مشتقة من كلمتين يونانيتين: (التكنولوجيا) وتعنى العلم.. و( قراط) وهى الحكم الشارع المصرى لا يهمه شكل الحكومة.. ولكن يريد أن يلمس "الإنجاز" البداية فى أوروبا عقب "الثورات الصناعية" ثم انتقلت إلى أمريكا "التكنوقراط".. مصطلح طرأ على الساحة السياسية فى الآونة الأخيرة، وتطلع البعض إلى تطبيقه فى مصر، باعتباره الحل الأمثل للصعود بها اقتصاديا واجتماعيا. "الحرية والعدالة" ناقشت مفهوم حكومة التكنوقراط"، ومدى تطبيقها فى الوقت الحالى فى المجتمع. التكنوقراط هم النخب المثقفة الأكثر علما وتخصصا فى مجال المهام المنوطة بهم، وهم غالبا غير منتمين للأحزاب، وتستخدم مثل هذه الحكومة فى حال الخلافات السياسية. والتكنوقراط كلمة مشتقة من كلمتين يونانيتين: (التكنولوجيا) وتعنى المعرفة أو العلم، و(قراط) وهى كلمة إغريقية معناها الحكم، وبذلك يكون معنى تكنوقراط "حكم الطبقة العلمية الفنية المتخصصة المثقفة". وبدأت حركة التكنوقراط عام 1932 فى الولاياتالمتحدة، وكان التكنوقراطيون يتكونون من المهندسين والمعماريين والاقتصاديين المشتغلين بالعلوم، ودعوا إلى قياس الظواهر الاجتماعية ثم استخلاص قوانين يمكن استخدامها للحكم عليها، ودعوا إلى أن تخضع إدارة الشئون الاقتصادية للعلماء والمهندسين. بداية استخدام المصطلح بشأن بداية استخدام هذا المصطلح على مستوى الأعمال والحكومات فتشير المراجع العلمية إلى أن البداية كانت فى أوروبا إبان "الثورة الصناعية"، التى بدأت بوادرها منذ القرن السادس عشر، وتجلت بشكل واسع خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، منطلقة من إنجلترا لتنتشر فى بقية دول أوروبا. لكن هناك من يرى أن حركة التكنوقراط بدأت عام 1932م فى الولاياتالمتحدة، وهذه الحركة تتضمن فئة المتخصصين فى ميادين الهندسة والعمارة والاقتصاد وغيرها من العلوم، والذين يميلون إلى دراسة وقياس الظواهر الاجتماعية، ثم استخلاص قوانين ومبادئ محددة للفهم والتنبؤ والسيطرة عليها، وذلك من منطلق أن المشكلات والظواهر الاجتماعية أضحت على درجة كبيرة من التشابك والتعقيد، وأصبح من الصعوبة بمكان على السياسيين أن يسبروا أغوارها ويتحكموا بزمامها، ومن ثم كان لا بد أن تترك قضايا الدولة ذات الطابع الاقتصادى والهندسى والقانونى والفنى للشخصيات الخبيرة والضليعة فيها. مصر وتجربة "التكنوقراط" وفى هذا السياق، يشرح د. عمرو أبو الفضل -الخبير بمركز الجمهورية للدراسات السياسية والأمنية- مفهوم كلمة "تكنوقراط"، بأنها تعنى المتخصصين فى مجال معين يتم توليهم المناصب المتفقة مع نفس تخصصاتهم. وتابع أبو الفضل: إنه تم تطبيق تجربة التكنوقراط فى دول أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث خرجت تلك الدول وهى فى حال انهيار اقتصادى واجتماعى، وكانوا يعانون معاناة شديدة من السياسيين الذين أدخلوهم فى نفق الحروب، ومن ثم كان المجتمع فى حاجة إلى خبراء وكفاءات تقوم ببناء المجتمعات، فتم فكرة "التكنوقراط"، بأن يقوم المتخصصون فى المجالات الهندسية والاقتصادية والطبية كلا فى مجاله بتولى ملف معين، وإنجاز مشاريع معينة للتخلص من حالات التدمير