قبل بزوغ فجر يوم 16 سبتمبر الجاري اكفهر وجه الحياة حينما توجه سلاح الجيش المصري الذي من المفترض أن يحمي أبناء وطنه من العدو الخارجي وبدلاً من أن يدافع عنهم حول سلاحه إلى صدور أبناء الوطن في أحد أكبر قرى مصر إنها قرية دلجا بمركز ديرمواس محافظة المنيا التي خرجت رافضة الانقلاب العسكري الدموي وأيدت الشرعية بسلمية تامة. "دلجا" تحت احتلال قوات الانقلاب.. لا ترحب بكم .. يا أعداء الإنسانية ؟.. فقد تغبرت الدنيا بغبار مجنزرات مليشيات السيسى حيث غطت شوارع القرية الأبية مئات الأطنان من الغازات السامة القاتلة التى حولت نهار القرية الى ليل كالح اسود بسواد تلك الأدخنة وزخات الرصاص تنهمر فى كل اتجاه لا تعرف لها هدفا ضلت كما ضل من باع قومه من أجل شهوة السلطه، واقتحمت قوات السيسي القرية الوحيد التي أقامت اعتصام ضد الانقلاب بعد مجازر فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.. وأحكمت ميليشات السيسي السيطرة على القرية بعدما قصفت المنازل والمساجد واعتقلت العشرات من أبناء القرية ورغم ذلك واصل أبناء القرية الأبية مقاومة الانقلاب وخرجوا في مظاهرات ومسيرات حاشدة للتنديد بالانقلاب وللمطالبة بعودة الشرعية اسم "دلجا" كان قديما اسمه "دلج" بمعنى (حصن) نظرا لأغلب الاسوار التى كانت تحيط بكل العائلات، وحرف الاسم من دلج الى دلجا.. القرية المقاومة عبر تاريخها تقع جنوب غرب محافظة المنيا آخر حدود مركز ديرمواس غرباً .. وهى وفقاً للإحصائيات أكبر قرى محافظة المنيا، و من انشط قراها فى مجال التجارة. "دلجا" قرية مقاومة عبر تاريخها فهي أبرز قرى المنيا حيث عيد المحافظة القومى يعود الى يوم 18 مارس بمناسبة انتفاضة شعبية لأهالى دلجا ودير مواس حيث انتظروا قطار قادم من الجنوب يحمل مفتش السجون الإنجليزي فحرقوا القطار بمن فيه، وأصبح هذا اليوم عيدا قومياً للمنيا. وعندما تصل إلى قرية دلجا تجد لوحة تستقبل الزائرين على أطراف الطريق, عند مدخل أكبر القرى فى جنوبالمنيا, تدخل منشرحاً باستقبال القرية لك ولن تستغرق كثييراً لتألف أهلها وتحبهم وتلحظ سريعاً الثقافة الواسعة لشبابها وجمال حديثهم ولغتهم العربية القوية, فأنت فى حضرة القرية الوحيدة التى كان لها رواقاً باسمها بالأزهر فى عهد العثمانيين، حيث كانت "دلجا الصمود" القرية الوحيدة التى يدرس منها 200 طالب علم بالأزهر. يأسرك مسجدها الكبير مسجد النصر الذى يختم فيه حفظ القرآن أطفال لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات ففى اقدم مساجدها تجد محفظى القرآن الكريم يرتلون آيات الله وخلفهم ابناء دلجا الحفاظ يرتلون بأصواتهم الندية يؤدون حق التلاوة على أكمل وجه. ليس هذا فحسب بل تجد دلجا منبت للوحدة الوطنية التى عاش الأخوة المسيحيون رغم كثرتهم نسبيا فى حمى اخوانهم المسلمين فبمجرد ان تصل الى مدخل "دلجا" سترى كنيسة دلجا التى تقام فيها صلوات الأحد منذ آلاف السنيين والتى وقف أهالى البلد مسلميين ومسيحيين يحمونها بعد أحداث كنيسة القديسيين خوفاً عليها. سيأسرك ايضاً سخاء أهلها وكرمهم وجودهم وترى الطفل ذو التسع سنوات وهو يجرى كنحلة تعمل بلا كلل ويتصبب عرقاً فى محلات والده وحين تلقى عليه التحية ستضحك من رد فعله الكبير المقام, الصغير السن وهو يحلف عليك بكوب شاى لا سبيل لاستكمال سيرك الا بعد تناوله . البلدة أثيرة تركيبتها الإجتماعية كباقى قرى الصعيد وتختص دلجا باوجه متعددة للنشاطات الاقتصادية فأبناء دلجا جُبلوا على ممارسة التجارة من القدم، وسترى نساء يعملن بالتجارة فى قرية صغيرة تنعش الجزء الأكبر من تجارة محافظة المنيا و تتميز بكثرة وكبر العائلات بها كما تتميز ايضاً بالعادات والتقاليد المتوارثه التي تحض على الاخلاق والسلوك الرفيع. يذكر أن اسم دلجا ورد في ذكر جومار الفرنسي عن قدوم قبيلة تسمى الجهمة إلى مصر من برقة في ليبيا فقال أنها أقامت على بحر يوسف بين دلجا و ديروط أم نخلة ودلجا قديمة جداً بحسب ما ورد فى كتاب الخطط التوفيقية للمقريزي.