حاجة غريبة جدا ِلمَ نفهم أن الديمقراطية هى فرض الرأى على الاخرين.. أو الموافقة مع من يتفق معنا ورفض من نختلف معهم دون أن نحاول الاستماع إليهم.. والأغرب أن يكون مفهوم الحرية لدينا هو الفوضى وعمل أى شئ سواء أزعجنا الآخرين أم لم نزعجهم.. وسواء ذلك كان معطلا للاخرين أم لا.. التصرفات الغريبة أو الفوضوية التي تحدث في المجتمع حاليا أحاول أن أبررها بأنها الفوضى التي تتبع الثورات الشعبية عادة.. والانطلاق من بعد القهر والظلم الذي كنا نشعر به إن لم نكن من مجربيه بشكل مباشر. والرعب من البلطجية وكأنهم من "الزومبي" (الشخصيات المشوهة التي تخرج من القبور لتطارد الاحياء - استخدموا في افلام الرعب الامريكية) ومن المتوقع ان يهاجمونا في أى لحظة إلا أن الحقيقة هو أننا كلنا بلطجية.. نصف سيارتنا في الممنوع ونتعدى على السيارات المجاورة ونخرج من حارة مرورية دون إشارة وبسرعة جنونية للدخول في حارة اخرى نلقي بالقمامة في الشوارع التي نسكن فيها بحجة أن صندوق القمامة غير موجود بالقرب من البيت.. نتسكع في الشوارع ونزوغ من المدارس ونختصر ساعات العمل التي من المفترض أن تكون بين 6 إلى 8 ساعات للحظات من العمل والباقي يتحول لاحتساء الشاى او تبادل حوار ركيك.. نتصرف بعشوائية دون أن نلحظ ذلك نتعامل مع انفسنا ومع الاخرين بشكل غير لائق على الاطلاق.. ولا نهتم بمظهرنا الداخلي (ثقافيا) أو الخارجي (الهيئة والملبس والهندام). نستغل بعضنا البعض.. وكان الحياة لم تتغير.. لم اشعر بتغير مجتمعي حقيقي حتى الان بعد 25 يناير.. نعم كانت ثورة سلمية ومشرفة أمام العالم إلا أن اخلاق الازمة وميدان التحرير لم تتكرر في يومنا العادي.. لم نحاول مساعدة من نعرفهم في فهم ما يجري من حولنا من احداث سريعة ومتلاحقة ونحاول أن نجهل بعضنا البعض من خلال التعالي على بعض بالمعلومات والافكار حتى ولو كانت محدودة. لالا الكلام ده مش صح.. هذه الجملة المعهودة في كافة النقاشات.. بالرغم من أن الذي قالها يردد نفس ما كنت تقوله الا أنه استخدم بعض المفردات والمترادفات المختلفة ليقول اجمالا نفس ما كنت تقول. الرعب من الإسلاميين بالرغم من أننا نصنف من الشعوب التي تعتبر أكثر تمسكا بالدين الاسلامي ومعتقداته وعاداته الا أننا بمنتهى القناعة لا نريد أن يفرض علينا أحد العلاقة بالمولى عز وجل.. ولا نريد أيضا ان يكون علينا رقيب تتساوى درجته عند الله مثلك تماما.. إلا أن ما يحدث حاليا كأنك اخرجت ماردا من البرطمان الزجاجي كان محبوسا فيه لفترة طويلة جدا.. يرى من خلفه كل الأحداث لكن صوته لم يكن مسموعا على الاطلاق.. وحين خرج اثار زوبعة خرج بشكل هستيري يتحدث في كل شئ وبدون أن يسمع أحدا أو يتعرف على الثقافات التي اختلفت أثناء تواجده في داخل برطمانه. نتسم بأننا جميعا نحب الله لكن كل منا بطريقته الخاصة فمنا "المسدل" وذات الشعر "المُسدل" و"الملتحي" و"الحليق".. فهذا الاختلاف مجرد اختلاف شكلي وليس الاسلام مجرد رداء أو مظهر خارجي إنما الدين المعاملة.. يجب ان نقرب من وجهات نظرنا لبعض ونعترف بحرية الآخر في التعبير عن رأيه وقدرته ومساعدته في أن يكون لديه هذا التعبير عن الرأي مع ضرورة تقبل الاخر وفهمه وليس ان نرفض بعضنا البعض. التغير والتطور الذي نريده جميعا يجب ان يكون نابعا من الداخل للخارج بمعنى ان يكون خارج من النفس البشرية والقناعة للخروج للمجتمع. سائق التوك توك الذي كان يسير اعلى الطريق الدائري مساء أمس وتحديدا بعد الثانية عشر ليلا.. اعلم جيدا انه لن يقرأ هذه السطور لكنى اعتذر له عن رفضي له.. نعم أن هذا الطريق غير مخصص له.. لكني لم اتصور للحظة انه من الجائز جدا أنه كان في مشوار ضروري ولا يملك اجرة التاكسي.. او انه كان يريد التمتع بهذه التجربة المثيرة وهى الصعود على الطريق الدائري الفسيح ليغير مشهد الحواري والشوارع الضيقة التي اعتاد السير فيها.. او قد يكون لدية رغبة في أى شئ اخر حسن النية.. نعم انا رفضته امس لاني لم امتلك هذه الروح التي من الممكن ان تتقبل الاخر.. لم اكتسبها من احد لكني جلست اليوم مع نفسي وقررت أن أتقبل الآخرين ليحدث تواصل وحوار يفيدنا جميعا.