تبادلنا الشتائم والسباب ودخلنا في معارك طاحنة تنقصها الدوافع والأسباب وتقدم أصحاب الألسنة الطويلة وتراجع أهل العفه وأولو الألباب. نسينا الحلم النبيل لشاعر النيل وتجاوزنا حدود المعقول والمقبول وتطاول بعضنا علي بعض. ليس في الشوارع فقط ولكن علي صفحات الصحف وعبر الإذاعات والفضائيات. خاصمنا الحوار الموضوعي والجدل النظيف واللسان العفيف. فضاع من أقدامنا الطريق وتعثرت خطواتنا وتخلفت مسيرتنا. والتعبير عن الرأي لا يكون بإطلاق الشتائم والألفاظ الجارحة ولكن بالكلمات الطيبة والعبارات المهذبة واحترام الأطراف الأخري. يستمع كل منا إلي جميع الآراء ويرد عليها بالحسني ويفتح قلبه للوصول إلي الحقيقة سواء كانت في رأيه أو آرائهم. وجراح السيوف والرماح تشفي وتلتئم لكن جراح اللسان من الصعب أن تلتئم والشاعر الحكيم يقول: جراح السنان لها التئام ولا يلتئم ما جرح اللسان. تمني شاعر النيل أن يعيش في وطن حر كريم. يتحدث عن مدي حبه لوطنه مصر ويشاركه هذا الحب كل أبنائها وان هذا الحب جارف وعظيم ينبع من القلوب والعقول ويتمني الشاعر أن يعيش كي يري بلده حرة طليقة يحمي حماها شعب ابي كريم يتمتع بالخلق القويم ويسير علي الطريق المستقيم يبذل الغالي والنفيس من أجلها ويؤكد انه يحب الصفات الجليلة والقيم النبيلة كشوق الغريب لأهله بعد طول فرقة وغياب. هذه القصيدة قالها شاعر النيل حافظ ابراهيم في 26 مايو 1910 في حفل لمدرسة البنات بمدينة بورسعيد. مر قرن من الزمان وأكثر ولم يتحقق حلم حافظ ابراهيم وان غدا لناظره قريب. يقول شاعر النيل في قصيدته كم ذا يكابد عاشق ويلاقي في حب مصر كثيرة العشاق إني لأحمل في هواك صبابة يا مصر قد خرجت من الأطواق لهفي عليك متي أراك طليقة يحمي كريم حماك شعب راقي كلف بمحمود الخلال متيم بالبذل بين يديك والإخفاق اني لتطربني الخلال كريمة طرب الغريب بأوبة وتلاقي ومن هذه القصيدة البيت الشهير الذي طالما كتبناه في كراسات الانشاد الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.