أي ثورة هدفها إرساء قواعد العدل لا فوضي التشفي وفرش الملاية وفتح صفائح الزبالة دون حذر.. فالمواطن يعيش المحن ومصر الآن في أمس الحاجة إلي القبضة القوية الحازمة العادلة والمنجزة. لا القبضة المستبدة الطاغية.. القبضة التي تفرض الأمن والاستقرار وتحمي مكاسب الثورة قبل أن تتهاوي هذه الثورة وتأخذنا معها إلي ما لا يحمد عُقباه.. فهذه مسئولية كل راشد ولبيب في مصر.. علينا أن نتساءل ماذا بعد اغتصاب ماء النهر الذي يروينا؟ وماذا عن اقتصادنا الذي يتآكل كل يوم بعد الآخر؟ ونفر من شياطين الإنس يخربون بيوتنا وطابور خامس ماثل بين جنباتنا.. يراقبنا وينسل بخنجره في ليل ليحول ثورتنا إلي جحيم يقتل الأخضر واليابس ويحرق الأمل في النفوس التي تشرئب لصنع مستقبلها بيديها وليس بيد غيرها. ألا نتعقل يا سادة يا أيتها النخبة المزعومة ونتبصر أمورنا ونرسم خارطة طريق تنقلنا إلي آفاق رحبة واسعة نعبر بها إلي بر الأمان. تطهري يا مصر. فالذنوب قد كثرت والعتمة قد حلت والقلوب ظمأت والحناجر صرخت والأمل يبدو قد تحطم ولا طريق أمامك يا مصر إلا أن تتطهري من ذنوبك ونفسية نخبتك المريضة فثوبي إلي رشدك فالأمر جد خطير. نعم جد خطير. فالذنوب تئن منها البلاد والعباد واليأس ملأ النفوس والأجساد. فلا مفر إلا من توبة نصوح لرب الأرباب والعباد. والتجرد من المصالح الضيقة والخطاب غير المعلن المختلف عن المعلن.. فوسط هذا الجو يا مصر الملبد بالظلمة الحالكة تتصارع قوي النفس البشرية والتي تمثل القوي السياسية لتصارع الأكلة إلي قصعتهم والأشرار إلي شرهم. فالذنوب يا مصر قد رانت علي قلبك الذي اسود وختم علي سمعك غشاوة فمن يهديك بعد الله.. فهو تعالي الذي يعلم ما نخفي وما نعلن. ولا يخفي علي الله شيء في الأرض ولا في السماء. مصر.. إلي أين أنت ذاهبة.. الاستبداد لايزال نتوارثه ونُفعّله والبلطجة السياسية صارت شرفاً لمن لا يعرف الشرف.. ولاتزال الرشوة والجهل الثقافي وإدارة الفساد والمحسوبية وثقافة السمسرة تنخر فينا. مصر.. نريدك مجتمعاً تكاملياً.. الكل فيه يتناغم. والكل فيه منسجم يجتمع علي هدف واحد.. انه الشوري لا التفرق ولا ليس من معي فهو ضدي.. مجتمع الشوري هو النظام الأعم للتوافق في الحياة وممارستها رسميا وشعبيا. لأن مجتمع الشوري يا مصر هو مجتمع ينخرط فيه أهل العلم والخبرة ليقدموا ما عندهم من علم وخبرة.. إن المجتمع حينما يحكمه الفرد والفرد فقط.. مجتمع سمته العصبية والانغلاق والديكتاتورية والشمولية وفيه تتوقف عقول الناس وتنعدم خاصية التفكير فيصبح الناس بُلهاء لا يميزون الصواب من الخطأ ولا الغث من السمين ولا الصالح من الطالح.. انه مجتمع الشللية أو الحزبية والمنافقين ولصوص الأزمات والكذابين وحاملي الشعارات المزيفة.