يوم 6 أكتوبر، ذكرى انتصار جيشنا المصري العظيم في 73، هو عيدٌ نحتفل به في كلِّ عام، ولكنه جاء هذا العام في عهد الانقلاب، فلم يكُن احتفالا، ولكنه كان احتلالا! حيث احتلت وحداتٌ من الجيش "المصري" ميدان التحرير، ونجحت في صدِّ طوفان المسيرات السلمية المتجهة إليه من كلِّ صوْب، تعلن رفضها للانقلاب على إرادة الشعب، وقد استبسلت وحدات الجيش ومعاونوهم من شرطة الانقلاب وبلطجيته في منع هذه الملايين من الوصول إلى الميدان حتى لا يظهر للعالم أن رفض الانقلاب هو إرادة شعبية، وقد استخدموا أحدث الوسائل من غاز وخرطوش ورصاص حي وآلي ومدرعات، فأسقطوا من هذه المسيرات الشعبية السلمية عشرات القتلى ومئات الجرحي، في حين فتحوا جزءاً من الميدان للمؤيدين للانقلاب ليحتفلوا به طبلاً ورقصاً على أنغام الدماء البريئة الطاهرة التي سالت في هذه الذكرى لتحوِّلَها من ذكرى عظيمة إلى ذكرى أليمة. بالأمسِ عيدٌ به نزهو ونفتخرُ ما بالُ ذاك العيد اليومَ يعتذرُ فالجيشُ بالأمس أبطالٌ وقد عَرَفوا أين الصديقُ مِن الأعداءِ فانتصروا كانوا الدروعَ لنا في السِّلمِ والحرب كانوا الأمانَ إذا ما جاءنا خطرُ واستكملوا عُدَّةَ التدريبِ وانطلقوا وخط ُّ بارليفٍ أمام الأُسْدِ ينكسرُ جيشُ العبورِ له ذكرٌ ومنزلةٌ كم أخلصوا البذلَ في عزمٍ وكم صبرُوا *** فقادة الأمس ضدَّ عدوِّنا وقفوا دكُّوا الحصون وبالإِقدامِ قد عبروا وقادة اليوم ضد الشَّعب قد وقفوا كي يمنعوه من التحرير وافتخروا ! وقادة الأمس قادوا جيش مصر إلى تحرير سيناءَ من أعداءٍ اندحروا وقادة اليوم قادوا جيش مصر إلى تحرير مصرَ من الأحرار إن مَرُّوا بالأمس كان سلاحُ الجيش متَّجهاً صوْبَ العدوِّ يَفِرُّ كأنَّهم حُمُرُ واليوم جاء رصاصُ الجيش مخترقا مِنَّا الصُّدورَ فلا خوفٌ ولا حذرُ (1) بالأمس في جيشنا صاروخُ سامٍ له في طائرات العدا ضربٌ فتنفجرُ واليوم في جيشنا تلك الأباتشي لها في الشعب ضربٌ له نارٌ بها شَرَرُ بالأمس في جيشنا قنَّاصُنا البطلُ يصطادُ دبَّابةَ الأعداءِ تنكسرُ (2) واليوم في جيشنا قناصُهم يرمي ليصيبَ من شعبنا رأساً فتنتثرُ (3) وقادة الأمس مِن جند العدا أسَرُوا ومَن تخلَّفَ عن أَسْرٍ فقد فرُّوا وقادة اليوم في كبرٍ وفي صَلَفٍ كم مِن ألوفٍ هنا مِن شعبنا أَسَرُوا (4) والجيش بالأمس شجعانٌ وصيْحتُهم الله أكبر في عزٍّ بها ظفروا وجيشنا اليوم عاش السيسي صيحتهم مَن فوَّضوا الأمرَ للسيسي فقد خسروا (5) وقادة الأمس أبطالٌ وشيمتُهم مع الوفاءِ إقدامٌ به اشتُهِروا هم قادة قد ترى الشاذلي أو الجمسي لهم مكانتهم في القلب إن