مطالب شعب خرج بالملايين الي الميادين والشوراع يطالب بتحجيم الجماعة ووقف عنفها وردع المجرمين المناصرين لها خاصة بعد ارتكاب أبشع صور العنف في سيناء ضد جنود مصر وضباطها الذين يتساقطون كل يوم علي أيدي جماعات ارهابية احتضنها الرئيس المعزول ودللها ومنع أجهزة الأمن من التعامل معها بالحسم الواجب فعاثوا في سيناء فسادا. هذا الحوار وذاك التفاوض حتي ولولم يحقق النتائج المرجوة ويعيد قيادات الجماعة الي صوابهم هو حوار وتفاوض مهم للغاية لأنه سيكشف للعالم وخاصة أمريكا - الراعي الرسمي للإخوان ومطالبهم- مدي صلف أصحاب القرار في جماعة الإخوان المسلمين ومدي رغبتهم في التصعيد ومدي حرصهم علي تقديم أرواح بعض أنصارهم قربانا لأطماعهم وأهدافهم السياسية والتنظيمية. *** ينبغي أن نتعامل مع بلاء قيادات الإخوان بالصبر والحكمة وأقصي درجات ضبط النفس ولا ينبغي أن تستجيب الدولة وأجهزتها الأمنية لدعوات التصعيد ضد المعتصمين والمتظاهرين في الميادين والشوراع. بل عليها أن تتخذ كل الوسائل وتسلك كل الطرق لصرفهم وإنهاء اعتصامهم وحماية الناس من أذاهم البدني والنفسي بالهدوء ودون إراقة دماء. فكل روح تزهق وكل قطرة دم تسيل ستضاعف من مشاعر الغضب والكراهية بين المصريين ويكفينا ما جناه علينا الرئيس المعزول من فرقة وانقسام وتشتت وكراهية نحتاج الي سنوات طويلة وجهود مضنية للتخلص من آثارها وتداعياتها الخطيرة. لا ينبغي أبدا أن نفكر في فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة إلا إذا فشلت كل جهود صرف المعتصمين بالحوار والتفاهم ووصل الحوار مع قيادات الإخوان المسلمين الي طريق مسدود. وشهد العالم كله علي صلفهم وعنادهم وغرورهم. وهنا لابد أن يقدم أهل الثقة عند الجماعة النصيحة الصادقة لقياداتها وأن ينصحوهم مخلصين بضرورة التخلي عن العناد والاستفادة من الأخطاء القاتلة التي وقعوا فيها خلال الشهور الماضية ورفضهم لكل النصائح الصادقة التي وجهت إليهم لمنع خروج الشعب وتمرده عليهم. يجب أن يستمع قيادات الإخوان لنداء العقل والحكمة ويعملوا علي حقن دماء أتباعهم وأنصارهم لو كان لديهم أدني شعور بالمسئولية فلن يجنوا من العناد والصلف إلا المزيد من كراهية المصريين لهم ورفضهم لأي وجود لهم علي المشهد السياسي مستقبلا. علي المرشد - لو كان بالفعل مرشدا وحكيما وأبا روحيا للجماعة - أن يتحمل مسئوليته ويتخذ القرار الحكيم الذي يحقن دماء أنصاره ويعيد اندماجهم في النسيج الاجتماعي المصري بعيدا عن الكبرياء الزائف والغطرسة والعناد الذي يجلب للجماعة المزيد من غضب وسخط غالبية المصريين كما أنه يكشف حقيقتهم أمام العالم. *** إذا لم تستغل جماعة الإخوان المسلمين هذه الفرصة الذهبية لتخرج من أزمتها التاريخية بأقل قدر من الخسائر فسوف تخسر كل شيء.. ستخسر ما تبقي لها من تعاطف شعبي. وستخسر المناصرين لها دوليا وتبقي وحيدة تواجه مشاعر الغضب والسخط داخليا وخارجيا. إذا لم يعد قيادات الجماعة الي رشدهم ويستغلوا الفرصة المتاحة لهم الآن دون مغالاة في المطالب أو غرور بالأنصار فلن يكون لجماعتهم أي مستقبل سياسي أو ديني أو اجتماعي.. سيخسرون كل شيء لو استمروا علي عنادهم. اللهم ألهم قيادات جماعة الاخوان المسلمين الحكمة لحقن الدماء وحماية الوطن من حرب أهلية سيكون الجماعة وأتباعها وأنصارها أول وقود لها.