في ظل هذه المعارك السياسية الطاحنة التي قسمت الشعب المصري إلي مؤيد ومعارض وقف فريق آخر في منتصف الطريق حائراً بين هذا وذلك منهم البسطاء الذين لا يفهمون معني دستور ولا إعلان دستوري فكل همهم "لقمة العيش" ومنهم المثقفون الذين زاد تشتتهم مع حالة الاستقطاب التي يتبناها الإعلام الموجه من الطرفين. تصف أميرة محمد بائعة ما يحدث في مصر الآن بحالة من التوهان فلا أحد فاهم من علي حق ومن علي باطل كل فريق يتربص بالآخر ويحشد أنصاره ضد الآخر غير مهتمين بما يريده الناس الغلابة تعدي سني ال 60 عاماً وبسبب الحاجة الشديدة اضطررت لافتراش الرصيف لتوفير نفقات علاج ابني المريض الذي لا تهتم به ولا بأمثاله من الأطفال المرضي أصحاب الكراسي فنحن في أيام المصالح والبني آدم لا ثمن له. محمود عثمان صاحب عربة فول يوضح أن مصر في مرحلة خطيرة حيث إن الثوار الذين يدافعون عن حقوق الناس يقفون في مواجهة رجل الشرطة البسيط ويلقونه بالحجارة ويحرقون المباني والآثار دون مراعاة صالح البلد ولا أفهم لصالح من يحدث ذلك حتي لو كان ما قام به الرئيس خطأ فلابد أن يأخذ وقته كاملاً لانجاز ما وعد به "وكفانا وقف حال". أما صبر زين الدين - امرأة عجوز تسكن الشارع - وقد تذكرت اسمها بصعوبة - توضح أنها تسكن هذه الأرصفة منذ تسع سنوات بعد أن طردها أخوتها ورفضوا إقامتها معهم وانقطعت معها معرفتها بما يدور حولها من الأحداث ولا تعرف من الحكام إلا مبارك وتطلب منه مسكناً. وتروي أنها كثيراً ما تري تجمعات لناس يهتفون ويتظاهرون ولا تعرف لماذا وكل ما يهمها هو قوت يومها. يعني ايه دستور؟ بينما يوضح مبروك محمد - عامل نظافة - أنه لا يعرف يعني ايه دستور ولا إعلان دستوري وأن ما يسعي له هو "رغيف العيش" الذي أصبح الحصول عليه في هذه الأيام من أصعب الأشياء وعلي الرغم من مشاهدته للتليفزيون وسماعه ما يقال عن مرسي إلا أن لديه إحساساً أنه قد يكون هو الأفضل وما يفعله في مصلحتنا. يؤيده في الرأي عبدالله عبدالتواب - عامل نظافة - الذي لا يفهم شيئاً مما يدور حوله من أحداث ويرغب في الأمان والسلام حتي يجد لقمة العيش المناسبة. أما علياء سيد بائعة فتوضح أنها اختارت مرسي لأنه راجل محترم ويعرف ربنا وأنه لا يفعل شيئاً ضد الغلابة وعند سؤالها عن الدستور وقفت مستغربة من الكلمة التي لا تعرف معناها. بينما يتساءل حسن سيد سائق عما يحدث في مصر فهناك مجموعة من الناس صاحبة المصلحة يعلو صوتها ويجرفون معهم الشعب المصري كله والذي أغلبه لا يفهم الدستور ولا معني مسودة الدستور ولا الإعلان الدستوري.. ناقماً علي الحال الذي وصلت إليه البلد حيث لا يحس بذلك إلا العمال البسطاء امثالنا الذين يبحثون عن رزقهم يوماً بيوم. لقمة العيش أهم أما عبدالنبي سلام عامل نظافة فيقول في بداية الثورة كنا فاهمين أن من خرج إلي التحرير يدافع عن الناس ضد الرئيس الظالم أما الآن فأصبحنا لا ندري لماذا انقسم الشعب إلي طوائف وأحزاب ولا نعرف ماذا يريدون من البلد فنحن من الشعب لا يمهنا سوي لقمة العيش الذي لا يفهمها الكثير من سادة هذا الزمن فهم كل همهم من يكسب الكرسي وليذهب المواطنون في "داهية". مصطفي منصور عامل باليومية يؤكد أصبحنا غرباء في بلدنا لا نعلم ما يحدث ولسنا مع فريق ضد آخر نحن مع "لقمة العيش" كفانا صراعات لا فائدة منها نريد أن نربي أولادنا لا نريد سياسة و"كلام فارغ". قنوات التليفزيون للمصالح