شرع الإسلام الطلاق لإراحة الزوجين في حال استحالة العشرة بينهما. والتي لم يعد ينفعها الوعظ أو التعزير للمخطئ منهما. وقد جعل الله تعالي الطلاق الهادف إلي راحة الزوجين- وليس لمجرد إمكان وقوعه- سبيلاً للسعة والغني. كما قال سبحانه: "وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيما. وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيما" "النساء:129.130". ومن أشد ما ابتلي به الرجال المسلمون:أن كثيرا من المتزوجين منهم لم يعد يعرف الاحسان في الطلاق. فوقع في الضرر والاضرار. من حيث يظن أنه يستعمل حقاً شرعياً. والذي يجب التنبيه إليه هو أن الاسلام ضبط الحقوق بالاحسان حتي في القتال المشروع. فقد أخرج مسلم من حديث شداد بن أوس. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "إن الله كتب الاحسان علي كل شئ. فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة. وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح". والطلاق ليس قتلاً ولا ذبحاً. وإنما هو فراق مخصوص. فأولي به أن يحاط بالاحسان. ولذلك وجدنا الاذن به مقيداً بالمعروف أو بالاحسان. قال تعالي: "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" "البقرة:229". قال تعالي: "فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف" "البقرة:231". وقال تعالي: "وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً علي المتقين". "البقرة: 241". وقال تعالي: "فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف "الطلاق:2". ومن مقتضي الاحسان والمعروف في الطلاق: ألا يوقعه الزوج في حال حيض المرأة. أو في حال طهرها الذي مسها فيه وإلا كان حراماً مع احتسابه طلاقاً عند الجمهور. خلافاً للظاهرية وابن تيمية الذين لا يرون احتسابه. لأنه وقع علي صفة البدعة المحرمة. وقد قال تعالي: "إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" "الطلاق: 1" أي علي وجه الاحسان وليس علي وجه البدعة. قد أخرج البخاري. أن عبدالله بن عمر كان قد طلق امرأته وهي حائض. فذهب عمر إلي رسول الله. صلي الله عليه وسلم. يخبره. يقول الراوي: فتغيظ فيه رسول الله. صلي الله عليه وسلم. ثم قال له: "مره فليراجعهاثم يمسكها حتي تطهر ثم تحيض فتطهر. فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرة قبل أن يمسها. فتلك العدة كما أمره الله". وفي رواية: "فتلك العدة التي أمر الله ان تطلق لها النساء". ومن الاساءات الشائعة لعقد الطلاق: أن استعمله كثير من الازواج بدلاً عن اليمين أو الحلف وقد كان جمهور الفقهاء يرون إلزام الزوج به. في حال الحنث في اليمين. من باب التشديد علي الازواج. لعلهم يرشدون فيمتنعون عن الحلف بالطلاق. ولكن هذا لم يحدث مما أدي إلي تفكك الاسر. وتشريد الاولاد. وانتشار ظاهرة زواج المحلل المقيتة حتي جاء شيخ الاسلام ابن تيمية المتوفي 728ه فرأي أن الحلف بالطلاق ليس طلاقاً وإنما كالحلف بالله الذي شرع الطلاق. فمن حنث في طلاقه فعليه كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام. وقد أخذت لجان الفتوي وأكثر الفقهاء المعاصرين بهذا الرأي الذي قاله ابن تيمية في الطلاق.