أعرب أساتذة التربية وأعضاء هيئات التدريس عن تحفظاتهم الواسعة علي مقترح تطوير امتحانات الثانوية العامة المزمع تقديمه للبرلمان القادم فور انتخابه والذي انفردت "الجمهورية" بنشر تفاصيله الأسبوع الماضي والذي يلغي مكتب تنسيق القبول بالجامعات والاكتفاء باختبارات القدرات لجميع الكليات.. تركزت المخاوف من عدم تحديد آليات واضحة تضمن شفافية ونزاهة الاختبارات.. مشيرين إلي انه رغم عيوب مكتب التنسيق إلا انه يعد أفضل الأساليب التي تحقق العدالة الاجتماعية بين الطلاب الملتحقين بالجامعات.. حذر البعض من تحول الكليات إلي مراكز للدروس الخصوصية بالنسبة للاختبارات المؤهلة للجامعات في ظل قصور أساليب التعليم في المدارس وطرق التدريس. وأشار البعض الآخر إلي ان المقترح جيد من الناحية النظرية إلا انهم اشترطوا بقاء مكتب التنسيق كجهة محايدة لاختبارات القبول بالجامعات.. مع وضع أسس مراقبة مشتركة بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والجامعات لضمان عقد امتحان موحد يضمن عدم حدوث تسرب للمحسوبية والواسطة لتلك الاختبارات. اعترضت د. محبات أبو عميرة عميدة كلية البنات السابقة علي إلغاء مكتب التنسيق مؤكدة انه الجواز المروري للعدالة وتكافؤ الفرص والتفكير في إلغائه يعد خطيئة تربوية مشيرة إلي أن أي قانون سوف يتم عرضه في البرلمان القادم خاص بالتعليم بصفة عامة ومكتب التنسيق بصفة خاصة لابد من عرضه علي أساتذة الجامعات وكليات التربية ممن لا ينتمون إلي مجلس الشوري مع عرضه علي الرأي العام وإجراء حوار مجتمعي قبل اصدار التشريع. انتقدت دعوة لجنة التعليم لأسماء بعينها في اصدار قانون الثانوية العامة الأخير ودعوة الأساتذة غير المتخصصين في العلوم التربوية. أوضحت ان المقترح يحدد حداً أدني لمجموع درجات الطلاب في الثانوية العامة وهو 70% علي الأقل للتقدم للقبول بأي كلية وهذا يقسم الكليات إلي مجموعات متشابهة وان باقي النسبة ستكون لاختبارات القدرات في الكليات العملية والإنسانية متسائلة من الذي سوف يضع اختبارات القدرات. ومن الذي سيتحمل تكلفة الامتحان فإذا كان الطالب فهذا يتعارض مع النص الدستوري الذي يعطي للطالب الحق في المجانية وما الذي يضمن ألا يكون هناك تلاعب في نتائج امتحانات الثانوية العامة حيث ان مكتب التنسيق هو الفلتر مثل القضاء. جميلة وبراقة قالت الدكتورة آمال عبدالله خليل أستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس: ان الفكرة نفسها جميلة وبراقة وتقضي علي الرعب المصاحب لامتحانات الثانوية العامة كما انها تخدم الكليات في الجامعات لانها توجه الطلاب للالتحاق بالكليات التي تتوافق مع رغباتهم.. إلا انها حذرت في نفس الوقت من خطورة عدم اتضاح آليات هذا المقترح الجديد مشيرة إلي أن هناك خوفا من أن تتحول الامتحانات المؤهلة للالتحاق بالجامعات إلي صورة أخري من صور المحسوبية والواسطة في المجتمع في ظل عدم تحديد الجهات التي تشرف وتضمن نزاهة تلك الامتحانات.. كما ان تدريب الطلاب علي تلك الامتحانات المؤهلة لم يتضح كيف.. وهو ما قد يحول الكليات