تحتاج مصر الثورة إلى وضع نقاط على الحروف، وسط ضجيج أصوات متطرفة، انقلبت على الثورة وتحالفت مع العسكر الخائنين، وتنكرت لشهداء 25 يناير، لتحقيق مصالح شخصية ضيقة، وتصفية حسابات سياسية نكراء، مع التيار الإسلامى وفى القلب منه جماعة الإخوان المسلمون، رغم نداءات الحكماء والعقلاء الوطنيين بالتوحد الثورى فى اللحظة الفارقة لاسترداد ثورة 25 يناير. وللأسف، عندما استفاق بعضهم من خديعة تحالف "العسكر- الفلول"، ووجدوا أنفسهم أمام حكم عسكر انقلابى ينتقم من الثورة المجيدة ومن شارك فيها، وعودة فاشية سريعة لفلول مبارك فى مفاصل الدولة العميقة، وجدناهم يعيدون إنتاج خطاب عدائى لا يصب فى صالحهم "قومجية أو يساريين أو ليبراليين" على الأقل، ولا صالح الوطن والثورة، بل يصب فى صالح المغتصب الانقلابى الذى كسر أنوفهم وأعينهم، فلا هم أسقطوا العسكر ولا أبعدوا الفلول ولا حسموا خصومتهم غير الشريفة مع الإخوان كما يحلو لهم الهتاف فى مربع "طلعت حرب" بعد أن حُرموا من دخول "ميدان التحرير"!. يحدث هذا رغم أن الإخوان وكل أحرار مصر من مختلف الاتجاهات الوطنية الثورية الشريفة، ومنها اتجاهات مضادة فكريا للإسلاميين، يقودون مسيرة استرداد الثورة المجيدة والشرعية المسلوبة، ويدفعون ضرائب باهظة من أرواحهم وحرياتهم لتكون المفارقة واضحة، بين من يهتفون ضد العسكر والفلول فى شارع ضيق ويشاركونهم الحكومات ومجالس الديكور المعينة ودعم الإرهاب والقمع وجرائم الإبادة البشرية فى كل مكان، وبين من يضحون بكل شىء لأجل أن يرضى الله ثم ينعم الوطن والمواطن بالحرية والديموقراطية والعيش الكريم، ويهنأ الشهداء والمصابون منذ 25 يناير حتى الآن بالقصاص الناجز. إن العبرة بالخواتيم، والثورات بالنهايات، والنكوص عن طريق الثورة قبل حسمه كاملا، يخالف القَسَم الذى أقسم عليه الثوار فى 25 يناير بالوفاء لمطالب الشهداء الأبرار والأحياء الأحرار، فما كان للثورة دام واتصل وما كان للسياسية وحساباتها الضيقة انقطع وانفصل وأفسد ما حصل، وما حدث من المجموعات التى انقلبت كان تغليبا للسياسة على الثورة. وهنا يجب أن نفرق بين ما هو ثورى وبين ما هو سياسى، وأن نفصل بينهما، فالسياسة يجب أن تكون فى خدمة الثورة لا أن تكون الثورة فى خدمة السياسة، فالثورة هى التى تنتجها وتخلق جيلا جديدا من الساسة ينفذون مطالبها، وما وجدت السياسة فى زمن الثورات إلا لحراسة المطالب وإقرارها لا قيادة الحراك. إن السياسة إذا ناكفت الثورة فسدت وأفسدتها، والغاضبون من الإخوان لهم مقاعد المعارضة، ومواجهتهم انتخابيا طالما كان الصندوق شفافا والجماهير هى الفصل والحكم والقضاء هو المشرف، أما خلط مناكفات السياسة بالثورة فجريمة وخطأ كبير وثبت فشله وخطره. إن مصر لا تستحق حكم العسكر ولا عودة الفلول ولا جرائم السطو المسلح للانقلابيين على السلطات الثلاث فى مصر، تنفيذية وتشريعية وقضائية، وحرق الوطن وإفشاله اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وخارجيا، وتسليمه فريسة سهلة للمخطط الصهيوأمريكى. إن إسقاط الانقلاب العسكرى الدموى يحقق مطلبين ثوريين مهمين، وهما: إسقاط حكم العسكر ووقف عودة الفلول، أما عودة الشرعية الدستورية على أرضية مطالب الشهداء فهى صمام الأمان لعدم عودة العسكر أو الفلول أو حدوث أى انقلاب على أى رئيس أيا كان انتماؤه مرة أخرى، فضلا عن تمكين الثورة والثوار جميعا، فما للثورة للثورة وما للسياسة للسياسة وكلنا بذلك سننتصر. إن حراك 28 يونيو 2013، قدم الكثير من التضحيات، كى يسترد ثورة 25 يناير من قبضة تحالف العسكر والفلول، والثورة باتت ماضية فى طريقها، تحشد كل معادلات تحقيق النصر انتظارا للحظة الفارقة التى يحددها الله عز وجل، وما هى ببعيد، فمن شاء الوفاء للشهداء فليقوِّ حراكها ومن أبى فليكف شره عن ثورة 25 يناير وليستعد لمقابلة الشهداء يوم الحساب. _________________ منسق حركة "صحفيون من أجل الإصلاح"