مستشار محمود أبو الليل، وزير العدل الأسبق، هو أول وزير للعدل يوافق رسميا على نقل تبعية التفتيش القضائى إلى مجلس القضاء الأعلى بدلا من وزارة العدل ضمانا لاستقلاله.. حدث ذلك فى يونيو 2005 عبر خطاب رسمى أرسله إلى المستشار فتحى خليفة، رئيس مجلس القضاء آنذاك، أكد فيه أنه "يوافق على نقل التفتيش القضائى إلى مجلس القضاء الأعلى". قص أبو الليل ل"الشروق" حكاية هذا الخطاب فكشف عن أنه فور توليه منصبه فى يوليو 2004 شرع فى إجراء تعديلات على قانون السلطة القضائية تكفل استقلاله تماما عن السلطة التنفيذية، فأجرى عدة اجتماعات مطولة مع المستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس نادى القضاة آنذاك، والمستشارين أحمد مكى وحسام الغريانى وهشام البسطويسى وهشام جنينة، رموز تيار الاستقلال، بحضور المستشار سرى صيام، رئيس مجلس القضاء الأعلى حاليا والذى كان وقتها مساعدا لوزير العدل لشئون التشريع. استطرد أبو الليل: "كنت أؤكد دائما أن الوقت ملائم جدا لسن قانون جديد للسلطة القضائية لأن استقلالها هو الركن الأساسى لقيام دولة القانون، واتفقنا على بعض الخطوط العريضة أهمها نقل التفتيش من وزارة العدل لمجلس القضاء الأعلى، وانتخاب رؤساء المحاكم الابتدائية من الجمعيات العمومية لهذه المحاكم، ووضع معايير جديدة لاختيار النائب العام من بين شيوخ قضاة النقض والاستئناف على أن يتم انتخابه من بينهم أو اختياره بقرار من مجلس القضاء الأعلى". وأضاف أنه أرسل خطاب الموافقة على استقلال التفتيش للمستشار فتحى خليفة "لكن خليفة كان له موقف ضد نادى القضاة ولم يستطع التفرقة بين خلافه مع رموز تيار الاستقلال القضائى وبين هدف استقلال القضاء، وهو هدف أسمى يجتمع عليه كل قضاة مصر". وأشار أبو الليل إلى أن المستشار سرى صيام أعد بالفعل نصوص التعديل التشريعى، وأنه عرضها معه على اللجنة الوزارية المختصة بتشريع القوانين فى حضور رئيسى مجلسى الشعب والشورى آنذاك وجمال مبارك، فرفض جمال صراحة نقل تبعية التفتيش من وزارة العدل، بهدف فرض سيطرة الدولة على القضاة. ويكمل وزير العدل الأسبق: اعترضت على كلام جمال مبارك وقلت له: "لست أنا الوزير الذى يوافق على ذلك" وساندنى رئيس الحكومة أحمد نظيف وقال لجمال: "مينفعش يرجع الوزير فى كلامه، انتو بكده هتحرجوه قدام القضاة وكأن خطابه مالوش قيمة". "وبعدها بأيام اتصلت بالرئيس السابق حسنى مبارك وأفهمته أن استقلال التفتيش سيخفف من غضب القضاة وسيسعدهم وسيجعلهم واثقون فى أن الدولة تؤمن باستقلال القضاء، ولم يرد برأى واضح، ثم التقيت فيما بعد برئيس ديوانه زكريا عزمى، فى مكتب الوزير مفيد شهاب، فأخبرنى أن الرئيس يرفض فصل التفتيش عن وزارة العدل فى الوقت الحالى بحجة "أننا فى مرحلة صعبة وداخلين على انتخابات، واللى ما يتحققش النهارده يتحقق بكره" ولم يأت بكره هذا حتى نهاية عهد مبارك". المصدر: جرسدة الشروق