القاهرة : - من المؤكد ان ممارسات جهاز الشرطة المصرية كان لها تأثير كبير في اندلاع الثورة الشعبية ، ولذا اختار الشباب الغاضب يوم عيدها في 25 (يناير) لهذه "الهبّة" الشعبية. جمعة الغضب جريدة الحياة ألقت الضوء على هذا الموضوع وذكرت انه في يوم "جمعة الغضب" وقف أمين شرطة يدعى عيد محمود يندب حاله أمام سيارته المحترقة بجوار نقطة شرطة المنيب في محافظة الجيزة بعدما صبّ المحتجون جام غضبهم على مقار الشرطة وممتلكاتها. أكثر ما يلفت النظر بعد هذه الجمعة العاصفة عدد سيارات الشرطة المحترقة في شوارع القاهرة ومقارها التي لم ينج أي منها من إتلاف أو أعمال تخريب بدءاً من النهب إلى الحرق أو حتى الهدم. اتهامات متعددة في السنوات الأخيرة تعددت الاتهامات لمؤسسة الشرطة بتعذيب المواطنين وفُجّرت قضايا كبرى ضدها حوكم فيها ضباط، كما دانتها مؤسسات حقوقية محلية ودولية. وقد ظلّت الشرطة ممسكة بتلابيب الأمور في مختلف المؤسسات والجهات الحكومية حتى أن أحداً لم يكن ليشغل أي وظيفة قيادية في هذه المؤسسات من دون موافقة جهاز مباحث أمن الدولة الذي كان له اليد الطولى في إدارة الشأن الداخلي. انتقام لكن الممارسات السيئة لجهاز الشرطة لم تقتصر فقط على المعارضين السياسيين بل تعدت أيضاً إلى المواطن العادي الذي عانى منها مراراً. خرج كثيرون من المواطنين في تظاهرة 25 كانون الثاني للانتقام من شرطي اعتدى عليهم بالضرب أو الشتم أو أجبرهم على دفع رشوة كي لا يلفّق لهم تهمة لم يرتكبوها. يقول محمد حسين (سائق تاكسي) إنه خرج في التظاهرات من أجل "الانتقام" من أفراد شرطة المرور الذين طالما أجبروه على دفع رشاوى وإلا لفّقوا له مخالفات مرورية. ويضيف: "بعد اليوم لن أدفع، وإن وصل الأمر لحد شكوتهم عند رئيس الوزراء (...) هم سبب ما نحن فيه، الثورة اشتعلت بسببهم والأمن غاب لانسحابهم". والظاهر أن النظام المصري وعى هذه الحقيقة تماماً، فخص الرئيس حسني مبارك جهاز الشرطة بفقرة في خطابه الذي أعلن فيه أنه لن يترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة من أجل تهدئة الشارع، إذ أوضح أنه وجّه وزير الداخلية بضرورة معاملة الشرطة المواطنين بأسلوب يحترم حقوق الإنسان وكرامته. والتفت وزير الداخلية الجديد محمود وجدي إلى هذه الحقيقة أيضاً فكان أول قراراته أن أعاد شعار "الشرطة في خدمة الشعب" الذي ألغاه سلفه حبيب العادلي واستبدله بشعار "الشرطة والشعب في خدمة الوطن". ترحاب مزيف وكان نزول أفراد الشرطة إلى الشوارع بعد أيام من الغياب اختباراً لطبيعة العلاقة الجديدة مع المواطنين. فالترحاب الذي تحدثت عنه وسائل إعلام حكومية يكذّبه تعدد البلاغات المقدمة من رجال الشرطة ضد مواطنين بتهمة التعدي عليهم، إذ تكررت الخلافات بين أفراد الشرطة ومواطنين حتى أن مدنيين سلّموا ضباطاً من الشرطة إلى قوات الجيش بالقرب من ميدان التحرير بحجة أنهم قدموا من أجل إجهاض اعتصامهم. ولا تتواجد قوات الشرطة في الشارع المصري الآن سوى بالقرب من تجمعات الجيش لئلا تحدث مواجهات بينهم وبين المواطنين. ويبقى أن يوم 25 كانون الثاني الذي ظل لسنوات عيداً للشرطة تحتفل فيه بذكرى تصديها لقوات الاحتلال الإنكليزي خلال غزوها مدينة الإسماعيلية في عام 1952 لم يعد مناسباً لمثل هذا الاحتفال بعدما بات في عام 2011 يوماً يمثّل تاريخ اندلاع انتفاضة شعبية ضد الشرطة تحولت إلى ثورة ضد النظام زلزلت أركانه وهي الآن في سبيلها لتغيير جذوره تغييراً جذرياً. والآن على الشرطة أن تفتش في دفاترها عن عيد جديد بعدما بات يوم 25 كانون الثاني ذكرى للثورة لا عيداً للشرطة.