ابتعدت عن مصر عدة أسابيع التقيت خلالها بعدد كبير من المصريين المقيمين في الخارج.. في كل تلك اللقاءات كان محور الحديث هو ما يجري هذه الأيام في مصر رغم أنهم يتابعون ما يحدث في مصر من خلال شاشات التليفزيون وكل الصحف التي تقع تحت أيديهم. الكثيرون من المصريين سواء في خارج مصر أو في داخلها لا يجدون إجابة شافية عما يحدث في كل أركان الوطن والأكثرية لا تجد تفسيرا لذلك العنف الذي يسود مصر ويهدد استقرارها. غالبيتهم لا يصدقون ما يحدث وكيف يمكن أن تتواجد في مصر عصابات بأسماء متعددة هدفها تهديد أمن مصر واستقرارها والذي وصل إلي تخريب كل ما في مصر من تراث ابتداء من المجمع العلمي وفنادق مصر الشهيرة وفي مقدمتها فندقا سميراميس وشبرد إلي جانب قطع الطرق وتعطيل المواصلات وإيقاف القطارات وتخريب خطوط المترو وإحراق سيارات الشرطة. لقدتمادت تلك العصابات الإجرامية في إحراق أقسام الشرطة ومديريات الأمن وقطع الطرق وإحراق المحلات الشهيرة وإغلاق المرور علي كوبري قصر النيل لأسابيع طويلة. كانت آخر العمليات الإجرامية هي إحراق نادي الشرطة في الجزيرة إلي جانب إحراق مبني اتحاد الكرة كل تلك الأحداث من إحراق الفنادق والمحلات بل وصل الأمر إلي اقتحام مبني الرئاسة في الاتحادية. والسؤال الذي يتردد بين كل المصريين هو ماذا يحدث لكي يا مصر؟! الغريب أن تلك الأحداث من حرائق وتدمير تقع في تواجد الأمن في تلك المواقع لقد رأيت بنفسي عمليات اقتحام وإحراق فندقي سميراميس وشبرد من جانب البلطجية الذين نهبوا كل ما وقع تحت أيديهم كل ذلك تحت أنظار رجال الأمن وتواجد الشرطة. كذلك تم إحراق نادي ضباط الشرطة واتحاد الكرة في وضح النهار وفي تواجد قوات الأمن إن من أحرق ودمر نادي ضباط الشرطة في الجزيرة معروفون لدي أجهزة الأمن بالاسم لأنهم من المسجلين الخطرين لدي تلك الأجهزة. نعم نحن نعلم أن رجال الشرطة لا يمتلكون الأسلحة التي يستخدمها البلطجية في التعدي علي الشرطة ولكن رغم ذلك شعرت بصدمة شديدة من تصريحات وزير الداخلية الذي قال في مقابلة مع الإعلاميين إن الشرطة ليست طرفا في الصراع السياسي ثم قال إنه يمكننا إعادة الأمن في كل شوارع مصر خلال شهر واحد ولكن بشروط فما هي تلك الشروط التي تمنع الوزير من إعادة الأمن للمصريين؟ إنني اتعجب واتساءل: إذا كانت الشرطة ليست طرفا في الصراع السياسي فإن وزير الداخلية رجل سياسة وهو عضو في مجلس الوزراء الذي يدير سياسة مصر ويشارك في كل القرارات السياسية لمجلس الوزراء. إننا نقول للسيد وزير الداخلية إن كل وزراء الداخلية في كل دول العالم ليس شرطا أن يكونوا ضباط شرطة وهناك أكثر من دولة أوروبية وزيرة الداخلية فيها سيدة لم تدخل كلية الشرطة ولكنها وزيرةلإدارة أمن البلاد. قبل ثورة 1952 كان بعض وزراء الداخلية من المدنيين وكان آخرهم فؤاد سراج الدين الذي لم يدخل كلية الشرطة ولم يكن شرطيا في يوم من الأيام. تعجبت أيضا من تصريح وزير الداخلية لأن أمن مصر هو مسئولية الوزير وتعجبت أيضا مما قاله وزير الداخلية بأن الخيار متروك للشعب في أن يترك رجل الشرطة وفرد الأمن أن يمارس عمله أو أن ينسحب من المشهد كله إذا كان هذا هو منطق الوزير فالأفضل له أن يتحدث عن نفسه إذا أراد الانسحاب أما جهاز الأمن فهو باق لحماية مصر سواء في عهد الوزير الحالي أو أي وزير آخر. نحن جميعا نستغرب مما يحدث من استمرار هجوم البلطجية من الالتراس والبلاك بوك وغيرها من المسميات علي كل مؤسسات الدولة بل وصل بهم الأمر للتهديد بتفجير وتدمير وحرق بعض المواقع العامة في مصر وفي مقدمتها المتحف المصري الذي هدد البلطجية أكثر من مرة بمحاولة صرفه. كل الجرائم حدثت في حضور الشرطة سواء في اقتحام فنادق سميراميس وشبرد أو المجمع العلمي أو نادي الشرطة أو قصر الرئاسة.