لم يستبعد محللون ومراقبون سياسيون إمكانية تكرار السيناريو السوري مع مصر في الفترة المقبلة ، وأن هذا الأمر غير مستبعد حدوثه ، فالولاياتالمتحدة كثيرا ما انقلبت على أنظمة حليفة لها وسمحت بسقوطها وعلى رأسها نظام شاوشيسكو في رومانيا وفرناوند ماركوس في الفلبين وضياء الحق في باكستان ، مشيرين إلى أن الإدارة الأمريكية كثيرا ما انتقدت سلوكيات وتصرفات النظام المصري في الفترة الماضية لاعتراضه على مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تنوي الولاياتالمتحدة فرضه على المنطقة وكذلك وقوف النظام ضد الإدارة الأمريكية في منتدى المستقبل الذي استضافته العاصمة البحرينية الشهر قبل الماضي . ولفت المحللون إلى وجود توتر في العلاقة بين القاهرة و قطاع عريض في الإدارة الأمريكية ، يمثله المحافظون الجدد ، فيما يتعلق بتعاطي النظام مع ملف الديمقراطية في مصر واعتراضه على تسريع خطى الإصلاح السياسي والاقتصادي للتخفيف من حدة الاحتقان السياسي الذي يعاني منه المجتمع المصري. ونبه المحللون إلى أن تيار المحافظين الجدد قد تبنى مواقف متشددة ضد مصر ودعم بشدة محاولات إقرار قانون معاقبة مصر والذي تقدم به السيناتور توم لانتوس للكونجرس الأمريكي اعتراضا على بعض السياسات الراديكالية من وجهة نظرهم التي يتبناها النظام المصري بشأن دعم بعض الحركات المقاومة في الأراضي الفلسطينية وعدم إدراج حماس على قوائم الجماعات الإرهابية والحديث عن مشاكل الأقباط في مصر ، ودفاع القاهرة القوي عن النظام السوري والمحاولات المستمرة لتخفيف الضغوط على الرئيس السوري بشار الأسد. وأوضح الدكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية أن تكرار السيناريو السوري وارد مع النظام المصري ، مع الاختلاف فقط في أدوات التدخل فالإدارة الأمريكية استغلت أخطاء النظام السوري فيما يتعلق بإدارة العلاقات مع لبنان في الثلاث سنوات الأخيرة ومخالفته لاتفاقية الطائف ووجود غضب شعبي قوي على الساحة اللبنانية ضد النظام السوري ولكن مع الحالة المصرية فهناك عشرات الأدوات التي يمكن أن تستغلها الولاياتالمتحدة للتدخل في شئون مصر وهي أدوات على المستوى المحلي والعربي والدولي ، فهناك مثلا المعونة الاقتصادية التي تقدمها الولاياتالمتحدة لمصر وكذلك الادعاء بأن مصر تملك أو تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل وعلى رأسها أسلحة كيماوية وبيولوجية كذلك يمكن استغلال أي مشاكل حدودية في العلاقات بين مصر وجيرانها كما أنه من الممكن استغلال حالات قمع محلي مثلما حدث عند تعامل الشرطة مع اللاجئين السودانيين ، فمن الممكن أن تسعى الإدارة الأمريكية لتدويل القضية واستصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي بشأنها واستخدامه كذريعة للتدخل. وبينما يستبعد الدكتور السعيد استخدام ورقة الأقباط للتدخل في الوقت الراهن إلا إذا حدثت أحداث طائفية ضخمة تخرج عن النمط العادي وتتعدى ما جرى من أحداث طائفية ، مشيرا إلى أن ورقة الأقليات الدينية والعرقية كثيرا ما استخدمتها الدول الغربية للتدخل في شئون الدول العربية على مر العصور بزعم حماية هذه الأقليات كذريعة للتدخل. من جانبه ، لم يستبعد الدكتور السيد عوض عثمان المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي تكرار سيناريو سوريا مع مصر في حال وجود رد فعل عربي فاتر وضعيف في ظل حالة التشرذم التي تعيشها الدول العربية وأن ما حدث في العراق من الممكن استنساخه في العديد من الدول ضد كل من يعارض أو حتى يرفع إشارة المعارضة ضد المشروع الإمبراطوري الذي تسعى الولاياتالمتحدة لفرضه في منطقة الشرق الأوسط أو بالتحديد إعلاء مصلحة إسرائيل على حساب المصالح العربية. ورأى الدكتور عثمان أن تكرار هذا السيناريو مع مصر لن يحدث قبل أن يؤدي النظام المصري الدور المنوط به على صعيد التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين ولكن مع ذلك تبقى أدوات التدخل كبيرة ومتعددة وعلى رأسها أوهام الديمقراطية في مصر ومحاسبة النظام المصري على الكثير من السلوكيات وأبرزها إمكانية إجراء تحقيق دولي بشأن ما يرتكبه النظام من جرائم وتجاوزات فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان ، كما أن سيناريو التقسيم وارد جدا في مصر كما أن العلاقة ما بين عنصري نسيج الوطن من مسلمين وأقباط هي مناخ خصب للتدخل الأمريكي والغربي في شئون مصر. ويعتقد الدكتور عبد الله الأشعل المحلل السياسي أن هناك العديد من القنابل الموقوتة التي تحكم العلاقات المصرية الأمريكية منها الملف القبطي والإصلاح السياسي ورفض النظام تخفيف سطوته على الحياة السياسية في مصر والحرب الضروس التي شنها على دعاة حقوق الإنسان والإصلاح السياسي. وأشار الأشعل إلى قانون محاسبة مصر الذي ينتظر موافقة مجلس الشيوخ سيدشن مرحلة جديدة من التوتر في العلاقات المصرية الأمريكية ودخولها نفق مظلم ، ولن تعدم واشنطن وسيلة لإحراج النظام المصري الذي يعترض من آن لآخر على تنفيذ الأجندة الأمريكية في كثير من القضايا وعلى رأسها الإصلاح والشرق الأوسط الكبير وتحفظ مصر على رؤية واشنطن لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو ما يغضب المحافظين الجدد في واشنطن كثيرا ويفتح الباب أمام غضب أمريكي عارم ضد مصر. ونبه الأشعل إلى إمكانية تدخل أمريكا بشدة في الشئون الداخلية لمصر وتفجيرها قضية الأقباط والنوبيين على غرار ما حدث في قضية دارفور وهو ما يعطيها الفرصة لفرض عقوبات على مصر تجعل تكرار السيناريو العراقي والسوري أمر غير مستعبد.