قبل ما يقرب من ستة أسابيع على إنتخابات الرئاسة الفرنسية، لا يتوانى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزى وأعضاء حكومته وحزبه الحاكم فى إستغلال كافة الأوراق لإنقاذ مرشحهم وتغيير مؤشرات إستطلاعات الرأى التى لا تزال ترجح كفة الاشتراكى فرانسوا هولاند. عول ساركوزى الذى يسعى لولاية أخرى بالاليزيه ومعكسره على المؤتمر الانتخابى الشعبى الذى عقده أمس بضاحية فيلبانت الباريسية، فبدأ كلمته أمام 60 ألفا من أنصاره بالتهديد بتعليق مشاركة بلاده في منطقة "شينجين" بأوروبا، التي يتمتع أعضاؤها بالسفر دون حاجة إلى جوازات سفر وتأشيرة، إذا لم تتم مراجعة قواعد معاهدة شينجين وفشل الدول المعاهدة ال27 في تعزيز حماية حدودها "من أجل وقف تدفق المهاجرين غير الشرعييين". ومنذ إنطلاق حملته الانتخابية رسميا منذ ثلاثة أسابيع، اتخذ ساركوزي سياسية يمينية متشددة إزاء الهجرة في محاولة لكسب دعم اليمين المتشدد، ففي الأسبوع الماضي تحدث عن وجود الكثير "من الأجانب" في فرنسا، وتعهد بوقف أفواج المهاجرين، وخرج أمس ليضيف على ذلك لضبط الحدود . وإختتم مؤتمر فليبانت أسبوعا حافلا عمد ساركوزى خلاله الى اللعب بكل الاوراق من العودة الى مشاكله الزوجية وأخطائه فى عام 2007 الى تأكيد المواقف المتشددة من الهجرة والاسلام، التي اتبع فيها خطى اليمين المتطرف، واعلان انسحابه من العمل السياسي اذا لم ينتخبه الفرنسيون من جديد للرئاسة. "ساعدونى لم يبق سوى شهرين" هكذا دعا الرئيس ساركوزى أبناء شعبه وبالأحرى أنصاره إلى دعمه فى معركته الانتخابية "الصعبة وغير المضمونة" بحسب المحللين السياسيين الفرنسيين، خاصة مع يواجهه يوما بعد يوم من صعوبات مفاجئة تارة ومتوقعة تارة أخرى وكان أخرها الانشقاق المفاجىء لاثنين من وزرائه السابقين، أحدهما راما ياد التي نددت ب"استراتيجية يمينية متطرفة" للرئيس. ستة أسابيع فقط تفصل ساركوزى عن صناديق الاقتراع ولتغيير مؤشرات استطلاعات الرأي التي تتوقع انتصارا كبيرا للمرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند ب56/% في الجولة الثانية المقررة فى السادس من مايو القادم بحسب اخر استطلاع. ومنذ اعلان ترشحه في 15 فبراير الماضي لم يدخر ساركوزي جهدا فى تقديم المقترحات وعقد اللقاءات العامة والالتقاء بالعديد من الفرنسيين، الا أن كل هذه التحركات لم تؤت ثمارها بعد..ولكن ساركوزى المرشح المعروف فى بلاده بانه "الرجل الذى لا يستسلم بسهولة" يعمل على اقناع الفرنسيين بأنه حقا "مرشح الشعب" القادر على قيادته لاخذ منحى القرن الحادي والعشرين كما يؤكد دوما..وأنه القادر أيضا على النهوض ليس فقط بفرنسا بل وبالقارة الأوروبية. ولاستعادة شعبيته خاض ساركوزي الاسبوع الماضي الجدل حول اللحوم الحلال، الذي كان أول من أثاره اليمين المتطرف الذي تعطي استطلاعات الرأي مرشحته مارين لو بن نحو 15/% في الجولة الاولى، ولكن هذا الموضوع أثار غضب مسلمى ويهودى فرنسا. ولمح الرئيس الى أن هذه المسألة تحتل "أولوية" لدى الفرنسيين معلنا تأييده "لوضع بيانات تصنيف على اللحوم بحسب طريقة الذبح"..كما وجه الرئيس ضربة جديدة للهجرة الشرعية مؤكدا أن "لدينا الكثير من الاجانب على أرضنا" ومقترحا "خفض" عدد الاجانب الذين يأتون الى فرنسا كل عام "الى النصف". ساركوزى لا يعمل بمفرده لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى الأيام القلية المتبقية على الانتخابات، ولكن يقف وراء المرشح ساركوزى كتيبة من أعضاء حكومته أبرزهم رئيس الوزراء فرانسوا فيون ووزير خارجيته آلان جوبيه إلى جانب أعضاء الحزب الحاكم "الاتحاد من أجل حركة شعبية" اليمينى ، صاحب الغالبية البرلمانية، والذين يشعرون بالقلق حيال موقف ساركوزى فى الانتخابات المرتقبة.