إذا كان البعض يتحدث عما يسمى شرعية الإنجاز كمعوض أو بديل لشرعية صناديق الانتخاب، فالحقيقة أن الانقلابيين لحد اللحظة لم ينجزوا شيئًا يذكر يفيد الناس. ولهذا تتسع فى نفوس العامة مساحة كراهية الانقلابيين. وينال قسطًا كبيرًا يوميًا من هذه الكراهية حلفاؤهم من القضاة والنيابة والنخب السياسية والدعائية فى الصحف والفضائيات. لا شك أن الوقت ليس فى صالح الانقلابيين أبدًا: فداخليًا تتفاقم الأزمات، ومن ثم السخط الجماهيرى. تتزايد البطالة وترتفع الأسعار، وتزلزل المظاهرات استقرار حوارى وشوارع وساحات القرى والأحياء والمدن والجامعات والمدارس. ولا تسلم أى مظاهرة من تحرش قوات الجيش والشرطة بها. ويبلغ التحرش حد إيقاع شهداء وجرحى وخطف نساء وأطفال ورجال بزعم تقديمهم للنيابة والقضاء. ولم نر من كليهما إنصافًا ولا عدلًا منذ ثورة يناير 2011 بكل أسف. ولعل كل هذا يفسر الظاهرة التى نعيشها منذ انقسمنا شعبين وهى أن الانتقال بينهما ذو اتجاه واحد: من شعب المغيبين غير المكترث إلى شعبنا الحر الواعى المقاوم. لا انتقال من بيننا أبدًا باتجاه العصابة الانقلابية. ولن ينجز حكم العسكر أبدًا مهما طال به الزمن والسبب ببساطة أنهم غير مؤهلين لذلك. اعتاد العسكر بحكم تكوينهم وأساس وجودهم أن يتعاملوا مع الطرف الآخر بمنطق "يا قاتل يا مقتول"، إما النصر وإما الهزيمة. وليس افتئاتًا عليهم ما عبر عنه متظاهرون كثر طيلة المائة يوم التالية للانقلاب: "مصر دولة مش معسكر". نعم فى المعسكر تسير الأمور بين آمرين ومأمورين. أما فى الدولة فالشعب يناقش ويجادل ويأخذ ويعطى. الفصائل والقوى والأحزاب السياسية تتنافس وتتقدم ببرامجها ليختار منها الشعب من يحكم ومن ينتظر الفرصة التى قد تتكرر أو لا تتكرر. العسكرية تعلم الانصياع للأوامر، فى حين تعلم السياسة الجماهير الجدل المثمر والتجربة والخطأ ومن ثم المحاسبة العسيرة. جرب العسكر أنفسهم عقب ثورة 25 يناير سنتين ففشلوا. كانت تحت أياديهم، أموال بمليارات الدولارات سواء من الميزانية العامة أو من الاحتياطى النقدى. تصرفوا فيهما بلا رقيب أو حسيب من الشعب. أسرفوا فى البطش فقتلوا فى ماسبيرو ومحمد محمود وغيرهما. وتفتق ذهن كبير منهم، عن بدعة الكشف عن عذرية من وقعن فى قبضة العسكر. سحلوا واحدة وكشفوا عوراتها أمام المتظاهرين عيانا بيانًا بلا حياء. وتواطأ البعض فى التنازل للعدو الصهيونى عن بئرى غاز فى مياه مصر الاقتصادية الإقليمية بالبحر المتوسط. أمن سيناء ضاع عمدًا أو إهمالًا ولا نقول مؤامرة. ماذا بقى إذن فى جعبتهم للشعب الأصيل المستقيم؟. حتى الشعب الآخر لا ولن ينعم فى المدى المتوسط إلا بكراهيتنا ومقاطعتنا ونحن الأغلبية بدليل خمس انتخابات حرة فى سنتين. حتى الفن الرخيص يموت موتًا بطيئًا الآن، ويُطَارَد فنانو وفنانات الانقلاب حيثما ظهروا فى داخل مصر وخارج الحدود.