عنوان غريب في الليالي السياسية الحالكة.. وديوان شعر يدغدغ الأعصاب المتهالكة.. اختاره "نزار قباني" لمجموعة قصائد "محمد سعيد عمرية".. تصورت انه دواء لمعاناة لا تنتهي اختفي فيها العشق وسادت الكراهية.. لجأت إليه اقرأه من جديد لعل وعسي.. ادندن معه مثل الأيام الخوالي: اغفري لي جنون هوايا. فأنا الممنوع من اشهار عشقي بين الصبايا.. والله زمان فخريف العمر ضرب من عذاب. الشاعر "رايق" فلما فاض به الشوق وتدللت حبيبته سألها هل تريدين مني ان انتحر؟ كيف.. قبل ان اتسلق جبال نهديك الدافئتين.. دون ان اضمك برفق علي صدري وابتل من عطرك أكثر واشرب من نبيذ شفتيك واسكر.. وارتشف طراوة خدك. المدعوك بعسل السكر.. كيف انتحر؟ إذن نحن الذين ننتحر فباقي القصيدة كفر! أمنيات "محمد سعيد" من نفس الهمس.. وكلماته من نفس اللهفة.. وأوصافه تعري الجسد.. له تعبيرات تتكرر مثل اسافر في عينيك أو عتمة ضفائرك أو في حضن شجونك أو ابحر تحت جلدك الأسمر أو خدك الأحمر.. ومثل عباءة حبي المجروح أو رائحة عطرك المبحوح أو ذيلك المذبوح. تبدو الحياة وكأنها حب في حب بالليل وآخره حتي آخر الدنيا وآخر العمر.. حتي الموت ورغم كل الأوجاع. ومع ذلك. يسأل: ليتني أعرف من أنت؟! ومن أي كوكب أتيت؟ اسأل نفسي: لماذا التسكع علي أرصفة العشاق؟ الحق انني اهرب من واقع يغضبني ويزعجني ويقلقني. تطاردني وقائعه ليل نهار ولم أجد إلا قصائد شعر الجأ إليها كلها حب وغرام ولو كانت ضربا من الخيال. فشلت جميع الحكم والأمثال "ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع".. فالكل يحاول أن يطير. وادندن "كل ده كان ليه" وأنا أحصي عدد القصور والشاليهات والشقق في التجمع أو الساحل.. كثيرة بحيث لا يزورها أحد. لا أصدق حكايات السيارات ال "بي ام دبليو" فبعد ان اسدل الستار علي غرام الدكتور "الكتاتني" بها مع انها لرئيس مجلس الشعب الذي أغلقت أبوابه واستمعنا للدكتور إبراهيم زهران خبير الطاقة وهو يقول علي الهواء في مواجهة وزير البترول الحالي ان زوجة الوزير الأسبق المهندس سامح فهمي مازالت تستخدم سيارة الوزارة وهي أيضا "بي ام دبليو".. بهدوء قال الوزير الحالي انه تم سحب السيارة من الأمس وهي الآن في جراج الوزارة.. لعله سهو ونسيان.. ولكن زميلنا عبدالعظيم الباسل يتقدم ببلاغ آخر في مقاله عن سيارتين آخريين مازالتا لدي اسرة الوزير الأسبق واحدة "شيروكي" والثانية "باسات"! وابتسم متحسرا لعنوان "خالد منتصر": "هم يعاجلون بالخلايا الجذعية.. ونحن ببول الأبل". كنت أهرب لشعر "أمل دنقل" ماذا كان سيقول لو أنه عاش أيامنا؟ واقرأ كل صباح "مربعات الأبنودي" فلا يشفي الكلام الصادق الجميل غليلي.. وأنا عاجز. عيبي اني فاهم. أو اتصور نفسي كذلك. ما صدقت ان أجد "محمد سعيد" المتسكع علي أرصفة العشق. فمثله في هذا الزمان ليسوا كثيرين. ولعل شاعر الجد المدعوك بعسل السكر لم يعد يغرد!