ذكروا وقادة اليوم كالسيسي قد انقلبوا وبالرئيس الذي اخترناه قد مكروا فقادة الأمس قد أَدَّوْا أمانَتَهم وقادة اليوم قد خانوا وقد غدروا قد ميَّزوا الشعبَ في التحرير واختصروا باقي الميادين ليس لهم لها نظرُ جعلوا مُهِمَّتَهم في يوم عيدٍ لهم منعَ التظاهر في التحرير وافتخروا إن جاء مَن أيَّدوا السيسي وعصبته أهلاً بهم مرحبا والطّبلُ والزّمرُ أو جاء مَن عارضوا فإذا مداخله غازٌ.. رصاصٌ.. ويُعلنُ حينها الحظرُ أوَ تلك صارت مهمَّةَ جيشِ مصرَ الذي بالأمس أبطاله للصَّعب قد عبروا !! *** قامت مسيراتٌ في الشَّعب غاضبةً ضمَّتْ حُشوداً بها ما لها حصرُ سلميةً هتَفَتْ في النّاس ثائرةً بالحقِّ ضدَّ انقلابِ البغْيِ قد جَهَرُوا نريد شرعيةً في مصرَ قد سُلِبَتْ من قادةِ الجيشِ في غدرٍ وقد مكرُوا تصيحُ هاتفةً لا لانقلابٍ به إرادة الشعب في مصرَ تُختصَرُ لا لانقلابٍ به سفك الدماء لمن قد عارضوه فيقتلُ عندنا الحُرُّ لا لانقلابٍ به قتلٌ لآلافٍ وعند إعلامنا لا يظهرُ الخبرُ إعلام غش به كذب وتزوير به التباس الأمور كأنه السحرُ قلب الحقائق بالتزييف صنعتهم بها الجديد من التدليس مبتكرُ *** عقيدة الجيش جاء السيسي بدَّلها يحاربُ الشَّعبَ والأعداءُ قد سُرُّوا والبعض من أبطالنا في الجيش في حرجٍ أيَقتلُ الشّعبَ أم لا يُسمعُ الأمرُ أيَقتلُ الأهلَ أم عصيانُ قائدِه أمران في جيشنا أحلاهما مُرُّ مفتي الدِّماءِ لهم قد قالها عَلَناً أن اضربوا الناسَ في المليان لا تَذَروا فاستفت قلبَك أنت الآن يا بطلُ فعالمُ السّوء في فتواه يحتضِرُ لا طاعةَ اليومَ للمخلوق في أمرٍ إن كان معصيةً لمن له الأمرُ فكلُّ أمرٍ به لله معصيةٌ على المُطيع له وزرٌ فما العذرُ بعضُ الرجال أَبَوْا في الجيش طاعتَهم تخلَّصوا منهم في الليل واستتروا *** يا جيشَنا البطلَ ليست قضيَّتُنا معكم ولكن مع الباغين قد فَجَرُوا لم يظلموا الشَّعبَ دون الجيش بل جَمَعُوا في الظلم فينا جميعَ النّاس واحتكروا الشعبُ والجيشُ صفٌّ واحدٌ أبدا مهما تكبَّر قادتكم أو اغترُّوا والشعب للجيش مثل الأمُّ للولدِ والحكم للشّعب قبل الجيش مُعتَبَرُ من يظلم الشعبَ لم يُنصف لنا جيشاً فالظّلم مفسدةٌ في الكلِّ تنتشرُ عواقب الظلم في الآفاق نعرفها الخزيُ والعارُ والخذلانُ والخُسْرُ يا جيشَ مصرَ أطيعوا القائدَ الأعلى هو الرئيسُ الذي ترضى به مصرُ من يعزل اليوم قائدَه فلا يدري متى سيُعزلُ أو يَرمي به الغدرُ صونوا الأمانةَ مِن أيدٍ بها عبثتْ وطهِّروا الجيشَ من باغٍ ولا تذرُوا *** من يُحسن الظن في السيسي سنعذُرُه حتى يرى ما لا