حسنا فعل حزب النور السلفي بالانسحاب من المفاوضات الجارية الآن لتشكيل الحكومة الانتقالية لمصر. . منذ اللحظة الأولي كنت علي يقين أن خروج حزب النور من عباءة الإخوان المسلمين في الفترة الأخيرة لا يزيد عن كونه مناورة سياسية تدخل في إطار توزيع الأدوار... نعم أنا ضد إقصاء أي فصيل سياسي من المعادلة السياسية. لأن الوطن يبنيه الجميع. واحتكار السلطة يعني ديكتاتورية. وقد قامت ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو ضد احتكار فصيل سياسي لمقاليد الأمور... لكن اثبتت الساعات الأولي التي لحقت خارطة المستقبل التي طرحها الفريق السيسي وزير الدفاع وسط رموز الوطن وكان حزب النور من بينهم أن هذا الحزب لا يزيد عن كونه مسماراً إخوانياً مزروعا بدقة في جسد الثورة الثانية.. فإذا كان الإخوان المسلمين قد نجحوا في سرقة ثورة 25 يناير لصالح تيارات الإسلام السياسي. فإن حزب النور يحاول استكمال المشوار لسرقة أو إجهاض ثورة 30 يونيو لصالحه أو لصالح الإخوان المسلمين... والحكاية بدأت برفض اختيار د. محمد البرادعي لرئاسة الوزراء رغم أنه مرشح حركة تمرد التي نجحت في حشد أكثر من 40 مليون مصري في الشوارع... وعندما تمت الاستجابة لطلب حزب النور كحسن نية من الجميع بضرورة التوافق علي اسم رئيس الوزراء. ولأن البرادعي من وجهة نظر النور من فصيل سياسي له بعض الخصوم. وتم عرض اسم د. زياد بهاء الدين وهو أحد الاقتصاديين الجيدين. واعترض أيضاً حزب النور لأن زياد بهاء الدين من جبهة الانقاذ. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل امتد الاعتراض علي ترشيح البرادعي لمنصب نائب رئيس الجمهورية ويرفعون الحجة بأن موقفهم الرافض يعتمد علي استمرار سياسة الاقصاء. وأنا لا أعرف اي اقصاء يقصدونه وقد شاركوا مع اخوانهم في اقصاء الشعب المصري كله بتمكين اهلهم وعشيرتهم والمؤلفة قلوبهم... والحكاية بعيداً عن البرادعي وزياد بهاء الدين والببلاوي. أن حزب النور لن يتركنا نعمل لانقاذ مصر واعادتها إلي وجهها المدني. لأن نجاحنا باختصار ضد مشروعه الفكري. وسوف يخلق العراقيل المتتالية لاعاقتنا عن هدفنا الذي يختلف مع هدفه... لن أقول أن الكثير من السلفيين يناصرون الإخوان في رابعة العدوية.. إلخ.. لكن أقول المهم عن ذلك أن رموز الدعوة السلفية اعلنوها صراحة منذ زمن طويل "وأنا احترم صراحتهم" انهم ضد مدنية الدولة وضد الفن والابداع وضد المرأة وحتي معايدة الاقباط في عيدهم ووصل الأمر إلي مطالبة بعضهم بتغطية التماثيل التي تميز الحضارة المصرية العريقة.. إلخ من اراء لا تتفق مع اراء الاغلبية من المصريين هذا من الجانب الفكري لهم. وفي الجانب السياسي لم ينزلوا للتحرير في 30 يونيو باختصار لم يشاركوا في الثورة الثانية التي خلعت مرسي والإخوان وافكارهم ضد مبادئ وشعارات الثورة الثانية التي نادت بالحرية والمواطنة "طب" ازاي يشاركوا في نتائج الثورة. "طب" إزاي يشاركوا في اختيار الحكومة الجديدة التي تدير الفترة الانتقالية لإخراج مصر من كبوتها التي وضعها فيها حكم الإخوان والتيارات الدينية ومنها حزب النور نفسه... أنا اتفهم وجودهم في جانب المعارضة .. لكن بصراحة لا اتفهم وجودهم الآن في مراكز صنع القرار لحكم جديد يتخلق ويتبلور نتيجة لثورة لم يشاركوا فيها نعم ادرك أن وجودهم في الصورة قد يستفاد منه في ابعاد شبهة اقصاء التيارات الإسلامية عن الصورة. ونفي كذب الإخوان بأن ما حدث انقلاب عسكري... لكن الحقيقة التي لابد من التعامل معها واعلانها بقوة في وجه الجميع وهو ما أعلنته الملايين في التحرير وباقي انحاء مصر أن بناء مصر الحديثة يعتمد علي ركائز لا مفر منها مثل مدنية الدولة والمواطنة التي لا تفرق بين أي فرد أو فصيل أو جماعة في الحقوق والواجبات "بحق وحقيقي". وليس كلام دساتير وقوانين لاتجد لها مكاناً في أرض الواقع مع احترام حقوق الإنسان والمرأة والطفل.. إلخ من ركائز مهمة إذا اردنا اللحاق بركب التقدم... وبصراحة أكثر لابد من فصل العمل الدعوي والديني عن السياسة وعدم اقامة اي حزب علي اساس ديني نعم أنا ضد اقصاء أي فصيل عن الساحة. لكن هناك فارقا بين المشاركة في بناء الدولة وبين المشاركة في هدم الدولة... رفع شعارات الطائفية والعرقية والتفريط في أرض الوطن والتهديد ببحار الدم بين ابناء الوطن الواحد.. لذلك أنا ادعو الشعب والثوار للاصرار علي مدنية مصر الجديدة بابعاد أي مرجعيات دينية أو عرقية أو طائفية عن العمل الحزب والسياسي في الدستور الجديد. اخيراً يا حزب النور ويا أيتها الأحزاب التي اتخذت من الدين شعاراً لها وهي تبغي الدنيا اتركونا نضمد جراحنا منكم واتركوا جسدنا الجريح والمريض في يد طبيب ماهر ودولة للمؤسسات. الكلمة الأولي فيها لأصحاب الكفاءات والخبرات .. ومصر ليست "تورتة" يحاول الكل التهامها. والحكم ليس "كوته" تتشاجرون عليه. اصمتوا أو ارحلوا عن المشهد .