المختلفة إلي صور أخري من صور مراكز الدروس الخصوصية خاصة ان دور المدارس لم يتحدد في تدريب الطلاب علي تلك الامتحانات كما ان المناهج الجديدة وأساليب التعلم لا تكفي لإخراج طلاب مؤهلين لامتحانات الجامعات. اتفق الدكتور مصطفي الجزيري أستاذ الإعلام بجامعة جنوبالوادي مع هذا الرأي.. مشيراً إلي انه رغم عيوب مكتب التنسيق إلا انه يظل أفضل الأساليب التي تحقق العدالة الاجتماعية بالنسبة للطلاب الملتحقين بالتعليم الجامعي لاعتماده علي قواعد لا تلعب فيها الواسطة والمحسوبية أي دور.. ويفتح الباب أمام إنهاء مفهوم العدالة الاجتماعية بقطاع التعليم العالي. أضاف: ان شرطه الوحيد لقبول هذا المقترح يتمثل في وضع قواعد علمية وتطبيقية واضحة تحكم الامتحانات المؤهلة وتمنع التلاعب في النتائج من قِبل أعضاء هيئات التدريس المشرفين عليها بحيث لا نجد أبناء أعضاء هيئات التدريس مسيطرين علي كليات القمة. معيار أكد د. حسن شحاته أستاذ المناهج بتربية عين شمس ان القبول بالجامعة لا يتم إلا من خلال معيار امتحان الطلبة تحريريا في الثانوية لأن هذا المعيار يكشف فقط عن الاستيعاب للمعلومات والقدرة علي التذكير مشيراً إلي انه يبقي الجانب الآخر وهو ميول الطالب وقدراته الخاصة في الالتحاق بكلية ما وهذا يستلزم ورقة امتحانية بها اسئلة علي شكل استبيان لمعرفة ميول الطالب العلمية أو الأدبية أو الإنسانية. أضاف: انه يمكن تخصيص 80% للامتحان التحريري في الثانوية و20% لامتحان القدرات والميول الخاصة ويتم تجميع الدرجتين ويتم قبول الطالب في الجامعة بناء علي هذين المعيارين وبذلك نحقق للطالب رغبته في حدود امكاناته العقلية لأن الدرجات في الامتحان التحريري لا تكشف عن ميول الطالب ولا تكشف عن قدراته الخاصة.. مشيرا إلي انها تعتبر صيغة مقبولة لانها تتفق مع معايير التعليم الجامعي العالمية بشرط ألا يدفع الطالب رسوماً مقابل هذا الامتحان موضحا أن هذا الوضع سيؤدي إلي تقليص الدروس الخصوصية. المحسوبية رفض الدكتور أحمد عليق عميد كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان فكرة إلغاء مكتب التنسيق لأن هذا يفتح الباب علي مصراعيه للمحسوبية والواسطة مؤكدا علي ان المجتمع غير جاهز حاليا لأن يكون مجتمعاً موضوعياً. أضاف: ان مكتب التنسيق هو الشيء الوحيد في مصر الذي مازال يحقق عدالة اجتماعية في مصر حتي لو كانت هذه العدالة عدالة عمياء مرتبطة بمجموع الطالب في الثانوية العامة مشيرا إلي انه يمكن إلغاؤه في حالة واحدة إذا كان هناك اختبار مهني موحد علي مستوي الجمهورية فيه فرص متساوية للطلاب من أجل الالتحاق بالجامعات المصرية وان يكون هناك امتحان للقدرات بالإضافة إلي امتحان الثانوية العامة وهذا ما يضمن حيادية الامتحان ونزاهته وغلق أي باب للمحسوبية والمجاملات. اتفق معه الدكتور عمر سالمان عميد كلية التجارة بجامعة حلوان مشيرا إلي انه يمكن دراسة فكرة إلغاء مكتب التنسيق ولكن في ظروف أخري مختلفة عن التي تمر بها مصر الآن خاصة ان وزارة التعليم العالي غير مؤهلة لتقديم شبكة معلومات مرتبطة بالجامعات كلها.