37 عاماً مرت على رحيل فارس الرومانسية "يوسف السباعي" الذي تنبأ بوفاته وذلك في سطور كتبها في رواية طائر بين المحيطين التي صدرت عام 1971 قائلاً: ماذا سيكون تأثير الموت عليّ؟ وعلى الآخرين؟ لا شيء .. ستنشر الصحافة نبأ موتي، كخبر مثير ليس لأني مت، بل لأن موتي سيقترن بحادثة مثيرة وفي 18 فبراير 1978 اغتيل الأديب والمفكر يوسف السباعي بثلاث طلقات غادرة سكنت قلبه للأبد على يد اثنين من العرب بأحد الفنادق بقبرص بعد حضوره مؤتمراً آسيوياً أفريقياً بسبب موقفه الداعم لاتفاق السلام المصري الإسرائيلي الذي قام به الرئيس الراحل أنور السادات. ولد الأديب والمفكر الكبير يوسف محمد محمد عبد الوهاب السباعي وشهرته "يوسف السباعي" في حارة الروم بحي الدرب الأحمر في 17 يونيه 1917. وكان للسباعي أخان هو أكبرهما، توفي والده وهو في ال 14 من عمره وظل متأثراً بوفاته لفترة طويلة، وظل يتنقل في السكن والمدارس حتى حصل على البكالوريا القسم العلمي من مدرسة شبرا الثانوية عام 1935. تخرج السباعي في عام 1937 من الكلية الحربية وتولى من بعدها العديد من المناصب التقليدية العسكرية منها التدريس في الكلية الحربية بسلاح الفرسان، كما عمل مدرساً للتاريخ العسكري بالكلية الحربية عام 1943 ثم تم اختياره مديراً للمتحف الحربي عام 1949 وتدرج في المناصب حتى وصل الى رتبة عميد. وعلى الرغم من تربيته العسكرية التي كللت شخصيته بالصرامة والتفكير العقلاني إلا أنه امتلك إحساساً مرهفاً وقلباً رقيقاً مكنه من كتابة أجمل القصص والروايات. وقد تأثر فكر يوسف السباعي الأدبي بوالده "محمد السباعي" الذي كان متعمقاً في الآداب العربية وشرعيتها وفي الفلسفات الأوروبية الحديثة وترجم العديد من الأعمال مثل "الأبطال وعبادة البطولة" لتوماس كارلايل وكتب في مجلة "البيان"، وأشعار عمر الخيام. بدأ السباعي في الكتابة الأدبية وهو بالمرحلة الثانوية وعمره 17 عاماً حيث كان مسئولاً عن مجلة مدرسية ونشر بها أول قصة كتبها في عام 1937 بعنوان "فرق الأنواء" وفي منتصف الأربعينيات نشر مجموعات قصصية كانت بدايتها إعادة نشر قصصه المدرسية في مجموعته القصصية "أطياف" عام 1946 وبعدها بدأ بكتابة الروايات كراوية "نائب عزرائيل عام 1947 وتلتها العديد من الروايات في فترتي الخمسينيات والستينيات. قدم السباعي نحو 22 مجموعة قصصية وأصدر عشرات الروايات كان آخرها "العمر لحظة" عام 1973 وتحولت العديد من أعماله الي أفلام سينمائية ومسرحيات من أشهرها: "إني راحلة - مسرحية أم رتيبة - بين الأطلال - رد قلبي - طريق العودة ? نادية - نحن لا نزرع الشوك - العمر لحظة ? أقوي من الزمن". نال جبرتي العصر "يوسف السباعي" العديد من الجوائز خلال مشواره الأدبي ومنها: جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1973 إلا أنه رفض استلامها لأنه كان وزيراً للثقافة حينها، ووسام الاستحقاق الإيطالي من طبقة فارس، وجائزة لينين للسلام عام 1970، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى. كذلك جائزة وزارة الثقافة والإرشاد القومي عن أحسن قصة لفيلمي "رد قلبي" و"جميلة الجزائرية" وأحسن حوار لفيلم "رد قلبي" وأحسن سيناريو لفيلم "الليلة الأخيرة" عام 1976. تقلد السباعي العديد من المناصب الرفيعة بعد تقاعده من الخدمة العسكرية ومنها رئاسة تحرير مجلة "آخر ساعة" عام 1967، كما تولي منصب وزير الإعلام في الفترة من أغسطس 1975 حتى أكتوبر 1975 وتولى رئاسة مجلس إدارة دار الهلال عام 1971 كذلك رئاسة مجلس ادارة ورئاسة تحرير الأهرام عام 1976 ونقيباً للصحفيين عام 1977. وفي عام 1973 عُيّن السباعي وزيراً للثقافة وذلك في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وظل يشغل منصب وزير الثقافة حتى اغتيل في قبرص في 18 فبراير 1978 عن عمر يناهز ال 60 عاماً. وعلي صعيد حياته الشخصية تزوج السباعي زواجاً تقليدياً من ابنة عمه ورزق منها بابنته "بيسه" وابنه "إسماعيل".