عواصم :- أعلن العماد ميشال عون قبل أيام موقفا من الانتخابات المصرية نصح فيه أقباط مصر بعدم التصويت في الانتخابات والوقوف على الحياد. وقال إنه لو كان قبطيا لما كان يصوت لأحد المرشحين لأن أيا منهما لا يملك ضمانات. وأثار هذا الموقف استغرابا أكثر مما أثار اهتماما لأن عون هو الوحيد بين السياسيين اللبنانيين من أعطى موقفا من انتخابات مصر، ولأن موقفه يأخذ شكل تدخل في الشأن الداخلي المصري، ولأنه يدعو الى المقاطعة على الطريقة اللبنانية والى "الحياد السلبي". أي موقف سيأخذه الأقباط في هذه الانتخابات الرئاسية التي حشرت في زاوية صعبة وضيقة ووضعت الأقباط أمام موقف صعب للغاية: هل يقاطعون ويحجمون عن المشاركة؟ هل يصوتون وفي أي اتجاه؟ تضع جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المصرية الأقباط بين سندان التصويت لمصلحة مرشح "الإخوان المسلمين" د.محمد مرسي ومطرقة اختيار منافسه الفريق أحمد شفيق. فهم ينظرون إلى التقدم السياسي للإسلاميين بعين القلق والريبة خشية أن يؤثر في مستقبل تعايشهم في هذا البلد، كما أن شريحة واسعة منهم تنظر إلى شفيق باعتباره جزءا من عهد مبارك الذي شهد أعنف الحوادث الطائفية وأكثرها عددا، لكن "حيرة" الأقباط بين المرشحين المتنافسين لا تبدو أقل من حيرة المسلمين أنفسهم والذين ينقسمون بين مؤيد لتطبيق الشريعة ومدافع عن مبدأ "الدولة المدنية". ولكن الاعتقاد السائد بأنه منذ انطلاق الانتخابات الرئاسية في مصر والمسألة محسومة لدى الأقباط، فهم وجدوا أنفسهم أمام اتجاهين الأول مع الدولة المدنية والآخر مع الدولة الدينية، فالأقباط حسموا أمرهم بالوقوف مع الفريق الأول فتفتتت أصواتهم في الجولة الأولى بين أحمد شفيق وعمرو موسى وحمدين صباحي، أما في جولة الإعادة فالخيار الوحيد أمامهم هو شفيق، لاسيما أن خطاب التيار الإسلامي السياسي في مصر بعد الثورة "أثار فزعهم". إن المسألة ليست أسماء أو أشخاصا وإنما من يقف وراء مدنية الدولة وترسيخ المواطنة الكاملة. وكانت أصوات إسلامية بارزة - وفقا لجريدة الانباء - حملت الأقباط مسؤولية صعود شفيق إلى جولة الإعادة لتكتلهم خلفه في الجولة الأولى، لكن الكنيسة نفت أن تكون أصدرت تعليمات للأقباط بالاقتراع لمصلحة مرشح معين. وفي حال تمت الانتخابات وفاز شفيق، فإن إسلاميين كثيرين سيرون أن الأقباط وراء فوزه، خصوصا أن بعض القساوسة نصحوا الأقباط علنا بانتخابه، أما إن فاز مرسي فإن قطاعا كبيرا من الأقباط لن ترضيه "سيطرة" جماعة "الإخوان" على مقاليد الحكم، خصوصا أن مرسي مرشح تيار محدد الهوية وليس مجرد مرشح خلفيته إسلامية. ويقول أقباط إن جولة إعادة انتخابات الرئاسة ستترتب عليها حتما "مشاكل طائفية" في حال نجح شفيق أو مرسي، ويصلون إلى حد اعتبار أن "نجاح شفيق سيضر الأقباط أكثر من نجاح مرسي". ويوضحون: "إن فاز مرسي قد يتعرض الأقباط إلى مضايقات من السلطة على اعتبار أن رئيس الدولة يعلم يقينا أنه وصل إلى الكرسي من دون أصوات الأقباط، ومن ثم قد لا يهتم بمشاكلهم، أما إذا وصل شفيق إلى الحكم، فإن الانتقام سيكون مجتمعيا بعد أن ترسخ أن الأقباط حسبوا على كتلة شفيق". ويضيفون ان "الأقباط وضعوا في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فمهما قاطعوا الاقتراع سينظر إليهم على أنهم صوتوا لشفيق الذي إن فاز فسيحملهم المجتمع المسؤولية عن وصوله إلى الحكم وسيتعرضوا لمضايقات مثل فلول النظام السابق، وقد يتطور الأمر إلى عزل مجتمعي، ويعامل الأقباط معاملة الفلول. حتى إن قامت ثورة ثانية ضد شفيق فلن يستطيع الأقباط المشاركة فيها وسيراها البعض ضد الأقباط أساسا ولن تشفع لهم المشاركة في ثورة 25 يناير".