دراسة:- بعد أن انكشفت ذريعة الحرب على الإرهاب، التى يستخدمها الغرب للتدخل فى شئون بعض الدول العربية، واحتلال بعضها.. وجدت ذات الدول فى الملف القبطي وسيلة جديدة لتضغط بها على دول المنطقة التى يعيشها بها مسيحيون؛ لتكون مطرقتهم الجديدة، لتفتيت ما تبقى من دول عربية. وسيظل الملف القبطي البطل الرئيس في إشكالية العلاقة بين الأنظمة العربية والغرب في الفترة المقبلة، خصوصًا بعد ثورات الربيع العربي التى طالت بعد الدول العربية، وعلى أساسه ستتحدد طبيعة هذه العلاقة ودرجات الشد والجذب بينهما. بعد أن انتهت ذريعة "الحرب ضد الإرهاب" التي كانت ذريعة للتدخل في شئون العديد من الدول العربية وانتهي الأمر في بعض الأحيان إلي احتلالها، كما هو الحال في العراق وأفغانستان - علي اعتبار أن الإرهاب من وجهة النظر الغربية تجسده تيارات الإسلام السياسي-، انتهت هذه الأسطورة بوصول تيار الإسلام السياسي إلي الحكم ووجد الغرب نفسه مضطرًا إلي إعادة تشكيل وصياغة العلاقة مع هذه الدول علي أساس المعطيات الجديدة والبحث عن سبل جديدة تتيح له التتدخل في الشئون الداخلية للأنظمة العربية، فكان الملف القبطي هو الأبرز خلال هذه الفترة الخطيرة من تاريخ البلاد التي شهدت ربيعًا عربيًا. البداية كانت بأقباط مصر حيث أقر البرلمان الهولندى فتح باب اللجوء السياسى للمسيحيين المصريين بناء على طلب وزارة الهجرة الهولندية, والحقيقة أن هذا التصرف لم يجد ترحيباً من الكنيسة المصرية حيث أعلن الأنبا باخوميوس قائم مقام البطريرك وأسقف البحيرة رفضه آليات لتشجيع هجرة الأقباط، مؤكدًا أن مصر وطن لهم وأن لهم حقوقا كفلها لهم الدستور. الموقف الهولندي أثار استياء حركات سياسية أكدت علي فكرة المواطنة والمساواة بين المسلمين والمسيحيين. حيث أصدرت حركة أقباط بلا قيود بيانا وقعه منسق الحركة شريف رمزي أعلنت فيه رفضها المطلق لأي دعوة تتعلق بهجرة الأقباط للخارج أو منحهم حق اللجوء في أي دولة علي خلفية التمييز الديني والعنف الموجه ضدهم سواء من جانب الدولة ومؤسساتها أو من بعض الشرائح المتأثرة بأفكار متطرفة تروج لها جماعات الإسلام السياسي. وأكدت الحركة في بيانها أن أقباط مصر مواطنون أصلاء تمتد جذورهم في هذه الأرض لآلاف السنين وليسوا جالية أجنبية ولا أقلية عرقية وحضارتهم هي امتداد لأعظم حضارة عرفتها البشرية، وتاريخهم يسطع بالإنجازات والتضحيات التي قدموها للوطن، ودماء شهدائهم روت كل شبر في أرض مصر. التوجه الهولندي في هذا التوقيت لم يكن هو الوحيد من نوعه بشأن استخدام الملف القبطي كورقة أساسية في إعادة صياغة العلاقة مع أنظمة الإسلام السياسي في الدول العربية، ففي الشأن السوري كانت هناك تصريحات لمسئولين ألمان نقلتها مواقع عربية فيما يخص الملف القبطي السوري، حيث قال المسئولون الألمان إن ألمانيا جاهزة لاستقبال مسيحيي سوريا - وكأن هناك مخططًا غربيًا لتهجيرهم-. الموقف الألماني قابله رد فعل لم يختلف عن موقف الأقباط في مصر حيث أعلن رئيس الكنيسة الانجيلية في حلب القس إبراهيم نصير أن المسيحيين في سوريا عموما وحلب خصوصا يعيشون حالة من القلق والخوف والاضطراب مع انتشار السلاح بأيدي أشخاص غير مخولين لحمله، لافتا إلى أنّ المسيحيين مع الاصلاح ولكن ضد الاصلاح الذي يؤخذ بقوة السلاح وبتدخل خارجي، مع الديمقراطية ولكن ضد الديمقراطية التي تؤخذ بقوة القنابل والسلاح.، وقال: "في حال هجّر المسيحيون من سوريا سيفقد المجتمع السوري عنصر تميزه وتنوعه.. نحن نسعى جاهدين للبقاء في أرضنا". ومنذ بدء حركات الاحتجاج ضد أنظمة تسلطية في العالم العربي، تثار تساؤلات حول مصير المسيحيين الذين يتخوفون من وصول الحركات والأحزاب الإسلامية كبديل لهذه الأنظمة، بدليل نتائج الانتخابات الأخيرة في تونس ومصر. وفي خضم النزاع السوري الدامي، يخشى على لبنان الذي يعيش فيه أربعة ملايين نسمة 35 بالمئة منهم مسيحيون، من تداعيات سلبية، حيث تبدو البلاد منقسمة بين مؤيدين للنظام السوري ومعارضين له علي خلفية مستقبل الأقباط في سوريا في حال وصول الإخوان إلي الحكم, وفي هذا السياق حذر الزعيم المسيحي اللبناني ميشال عون المتحالف مع حزب الله القريب من دمشق من أن تغيير نظام الرئيس السوري بشار الأسد "قد يقضي" على لبنان وعلى المسيحيين فيه. التوجهات الألمانية والهولندية "الخطيرة" بشأن الأقباط أعادت إلي الأذهان تصريحات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية عن وضع الأقباط في مصر وانتهاك الحريات الدينية، فقالت إن الشعب المصري والمجتمع الدولي يتطلعان إلى الرئيس مرسي لتشكيل حكومة شاملة تضم النساء والمسيحيين. ويري محللون أن عودة الحديث عن الملف القبطي بهذه الطريقة يأتي في إطار محاولات التفتيت التي تتعرض لها المنطقة العربية هذه الأيام، تحت عناوين براقة ومضللة.