لا ينكر أحد أن مصر وطبقاً لتأكيدات خبراء الاقتصاد تمر بأسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها عقب ثورة 25 يناير التي انفجرت في وجه الطغيان والفساد الذي استشري في جسد الدولة.. وارتفعت درجة الغليان حتي انفجر البركان وأسقط الحاكم.. وحاول البعض إسقاط الدولة.. واختلقوا الأزمات ولم يدعوا فرصة لأبناء مصر الشرفاء أن يبنوا الأمجاد عقب هدم أركان الفساد.. وتحولت ساحة الثورة التي قام بها أبناء مصر الأوفياء وضحوا بأرواحهم رخيصة من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة تحولت الساحة إلي صراع تيارات وحركات علي مكاسب ومغانم بينما غاب الوطن عن المشهد تماماً في حلبة الصراع علي السلطة تارة وعن مكاسب ذاتية تارة أخري.. وهدد من لم يلحق جزءاً من الغنيمة.. بأنه سيحرق ويدمر ويثور ويبقي في الميدان تحت شعارات هو أبعد ما يكون عنها.. وكلما هدأت الأمور وسارت نحو الاستقرار يظهر من لم يجد له دوراً علي الساحة.. وابتعدت عنه الفضائيات وعاد إلي وضعه الطبيعي.. بحثاً عن أزمة أو استغلال أي مشكلة ولو بسيطة ليصنع منها قضية أمة وأنه الوحيد القادر علي لم شمل الوطن تحت لوائه بينما يبحث عن مكسب شخصي وتجد هؤلاء يتضامنون مع أي وقفة احتجاجية ولو كانت علي باطل المهم أن يظهر في دور الزعيم المناضل ويظهر علي الفضائيات.. وظهر ذلك جلياً في اضراب عمال السويس.. ثم المحلة.. وحتي إضراب الأطباء والمعلمين وبينما الزعيم الحق من يضع الصالح العام فوق شخصه.. الثائر الحق.. من يبني ولا يهدم.. يضيف ولا ينقص.. فلا أعتقد أن من حرق المجمع العلمي وتراث مصر ثائر أو مصري علي الاطلاق.. لا أعتقد أن من يقطع طريقاً أو يحرق منشأة ثائر أو مصري.. ولا أعتقد أن من يزعم أنه ناشط ويسافر من هنا إلي هناك ويتربح من الثورة ويقبض ثمن تخريب مصر أنه ثائر أو مصري حتي لو تحدث باسم الثورة وظهر مائة مرة علي الفضائيات وزعم أنه زعيم حركة أو ناشط سياسي وامتلأت جيوبه بالدولارات وصار يركب أو تركب أفخم السيارات وسكنت أرقي الأحياء.. هؤلاء الذين يتربحون من إثارة القلاقل وعدم الاستقرار لا يمكن أن يكونوا مصريين أو ثائرين علي الإطلاق.. وإنما تدربوا علي ارتداء أقنعة الثوار وعباءة النضال وينفذون دورهم بدقة في الإثارة وحرق الأوطان.. ولك أن تقارن بكل سهولة وبلا فحص أو تمحيص بين حال هذه أو هذا قبل 25 يناير وبعدها.. لتدرك زيف شعاراتهم تراها أو تراه يتحدث بحرقة عن الحرية والوطن والثورة.. بينما امتلأت بطونهم بالدولارات وهم يهدمون ولايبنون.. ولو أنهم حقاً يريدون صالح الوطن والمواطن البسيط والشعب الكادح الذي هو دائماً وقود الثورات وباعثها وباني الأوطان وحاميها.. لو أنهم حقاً مع الشعب لكانوا قد ثاروا عندما وضع النظام السابق قانون الإيجارات الجديد الذي صار سيفاً علي الرقاب أو قانون الضريبة العقارية.. ولو كانوا ثواراً حقاً لثاروا يوم أن انتحر شاب نابغ ومتفوق عندما تقدم لوظيفة بجهة سيادية وكان أفضل المتقدمين تم استبعاده لأنه لا يملك واسطة.. أين كان هؤلاء النشطاء وأين كانت مراكز حقوق الإنسان التي تملأ الفضائيات.. وكل يبحث له عن دور ومكاسب وشهرة وزعامة بلا زعيم. *** أقول إن مصر تمر خلال هذه الفترة بأسوأ الأوضاع الاقتصادية وهذه المرحلة لا تحتمل أي شقاق أو خلاف ومن يحب مصر حقاً عليه أن يغلب الصالح العام.. وعلي كل التيارات الشعبية والليبرالية والدينية أن تجتمع تحت لواء مصر فوق الجميع.. تتجاوز الخلافات.. حتي نستطيع أن نبني مصر المستقبل ونعبر من عنق الزجاجة بأمن وسلام. *** أتمني أن يدرك الجميع خطورة هذه المرحلة وضرورة التوافق علي دستور لكل المصريين.. دستور يراعي الطبقة الكادحة ووحدة الوطن والحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون.. فإن هلاك الأمة في التمييز إذا سرق الشريف تركوه.. وإذا سرق الضيعف عاقبوه هلاك الأمة في التمييز.. فيحصل علي الوظيفة ويدخل الشرطة والقضاء.. ابن فلان.. ويستبعد ابن فلان.. العدالة ثم العدالة أقصر الطرق للاستقرار والأمن.