بلغة تقارب همس القلوب الحزينة على رحيلها، تفتح د.بروين حبيب نافذة برنامجها لتلتقي مع جمهورها مرة أخرى في حلقة لا تنسى، مع رباب المطربة الأصيلة التي حلت ضيفة في حوار أخير استثنائي بكل ما فيه من بوح وشجن وذكريات ستبقى في ذاكرة جمهورها الذي أحب فنها الكبير.. هذه الحلقة التي بثت قبل أسابيع قليلة كأخر حوار متلفز يبث عبر الفضائيات العربية، ويعاد السبت المقبل (10 يوليو) على قناة دبي، افتتحتها بروين بمقدمة قالت فيها: (بالأمس وأنا أقترب من تجربتها التي لا تبتعد كثيراً بأشواقها، وسط فوضى العمر جاء صوتها يفتح صندوق الذاكرة على الحب الأول، المراهقة العذبة وبراءة المفردات الأولى في عالم الغرام، حيث القلب يتحدى ويجرح، يشتاق ويعاتب، فطوبى لمن كشفوا سر الهوى وأتت الظروف). وتتابع قائلة: أفسحت للثمانينات مكاناً فأضاء صوتها وتمدد بطرب أصيل، واثق النبرة يحكي الغربة منهكاً بالشجون والمرارات، فمن منا في الخليج لم يسهر على صوتها، ولم يرسل شريطها للحبيب، ويبكي الليلة على جروح ألحانها ولم يتبعثر في احتمالاتها (احتمالاتك خطأ).. فبحضورها الراسخ في القلب وبنبضاته الأولى يتلمس الطريق وعثراته، صوت يصيح جواز سفر، يرهقه الوقت وتتعبه المسافات ولكن.. زمن الصدق رغم مرضها حرصت رباب على الحضور واصفة برنامج (نلتقي مع بروين) بالبيت الذي لا يليق إلا بأهله، مشيرة إلى زمن الصدق الراحل وعصر النفاق بعد أن طغى حب المادة على كثير من الناس، معترفة أنها ما زالت رباب الثمانيات التي تحب كل الناس دون مجاملة. وهي تعود إلى انطلاقتها الأولى ووقوف كبار الفنانين والملحنين في الخليج العربي ونيلها العام 1979م في الكويت جائزة أفضل صوت وأفضل كورال وعملها لمدة عامين ككورال في وزارة الإعلام، مرددة أكثر من مرة أن كنزها هو جمهورها، وأنها من فرط حبها لهذا الجمهور تختار له أحلى الكلمات والألحان كما تحترم نفسها وخطواتها وإطلالتها المتعددة. ولأنها تدرك جيداً أن موهبتها وما حباها الله من موهبة كفيلة ببقائها في ذاكرة الجميع، رغم كل محاولات تهميش حضورها الفني والإنساني قالت بعفوية: حاولت كثير من المؤسسات والقنوات والأشخاص محاربتي ومحو تاريخي الفني من دون أن أدري ما السبب، فلا ألبومي الغنائي (آخر قراري) وزع بشكل جيد رغم أنه تصدر على مدى عامين قائمة الأغاني الخليجية الأكثر رواجاً، كما لا تبث أغنياتي المصورة.. مع أنني أدرك أنني لو كنت في زمن سابق لكانوا نجحوا في ذلك لكن مع انتشار الكمبيوتر ووسائط الإعلام الجديدة لكن لا يمكن إخفاء شيء. رحلة العودة وفي رحلة عودتها إلى النشأة الأولى تستذكر المطربة الراحلة، الصدفة التي قادتها للمشاركة في برنامج (مواهب وهوايات) مع الإعلامية الكويتية منى طالب، وكيف استقبل الأهل فكرة غنائها، كذلك رحلة التكريمات والألقاب التي نالتها عبر مشوارها الفني بين القاهرة وقرطاج وقطر والبحرين، وجولاتها الفنية في الشرق المعمورة وغربها، كما تتوقف مع قصة لقائها مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذي طلب منها غناء أغنيته الأخيرة (من غير ليه) كي يعد لها لحناً يليق بعربها الموسيقية وحنجرتها التي أطربت الملايين. كما لم تنسى بروين حبيب أن تسألها عن الأسماء الكبيرة التي واكبتها مشوارها مثل الشعراء: فايق عبد الجليل وعبد اللطيف البناي والأمير خالد الفيصل والأمير بدر بن عبد المحسن والشيخ فهد الأحمد وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كذلك المبدعين: بدر بروسلي، الناصر، د.عبد الرب إدريس، طلال مداح، سليمان الملا، راشد الخضر، خالد الزايد، أنور عبد الله، عارف الزياني، في الوقت الذي باركت رباب لنوال الكويتية زواجها وحملها، كما تحدثت بدفء عن أحلام وهند التي وصفتها بأنها خليفتها الفنية، معترفة أنها ما زالت تستمع إلى سميرة توفيق وصباح ووديع الصافي وفيروز وفهد بلان وعبد الحليم حافظ ومحرم فؤاد ولطفي بوشناق، كما سعدت لتذكيرها بتقليدها لفريد الأطرش في بداياتها الفنية، وتجربة غنائها لعدد من تترات المسلسلات التلفزيونية الخليجية. وحين سؤالها عن الزمن لم تخفي دمعها وهي تقول: الزمن بالنسبة لي أسم، لكن ما يؤلمني هو الإعلام والناس في الفن الذين لم ينصفونني، كما اكتفت بلحظة صمت حزينة حين سؤالها عن الأهل والأقارب في وحدتها التي تشعر بها على الدوام ولا ينقذها سوى اللجوء إلى البحر وسكونه. من العراق إلى الكويت إلى الشارقة حيث المستقر، قصة امرأة أطربت روحنا ودغدغت مشاعرنا وألهبت الأشواق الصغيرة والكبيرة، والغيرة والتحدي باعثة رسائل من القلب فاحتلت القلوب.. رباب فنانة الخليج الأولى وملكة الطرب الخليجي كما أطلق عليها محبوها، رغم أن الألقاب كثيراً ما تتساقط وتخطأ طريقها، لكن جوهر صوتها ما زال يبرق رغم الحزن على رحيلها ولوعة الغياب.. تبث هذه الحلقة اليوم السبت (10 يوليو) الساعة 22:30 بتوقيت الإمارات،.