تعيش مصر حالة من العشوائية في اتخاذ القرارات المصيرية والتي تكررت بشكل مخيف.. وتراجعت فيها الدولة والحكومة.. مما يعكس نوعاً من عدم الرضا في الشارع وتزداد معه حالات الاحتقان وتقل معه هيبة الدولة ويؤدي إلي عدم ثقة المواطنين في النظام والحكومة التي تصدر القرارات دون دراسة متأنية ثم تعود للتراجع عن تطبيقها نتيجة لسوء الفهم كما حدث من قبل في قرار إقالة النائب العام أو عدم وضوح الرؤية القانونية والدستورية كما حدث أيضاً في قرار عودة مجلس الشعب المنحل بحكم الدستورية العليا وأخيراً قرار إغلاق المحال التجارية في العاشرة مساء والذي أجلت الحكومة تطبيقه حتي تتم دراسته مع المحافظات والغرف التجارية والتجار. السؤال الذي يطرح نفسه.. أليس من المفروض أن تتم الدراسة الجيدة لأي قرار من مختلف أبعاده وجوانبه وآثاره قبل اتخاذه.. أم يتم إصدار القرار ثم التراجع فيه وإعادته للدراسة بعد عدم القدرة علي تطبيقه.. مما يعكس نوعاً من البلبلة ويؤدي أيضاً إلي إضعاف هيبة الدولة؟.. مطلوب الدراسة المتأنية الواضحة لأي قرار قبل إصداره حتي يحقق مصلحة الوطن وحتي يعطي المصداقية والقوة وساعتها سيحترمه المواطن وسينفذه وستزداد ثقته في حكومته. القرار الذي يحتاج للدراسة المتأنية قبل إصداره أيضاً هو إنشاء 5 محافظات جديدة في إطار التنظيم الإداري الجديد للدولة.. يجب أن تتذكر الحكومة جيداً أن هذه الفكرة قد تم تنفيذها من قبل في محافظتي أكتوبر وحلوان وثبت عدم جديتها وعادت "ربما لعادتها القديمة" وتم إلغاء القرار وتكلفت الدولة الكثير جراء إصدار القرار والعودة فيه.. نفس المحافظة وهي حلوان ستعود من جديد ولكن باسم مختلف هو 25 يناير.. والسؤال الذي يطرح نفسه أيضاً لماذا ألغيت هذه المحافظة بعد أن كانت موجودة؟ مطلوب دراسة متأنية واضحة لأنه من الممكن أن يكون إنشاء محافظة جديدة في سيناء مفيد وأيضاً في مطروح أو العاشر من رمضان.. لكنها تكون ضارة في أماكن أخري. *** نادي الزمالك العشوائي وبما أننا نتحدث عن العشوائية التي تسود البلاد فمن الواضح أنها تستشري في معظم قطاعات الدولة والدليل علي ذلك ما شاهدته في ناد يعتبر من أقدم وأغرق وأكبر الأندية الرياضية في مصر وهو نادي الزمالك.. هذا النادي لا يمتلك أتوبيساً لينقل لاعبيه إلي الملاعب المختلفة ويضطر يومياً إلي تأجير أتوبيس يستقله اللاعبون وجهازهم الفني لأداء مبارياتهم علي ملاعب الفرق الأخري وبالتالي حدثت المفاجأة ولم يأت الأتوبيس في الموعد المحدد لنقل فريق السلة تحت 14 سنة بنات لنادي السكة الحديد لأداء المباراة المهمة والفاصلة التي تحدد مسيرة الفريق في الدوري.. وكان من الممكن ألا يذهب الفريق وينسحب من البطولة وتلغي نتائجه لولا أن أولياء أمور اللاعبات بالاشتراك مع مدرب الفريق تصرفوا ونقلوا الفريق بسياراتهم الخاصة ولعب المباراة وفاز فيها وتصدر مجموعته وإدارة النادي وإدارة النشاط الرياضي لا يهمها الأمر من قريب أو بعيد.. ليس هذا فقط ولكن النادي في مختلف أنشطته يسير بعشوائية منقطعة النظير وتعكس الحال المتردي الذي وصل إليه النادي الكبير. مطلوب الابتعاد عن العشوائية في اتخاذ القرارات ودراستها بعناية قبل إصدارها حتي لا تستشري في قطاعات الدولة المختلفة وتصبح الحكاية "سمك لبن تمر هندي".