ويعارض إبراهيم أنور صاحب ورشة ما يحدث بشدة ويقول أنه صراع علي السلطة وليس صراعاً من أجل مصلحة المواطنين رغم التصريحات التي يتغني بها الإخوان أو حتي المعارضة كلها تصريحات لمصالحهم الشخصية حتي مواقفهم والغريب أن كل من له مصلحة ومعه أموال "يطلعنا" بقناة تليفزيونية لا لتنوير الرأي العام ولكن للدفاع عنه وعن رجاله. ويضيف حمادة إسماعيل بائع بحكم عمله بمحل مشروبات يستمع إلي آراء الزبائن والتي دائماً تختلف عن بعضها فكل شخص فاهم شيء أو عنده قناعة به لا يقبل أي رأي آخر حتي ولو كان هذا الآخر علي حق وهو علي باطل فلقد أصبحنا شعباً لا يفهم شيء ولا يعرف إلي أي فريق ينتمي فعندما تسمع لكلام المعارضة تعجب بهم وتتأكد أنهم علي حق تغير القناة وتستمع إلي الإخوان تفهم أن المعارضة علي باطل وهم علي حق حتي أصبحنا ممزقين. حتي المثقفين احتاروا ويري إيهاب يحيي محاسب أن المليونيات التي تخرج كل يوم ما هي إلا تصفية حسابات بين القوي السياسية المتصارعة علي السلطة فكل فريق يريد أن يظهر قوته للمنافس في حشد أكبر قدر من المواطنين مما يعمق الخلاف والانشقاق بين أبناء الوطن فأصحاب المصالح يستغلون ارتفاع نسبة الأمية في مصر ويستقطبوا الغلابة حتي المثقفين أصبحوا في حيرة من أمرهم إلي أي من الفريقين ينضموا. ويتهم عماد عوض محام الإعلام بأنه هو المسئول الأول عن حالة فقدان الاتزان السياسي التي يعاني منها الوطن فلقد تخلي الإعلام عن دوره الرئيسي في تنوير الشعب وتوصيل وجهات النظر المختلفة بحيادية فهو يعمل وفق توجهات وأهواء معينة مما يصيب المشاهد بالتشتت. سمير عويس - موظف بالمصانع الحربية - من المفروض علي الشعب والأحزاب الالتفاف حول قرارات الرئيس وندعو كافة الأطراف السياسية بالهدوء لحين استقرار الأوضاع وما يحدث الآن من كافة الأطراف ورائها أجندات خاصة ومصالح بعيدة كل البعد عن رفعة مصر واستقرارها. ويضيف حسني عبده - بائع خبز - عمره 71 عاماً أنه لا يعلم أي شيء عما يحدث ولا انتمي لأي طائفة ولست أحب أن أكون طرفاً في هذه الصراعات والمشاكل التي أثرت علي طبيعة عملي كبائع خبز كل ما يعنيني أن أوفر قوت يومي لأسرتي ويدعو شعب مصر كله بالهدوء والعمل لكي نمر ببلدنا إلي بر الأمان والاستقرار. وتقول فايقة محمد - ربة منزل - كرهت هذه الأحداث التي تمر بها البلاد الآن ولا تفهم ما يدور وإلي أي طائفة تنتمي لأنهم في النهاية كل واحد يدور علي مصلحته الشخصية وأنا سيدة لدي 5 أولاد ومن بينهم بنتان في سن الزواج وأتقاضي معاشاً 450 جنيهاً فقط والحياة أصبحت صعبة وارتفاع أسعار السلع في ظل المظاهرات واستغلال أصحاب الضمائر المعدومة الذين يربحون من وراء هذه الأحداث ولا يهمهم الطبقة الفقيرة بل مصالحهم الشخصية فقط. احنا في حرب تصرخ الحاجة أم علاء ياريت البلد تهدأ شوية علشان احنا اتحولنا الآن لحرب وربنا هو الأعلم كيف ستسير الأمور بعد ذلك فأنا سيدة مسنة ولدي ثلاث أولاد حاصلين علي مؤهلات مختلفة وحالهم واقف بسبب تلك الاعتصامات فبسبب ذلك كل شيء بيرتفع أسعاره وأنا أجهل يعني إيه كلمة دستور ويعني إيه أحزاب سياسية ومش عارفة من فيهم الصح من الخطأ كل من يهمني أن أجد فرص عمل لأبنائي واستقرار البلد. حمادة شلبي بائع خضراوات من سكان الجيزة يشير إلي أنه يجد صعوبة بالغة في الوصول من منطقة العبور إلي وسط البلد بسبب إغلاق طريق صلاح سالم من الاعتصامات وكل ما