التى وصل إليها المجتمع من آثار الحروب. وأضاف: إنه بالفعل تم الصعود بحكومات التكنوقراط بالمجتمع الأوروبى من الانهيار إلى التقدم والصعود، وحققت الفكرة نجاحا لمسته أوروبا حتى يومنا هذا، وفى التسعينيات وحتى الآن لا تزال بعض دول الغرب وبعض من دول أسيا مثل الصين واليابان يطبقون فكرة "التكنوقراط" فى بعض الحقائب الوزارية، حيث يرون أن هناك مؤسسات ووزارات لا تحتاج إلى رجل سياسى بالدرجة الأولى بقدر ما تحتاج إلى رجل خبير فى مجاله، وتكون تلك المؤسسات مؤسسات حيادية يتولاها رجل فنى وخبير فى مجاله، يقوم بتنفيذ مشروع معين بآليات تنفيذ واضحة يتحقق من خلالها الجودة المنشودة. وأكد أن النظام السابق قبل رحيله أوهم الشعب بأنه من خلال حكومة د. أحمد نظيف سيقدم نموذجا لحكومة "تكنوقراط"، ولكن لم يكن ينطبق عليهم هذا الكلام مطلقا، بل كانت حكومة رجال أعمال ولدوا من العدم، والنموذج الذى قدم لنا كان تحريفا لكلمة "تكنوقراط"، ولم يكن هناك مفهوم حقيقى لهذا الكلام، ولم تكن هناك خطة تسير عليها الحكومة، بل كان الأمر يسير عشوائيا. وتابع: إن مصر فى مرحلة بناء ما بعد الثورة تحتاج إلى مفهوم حكومة "التكنوقراط"، ولكن يجب تنفيذ الفكرة بصورة حقيقية، حيث يأتى لها منفذ محايد "رئيس الوزراء"، ينفذ مشروع واضح ولا يصطدم بفصيل معين، ولا يكون محسوبا على تيار معين. وحول فكرة أن تكون الحكومة ائتلافية أم تكنوقراط، يرى أبو الفضل أن الوضع الحالى وفى ظل أزمة مأزق المشاركة وانسحاب بعض التيارات لتترك الفرصة لاكتمال تجربة الحرية والعدالة، أرى أن يقوم الرئيس مرسى بتنفيذ فكرة حكومة "التكنوقراط"، ويستطيع ذلك؛ لأن الكفاءات المحايدين موجودون بكثرة فى الجامعات ومن أبناء مصر فى الخارج، والمهم فى ذلك أن الشارع المصرى لا يهمه شكل تشكيل الحكومة أكثر ما يهمه أن يلمس الإنجاز. وأكد أن الوقت الحالى الذى تمر به البلاد يحتاج إلى حكومة "التكنوقراط" لعدة أسباب؛ منها ارتفاع مستويات النمو السكانى على مستوى كل بلد، وعلى مستوى العالم بشكل عام، مما ولد عددا من المشكلات، بل المعضلات المعقدة التى لا يستطيع توليد الحلول والمعالجات لها إلا الأفراد المتخصصون فى شتى مناحى الحياة. وأشار إلى أن مستوى وعى المواطنين وطموحاتهم ومطالبهم من الحكومات ارتفع بشكل ملحوظ، وما كان يحقق رضاهم ويشبع رغباتهم من السلع والخدمات بالأمس لم يعد مجديا اليوم، لذلك لا بد من حكومات تكنوقراطية فعالة، وأن تمكين المتخصصين "التكنوقراط" من ممارسة الحكم وإدارة أمور المجتمع يساعد على اتخاذ قرارات رشيدة تحد من هدر وتبديد الموارد المتاحة، وتقلل الجهد والوقت المطلوب لإنجاز أى عمل. وأضاف: إن الحكومات كمنظمات كبرى تعمل أساسا فى عالم دائم التغير، ومن ثم لن يستطيع إدارة عملية التغيير والتكيف مع تلك المتغيرات سوى القيادات المتخصصة ذات الرؤية الشمولية والنظرة الاستشرافية والحس المهنى والمالكة لناصية العلوم الحديثة، والقادرة على الإلمام العميق بما يدور فى العالم من تحولات، وتأثير ذلك على الأوضاع الداخلية للبلد، أى بعبارة أخرى هى القيادات القادرة على التفكير عالميا والتنفيذ محليا.