لقد خلق الله الإنسان وصوره وشق سمعه وبصره وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة لأن الله هو الرحمن الرحيم ورحمته وسعت كل شيئ. قال تعالى: "إنه لا ييأس من روح الله (أى رحمة الله) إلا القوم الكافرون". وقال: "قل يا عبادى الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله". ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يموت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل". ولقد ورد فى الحديث القدسى "ما من يوم تطلع شمسه إلا ويستأذن البحر ربه أن يغرق ابن آدم لأنه نجسه بذنوبه ومعاصيه، فيقول المولى عز وجل: إن كان عبدكما فشأنكما به وإن كان عبدى فدعوه لى". فمن خلال هذا العرض نجد أن رحمة الله سبحانه وتعالى لا تقف أمامها معصية، وكلنا قد قرأنا عن قصة الرجل الذى قتل تسعة وتسعين شخصاً وذهب إلى راهب يسأله: هل لى من توبة؟ قال له: كيف ذلك لقد قتلت تسعة وتسعين نفساً. فأتم به المائة، ثم ذهب إلى عالم يسأله: هل لى من توبة؟ قال له: أين أنت من رحمة الله لكن أنصحك بأن تترك البلد الذى تسكن فيه وتذهب إلى بلدة كذا ففيها قوم يعبدون الله، وهو فى الطريق وافته منيته فنازعته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب لكن بفضل الله عز وجل قصرت المسافة التى فيها ملائكة الرحمة فأخذته ملائكة الرحمة ونجى من عذاب النار. من هذه القصة يستبين لنا مهما بلغ الذنوب بالإنسان طالما تاب توبة صادقة ورجع إلى الله بإخلاص وندم على ما فعل فإن رحمة الله قريبة من المحسنين. وقضية قبول التوبة وعدم قبول التوبة لا يستطيع أى إنسان أن يفتى فى أمرها، لأن مرد هذا الأمر إلى علام الغيوب الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن. والله أعلم.