يُخطئُ البصرُ رئيسُ أركان أمريكا يبيِّنُها للناس في علنٍ ليس به حذرُ بعد انقلابٍ بمصرَ السيسي صاحبُنا هو الحليفُ له نسبٌ له صهرُ يرعى مصالحَ جيرانٍ صهاينةٍ هم يأمرون فلا يُعصى لهم أمرُ *** إرادةُ الشّعب قد خرجت لتعلنَها تلك الملايينُ في الجَنَبَاتِ قد زأروا سلميةً إنما بثباتها أقوى من الرَّصاص وفي إيمانها النَّصرُ إرادة الشعب حتما سوف تنتصر بإذن ربي وهذا الظلم ينحسر *** يا ليتَ مَن يعتلي حُكماً يُباشِرُهُ يُدبِّرُ الأمرَ في عدلٍ ويعتبرُ عُقبي الظلومِ هنا خزيٌ ومنقَصَةٌ وعند ربِّك نار الكيِّ تستعرُ وصاحبُ العدلِ في عزٍّ وفي شرفٍ ومطمئنٌّ هنا والأجرُ مُدَّخَرُ * إنّا نفوِّضُ ربَّ العرش خالقَنا إن فوَّض البعضُ من خانوا ومن مكروا ما بين عيدٍ لفطرٍ بعده أضحي كم من شهيدٍ لنا قد ضمَّه القبرُ كم من فقيدٍ هنا والأهلُ ما سَكَنُوا أضناهم البحثُ لم يُعلمْ له أثرُ كم من مُصابٍ هنا والنّاسُ قد هَجَعُوا وأهله حوله في جُرحِهم سَهِروا قامت أهاليهم بالليل باكيةً تشكو إلى الله ظلماً طعمُه مُرُّ يا ربّ فاربط على قلوبِ أهلٍ لهم قد فوَّضوك لأخذ الثأر واصطبروا يا ربَّنا نجِّنا من كلِّ طاغيةٍ سلاحه المكرُ والطغيانُ والقهرُ فرِّجْ لنا همَّنا من ذلك الكرْبِ واجبرْ قلوباً هنا قد مسَّها الضُّرُّ أزِحْ عن النّاس في مصرَ انقلاباً به صَلَفٌ وظلمٌ وعدوانٌ به كِبْرُ يا ربَّنا هبْ لنا عفواً وعافيةً ونجِّنا ربَّنا من شرِّ ما مكروا أعِدْ لنا حقَّنا من كلِّ مُغتصِبٍ فيك الرجاءُ وكلُّ الناس ينتظرُ لسنا نقدِّمُ بين يديك لكنّا ندعوك دعوةَ مضطرين قد جأَروا فولِّ من أمرنا أخيارَ أمتنا من حكَّموا الشَّرعَ والقرآنَ وأْتَمَرُوا فمن أراد بنا خيراً فوفِّقْه لكلِّ خيرٍ لنا تعلو به مصرُ ومن بغى فاجزه بالخزي عاقبةً يكن بها عبرةً للغيرِ يعتبرُ أنت الرجاءُ لنا فاقبل رجاوَتَنَا واغفر لنا ربَّنا.. من عندك الخيرُ *** _________________________ (1) حصيلة شهداء مذبحة 6 أكتوبر حوالي 60 شهيدا، ليتعدى عدد الشهداء في مجازر السيسي ستة آلاف شهيدا. (2) صائدو الدبابات وصواريخ سام صائدة الطائرات، هي من المآثر التي نفتخر بها من ذكرى حرب أكتوبر 73. (3) الشهيد هاني الشناوي انفجرت رأسه وحمل صديقه مخه الذي اندلع من رأسه، وراح يصرخ من بشاعة العدوان على المتظاهرين السلميين. (4) سجون الانقلاب تضم حوالي اثني عشر ألف معتقل، فيهم أساتذة جامعات ومهنيون وطلبة وصحفيون بلا تهمة واضحة. (5) تمجيد السيسي بنشيد "تسلم الأيادي" الذي فرح به الصهاينة ويذيعونه في إعلامهم ويشيدون به علانية.