بعد 18 يوم متواصلة أمضاها المعتصمون في ميدان التحرير صامدين أمام كل شئ يقوم به النظام البائد من موجات قمع واعتقال، واطلاق النار عليهم، واغلاق لشبكات المحمول والانترنت، وقمع لوسائل الإعلام ولكن فى النهاية انتصرت الثورة المصرية الشعبية. هكذا جاءت افتتاحية الجارديان البريطانية معلقة على الأحداث التى شهدتها مصر التى انتهت بتنحي الرئيس السابق حسنى مبارك. وأشارت الصحيفة، الى أن ما حدث فى مصر له أهمية تاريخية فى إشارة إلى إعادة بناء الدولة المصرية بحيث تستعيد دورها كقائد للعالم العربي بفضل المواطنين المصريين الذين قاموا بهذه الثورة مطالبين بحقوقهم السياسية الأساسية، وهى انتخابات حرة، إقامة أحزاب سياسية حقيقية، وشرطة تتمسك بسيادة القانون. وتابعت الافتتاحية، خلى ميدان التحرير من الإشارات الطائفية حيث وقف المتظاهرون المسلمين والمسيحيين جنبا إلى جنب، يد واحدة، وهدف واحد وهو إسقاط نظام مبارك الذى يعد من أشرس الديكتاتوريات فى المنطقة العربية، ولكن هذه اللحظة التاريخية لم تتحقق من دون تضحيات، فقد قتل أكثر من 300 مواطن. ولفتت الصحيفة الى انه على الرغم من الابتهاج الذى ساد فى شوارع مصر مساء الجمعة، إلا أن الكثير من الأسئلة ما زالت دون إجابات يتركز أهمها حول الدور الذى سيلعبه الجيش فى هذه المرحلة الانتقالية، خاصة وأن العديد من القيادات العليا فى الجيش - فى أول الأزمة - كانوا بعيدين عن التوازنات بين الرئيس العنيد وغضب الشارع المصري. وأضافت، على الرغم من أن رمز ورأس النظام قد رحل إلا بقيت الأجزاء التى أيدته ما زالت موجودة، فإن كبار القيادات التى تبقيت من عهد الرئيس السابق مبارك، بداية من السيد عمر سليمان وصولا إلى المحافظين وهم من القيادات العسكرية الذين تخرجوا من أكاديمية مبارك للعلوم العسكرية. وتابعت الصحيفة: طالب الكثير من المصريين برحيل عمر سليمان باعتباره رمز من النظام البائن، على الرغم من الدور الإيجابي الذى لعبه السيد عمر سليمان كرئيس سابق للمخابرات، ولكن التصريحات والإجراءات المتناقضة التى صدرت عنه فى الآونة الأخيرة، خاصة عندما قال أن المصريين غير مؤهلين للديمقراطية، وتعهده برفع قانون الطوارئ ولكن عندما "تسمح الظروف بذلك"، وحثه المواطنين على عدم متابعة القنوات الفضائية بالإضافة إلى البيان الذى أصدره عقب اجتماعه مع قوى المعارضة والذى استنكرته كل القوى التى شاركت فى الاجتماع، كل هذه التصريحات لم تشجع على اختياره لقيادة التغيير. أشارت الصحيفة إلى أن الأثار المترتبة على الثورة المصرية بالنسبة للولايات المتحدة قد تكون بعيدة الأمد، مشيرة إن موقف واشنطن تغيّر من الحث على الاستقرار إلى الإعلان أن المطالب السياسية للمصريين هي أساس المبادئ الأمريكية. تابعت الصحيفة، إن مرحلة ما بعد الثورة فى مصر قد لا تشهد تمزيق لمعاهدة السلام مع إسرائيل، ولكن قد تحدث علاقات مع الفلسطينيين فى غزة. واختتمت الجارديان افتتاحيتها - إن مصر، سياسيا، قد أصبحت شبيهة لتركيا، ولكن المصريين بعد هذه الثورة لم يستقلوا فقط عن حكم مبارك فقط بل أعلنوا استقلالهم عن الولاياتالمتحدة وحلفائها.