توقع صندوق النقد الدولي في تقرير أمس أن تشهد معظم الاقتصادات التي أضيرت جراء انتفاضات الربيع العربي تعافيا بطيئا مع مكابدتها تضخما مرتفعا وبطالة متزايدة بسبب ضعف الأوضاع العالمية. وقال الصندوق في توقعاته نصف السنوية للشرق الأوسط وشمال افريقيا إن عودة الاستقرار السياسي جزئيا سيتيح نموا أسرع إلي حد ما لكل من مصر والأردن والمغرب وتونس واليمن في عام 2013 لكنه تابع أن ضعف الطلب في أوروبا ومناطق أخري سيؤثر علي دول الربيع العربي التي تنكمش صادرات العديد منها ولم يصل التراجع لمداه بعد. وجاء في التقرير ¢من المتوقع أن يستمر النمو أقل من الاتجاهات طويلة الأمد وينتظر أن ترتفع نسبة البطالة بسبب استمرار ضعف الطلب الخارجي وأسعار الغذاء والوقود المرتفعة والتوترات الاقليمية وضبابية السياسات¢. وأقر مسعود أحمد مدير إدارة الصندوق للشرق الأوسط وآسيا الوسطي بأن الصندوق وغيره من المؤسسات التي أعلنت توقعات قللت من شأن المصاعب التي تواجه دول الربيع العربي وقال إن التوقعات السابقة كانت تشير لبدء تعاف في العام الجاري ولكن هذا لم يتحقق. وصرح في مؤتمر صحفي ¢توقف الانكماش ولكن لدينا معدلات نمو تجاري بصعوبة نمو السكان وبالتأكيد أقل كثيرا من المستوي اللازم لخفض معدل البطالة¢. وتوقع الصندوق أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في الدول الخمس بنسبة 3.6بالمائة في العام المقبل ارتفاعا من توقعاته للعام الجاري عند اثنين بالمئة ومن 1.2بالمائة في 2011. وفي عام 2010 السابق علي اندلاع الانتفاضات بلغ معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي 4.7بالمئة. ونتيجة ضعف الطلب العالمي سيسجل ميزان المعاملات الجارية في تلك الدول تحسنا طفيفا فحسب في العام المقبل وتوقع الصندوق أن تصل نسبة العجز إلي 6.4بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 5.4بالمئة في العام الجاري. ولمح الصندوق إلي أنه يتعين علي بعض الدول دراسة السماح بمرونة أكبر في أسعار الصرف - ما يعني خفض قيمة عملاتها - من أجل تحفيز الصادرات دون أن يحدد أسماء الدول التي يعنيها. ويعتقد محللون أن الصندوق ربما يحث مصر علي السماح بانخفاض قيمة عملتها في المحادثات الجارية الآن بشأن قرض بقيمة 4.8مليار دولار يقدمه الصندوق للقاهرة. لكن أحمد لم يحدد الدول التي يري الصندوق أن عليها خفض قيمة عملاتها. وقد يؤجج ضعف العملات نسبة التضخم التي يتوقع الصندوق أن ترتفع إلي 6.8بالمائة العام المقبل وهو أعلي مستوي منذ 2008 مقارنة مع 7.8بالمائة هذا العام. ويتوقع صندوق النقد أن ترتفع نسبة التضخم في مصر والمغرب في خضم محاولات البلدين خفض العجز الكبير في الميزانية من خلال تقليص دعم الغذاء والوقود. ودفعت التوترات السياسية دول الربيع العربي لمحاولة تحقيق السلم الاجتماعي بزيادة الإنفاق علي الرعاية الاجتماعية مثل الدعم. وتوقع الصندوق أن ينكمش العجز المجمع لميزانيات الدول الخمس بشكل طفيف العام المقبل إلي ثمانية بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي من 9.1بالمائة. وأبدي أحمد قلقه لعدم أخذ الدول قرارات صعبة لخفض العجز في ميزانياتها. وقال ¢بعض الدول تمول الانفاق الحالي وأغلبه علي هيئة دعم بخفض مخصصات الاستثمار ما يعد مقامرة بمستقبل الاقتصاد¢. وتمثل ليبيا التي اطاحت في العام الماضي بزعيمها معمر القذافي استثناء لافتا من نموذج النمو البطيء بفضل ثروتها النفطية. وبدأ انتاج النفط يعود لمستوياته قبل الاقتتال في البلاد بوتيرة أسرع من المتوقع. وانكمش الناتج المحلي الاجمالي في ليبيا بنسبة 60بالمئة في العام الماضي لكن الصندوق يتوقع أن ينمو بنسبة 122 بالمئة العام الجاري و17 بالمائة في 2013 وسبعة بالمئة سنويا في المتوسط بين عامي 2014 و2017 بافتراض تحسن أوضاع الأمن داخل البلاد. وتوقع الصندوق أن تسجل ليبيا فائضا كبيرا في الميزانية يصل إلي 19 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في 2012 وفائضا في ميزان المعاملات الجارية بنسبة 22 بالمئة. وقال الصندوق إن نسبة التضخم في ليبيا قفزت إلي 16 بالمائة في العام الماضي نتيحة ما أصاب المصانع وشبكة النقل من أضرار بسبب المعارك لكن من المرجح أن تنخفض النسبة إلي عشرة بالمئة العام الجاري مع عودة أنشطة الشركات إلي طبيعتها تدريجيا ثم تنخفض إلي واحد بالمئة فقط في العام المقبل.