أيقنت مساء أمس الأول بما لا يدع مجالاً للشك أن التربص بهذا البلد حقيقة لا يأتيها الباطل من بين يديها أو خلفها. إنما هي واقع. يذهب إليه البعض لحاجات في نفس يعقوب. بالتأكيد ليست بدعوي الخير. أو الانتصار لهذا البلد. لكنها سعي الذات البشرية لتحقيق مآربها. حتي لو احترقت الدنيا. وذهب هذا الوطن كل مذهب وتفرقت أوصاله. اليقين الثاني الذي تأكد لدي. أن الإعلام المصري. والفضائي منه بالذات. يحتاج إلي صحوة ضمير. قبل أن تشب النيران في جنبات هذا البلد. ولا أظنه أي الإعلام بغافل عما يفعل. بل إن القصد موجود وراء كل فعل أو كلمة تصدر عنه. يدركها جيداً. ويعرف مراميها ونتائجها مسبقاً. وكأننا نشارك بالضمير الميت في هدم كيان دولة تبرعاً خالصاً. أو انتظاراً لنتائج يعرفونها مسبقاً. وكأن هذا البلد لم يعد يهم أحداً. وكأنه القصعة التي تكالب عليها أكلتها. كلى ينهش فيه بما لذ له أن يأكل! بالأمس الأول.. انطلق الكاتب الصحفي مصطفي بكري. عضو مجلس الشعب المنحل. ورئيس تحرير جريدة "الأسبوع" في حملة ضارية ضد جريدة "الجمهورية" التي راح يقول إنها رفضت طباعة جريدته الأسبوعية. لأن عددها الجديد يتضمن حواراً مع المشير حسين طنطاوي.. امتلأت المواقع الاليكترونية المختلفة بهذا الخبر "المختلق" الذي ليس له أساس من الصحة. لأن النسخ الأولي من العدد الجديد للأسبوع الذي طبعته "الجمهورية" كان في يد مصطفي بكري. قبل نشر الخبر علي هذه المواقع. تعاملنا مع الموقف بحسن الظن. فربما كان مصطفي بكري لا يعلم أن جريدته قد بدأ طباعتها. وتوقفت بعد قليل لضبط ألوان صفحة إعلانات. هي الصفحة التاسعة.. وبما أن بكري قد طلب طباعة صحيفته يوماً مبكراً عن موعدها الأصلي.. ولأن موعد طباعة جريدة الدستور اليومية قد حل عند السادسة مساءً. وبعدها يحل موعد طباعة الطبعة الأولي من "الجمهورية". فقد وجهت الزملاء في المطابع باعتباري رئيس الشركة المسئولة عن المطابع بدار التحرير للطبع والنشر "الجمهورية" بتأجيل استكمال طباعة الأسبوع إلي ما بعد الطبعة الأولي من "الجمهورية". باعتبارها جريدة أسبوعية. والصحف اليومية لابد أن تلحق بتوزيعها الليلي.. وليس في ذلك غضاضة من أي نوع. بل إنها ليست السابقة الأولي للأسبوع أو غيرها من الصحف الأسبوعية التي تطبع عندنا. ومنها جريدة "الأنباء الدولية" التي طبعت في نفس الليلة مع جريدة "المساء". دون أن يتحدث أصحابها عن مؤامرة ضدها. وكذلك لم يفعل بكري في أعداد سابقة. رغم تشابه الظروف.. فما الذي حدث هذا الأسبوع؟! الذي أؤكده.. أنني اتصلت بالأستاذ مصطفي بكري. وأحطته علماً بما هو حادث وتفهم الموقف. خاصة وأن بين يديه نسخاً مطبوعة من جريدته. واستكمالها مرهون بالانتهاء من الطبعة الأولي ل"الجمهورية".. لأفاجأ بعد ساعة من مكالمتي لبكري. بأن حملته انتقلت من المواقع الاليكترونية إلي القنوات الفضائية. ينتقل بمداخلاته التليفونية من واحدة إلي الأخري. في إصرار عجيب منه. علي أن "الجمهورية" عطلت طباعة الأسبوع لحين استئذان القوات المسلحة في نشر حوار بكري مع المشير حسين طنطاوي.. مع أنه أول من يعلم أن ذلك لا يحدث إطلاقاً. وأن "الجمهورية" جهة طباعة في هذه الحالة وليست جهة نشر. وأن من حق كل صاحب جورنال أن ينشر ما شاء دون تدخل منا. لأننا لسنا أكثر من جهة طباعة.. وفقط! خطورة ما حدث غير قليلة أو هينة.. بل هي عظيمة إن شئنا الدقة.. فالذي حدث من بكري عبر المواقع الاليكترونية والقنوات الفضائية هو تحريض للرأي العام علي "الجمهورية" عندما حاول تصويرها علي أنها تابع أمين لجهات سيادية وأخري رقابية في البلد. وفي ذلك مزايدة غير مقبولة علي الجريدة التي انطلقت في الخمسينيات من القرن الماضي. معبرة عن ثورة يوليو 1952. ومازالت معبرة حتي الآن عن هذه الروح. وما بعدها. حتي ثورة يناير ..2011 الأمر الثاني. هو محاولة الوقيعة بين "الجمهورية" والمؤسسة العسكرية. التي نعتز بها ونقدر رجالاتها العظام. ربما استغلالاً للوقفة الأخيرة التي تم بموجبها تغيير رئيس التحرير ومازال للأمر تداعيات لم تنته بعد. وإذا كان الأستاذ مصطفي بكري لا يري هذه المعاني فيما ذهب إليه من تصرفات. فتلك مصيبة.. لكن النتيجة النهائية كانت طلب إدارة جريدة "الأسبوع" منا. زيادة كمية المطبوع منها مساء أمس الأول بنسبة 50% عن كميتها المعتادة. لأن ما قام به الأستاذ بكري كان ترويجاً شديد الذكاء لعدد صحيفته الجديد. وللحوار الذي أجراه مع سيادة المشير حسين طنطاوي.. وكان من الممكن أن يريح نفسه عناء كل ذلك ويطلب منا أن ننشر له إعلاناً مجاناً في إصداراتنا!... 1⁄41⁄4 وبعد.. علامات الاستفهام الفارقة في هذا الموضوع. تبرز أمام عيني من المفارقة بين علم بكري بكل ملابسات طباعة صحيفته. واستمراره علي نهجه في مخاطبة الفضائيات والترويج لامتناع "الجمهورية" عن طباعة "الأسبوع" لتضمنها حواراً مع المشير طنطاوي.. وكذلك ذهب الإعلامي محمود سعد. وزميلته لميس الحديدي في استهجان التصرف من "الجمهورية". رغم عدم محاولة أي منهما الاتصال بالطرف الثاني لسؤاله عن حقيقة ما حدث.. ليتساءل الاثنان ما الذي نفعله في البلد. ولأتساءل أنا بدوري: ما الذي يفعله هؤلاء جميعاً في البلد؟!