يشغل باله هو أكل العيش واستقرار الحياة. أحمد فارس بائع متجول لا يعرف إلي أي جماعة ينضم ويتمني الاستقرار والأمن للبلد ولا يعرف ماذا سيحدث في المستقبل إذا استمر الوضع إلي ما هو عليه الآن ويقول نحن خائفون في الشارع من السرقة أو الاعتداء علينا من البلطجية لعدم تواجد الشرطة. دستور يا أسيادنا جمال السعيد بائع عرائس الموضوع وقف حال بالنسبة لحركة البيع والشراء وامتناع المواطنين للنزول للشارع خوفاً من أي إضرابات أثناء المظاهرات أو معارك قد تتسبب بين المتظاهرين وللأسف أحنا اللي بندفع الثمن من رزقنا ورزق أولادنا. مصطفي محمد طالب بالجامعة قال أنا محتار ولا أعرف أي طرف من الطرفين هو الصح ونعاني الامرين في ذهابنا إلي الجامعة في ظل الأوضاع الراهنة وأتمني أن تنتهي هذه المظاهرات حتي تعود الحياة إلي طبيعتها. يؤكد معاذ أشرف طالب بكلية الهندسة بأن هذه الأوضاع جعلت صورة مصر أمام العالم في أسوأ حالة وأن الثورة تحولت إلي مطامع شخصية بعيدة كل البعد عن مطالبها من حرية وعدالة اجتماعية وأصبحت العبارات الجارحة والخارجة عن إطار الاحترام الموجهة إلي الرئيس والسياسيين وسادت سياسة التخوين معللاً أن الرئيس لا يمتلك عصا سحرية في مواجهة كل هذه العراقيل والمطالب الفئوية والحزبية ولاحظنا في الآونة الأخيرة تحركات خارجية لدفع عملية التنمية وتقليل حجم الديون لذا يجب إعطاء الرئيس فرصة وبعدها الشعب يحكم عن الأداء السياسي في تلبية احتياجات المواطنين وانهي حديثه بأن صلاح مصر نابع من إصلاح سلوكياتنا. الحقوق والواجبات يشير فاروق علي محامي إلي أن مصر الآن تسير في طريق مسدود وإذا استمر الوضع هكذا ستتدهور الحالة الاقتصادية بصورة كبيرة وبلدنا الآن تحتاج لزعيم شعبي يقف الشعب خلفه يجمع بين القوي السياسية وتوحيد الصفوف وأن يصلح كل مواطن من نفسه ونشر الوعي السياسي ومعرفة كل مواطن لحقوقه وواجباته تجاه وطنه والشباب الآن حائر بين التدهور السياسي وتردي الحالة الاقتصادية والفئة الاجتماعية المتوسطة في خطر داهم حيث أن الأب كل ما يهمه توفير لقمة العيش وفي ظل هذه المعاناة لا يستطيع توجيه أبنائه نحو الصالح فالسواد الأعظم من شعب مصر لا يفقه أي شيء من الناحية السياسية راجياً من الله أن تنعم مصر بالأمن والأمان للشعب. عنق الزجاجة يعلق محمد أحمد من السودان أن الأحداث التي تمر بها مصر ستقودها إلي عالم فريد من القوة وليس الانقسام وهذه أحداث تعد من اساسيات أي ثورة فكل فئة تعبر عن رأيها بعد ممارسات من القهر تخطت الخمسون عاماً وما حدث في الماضي يصعب علي أحد استيعابه في فترة وجيزة لابد من أن كل فئة تعبر عن رأيها في الدفع بمصر إلي الأمام كسابق عهدها في الريادة وما يحدث الآن ينم علي أن شعب مصر متحضر وما يحدث أقل بكثير فيما يحدث بدول الجوار ليبيا وسوريا متمنياً ألا تطول هذه الفترة وتعبر مصر من عنق الزجاجة إلي صفوف الدول المتقدمة. يضيف رشاد عاطف بائع متجول بأن الصراع الدائر بين الأطراف السياسية يدفع بالبلد إلي الوراء لعدم وجود حوار مفتوح بين كل الأحزاب وبسبب ذلك توقفت حركة البيع والشراء في شوارع وسط البلد وأصبحت غالبية المحلات خالية من البيع والكساد طال معظم هذه المحلات مما اضطر أصحابها لغلقها بالإضافة إلي التعامل مع كافة البائعين بنظام العمولة حسب حركة البيع كما غاب عن السوق المشتري لخوفه من الأحداث وصعوبة الوضع الاقتصادي.