بعد 8 سنوات، انكشفت أوراق التوت عن عورات منابع الثورات المضادة التي تجمعها المصالح وقمع الشعوب، ومعاقبة تلك الجماهير على مطالبتها بالحرية والعدالة والكرامة. فمنذ شهور طفت بالونة العلاقات الداعمة لسفاح سوريا بشار الأسد، عبر دعم السعودية والإمارات والبحرين وزيارة رئيس السودان في توقيت واحد، مقابل ما كان معلنًا من قبل من قادة تلك الدول باستنكار وإدانة قصف الشعب السوري، وهدم المستشفيات والمنازل فوق رءوس ساكنيها، بل ونبذ بشار إن لم يتوقف عن مذابحه ضد الأبرياء. فخلال أسبوع واحد، أعلنت السعودية من خلال مصادر دبلوماسية، عن أنه “لا مانع لديها من عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية”، وأعادت الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق، وألمحت جامعة الدول العربية إلى عودة سوريا لمقعدها في القمة العربية القادمة في تونس، مع خطوات متوقعة من الأردن مماثلة للموقف السوداني الذي بادر رئيسه بزيارة للسفاح بشار. سؤال مثير المثير للتساؤل هو تزامن هذا التطبيع مع انسحاب ألفي جندي أمريكي من الشمال السوري، وبات واضحا للمراقبين أن اللعبة جاءت في صالح تركياوإيران وروسيا، فبات على دول مثل الإمارات، التي تغسل الأموال المسروقة من الشعوب، أن تسلم الشعب للسفاح كما سبق وسلمت المعارضة السورية للنظام في مطار دمشق. يقول الإعلامي السوري رائد فقيه: “مثير للسخرية استغراب بعض المعلقين من خطوة الإمارات، وهي من احتضنت عائلات قيادات النظام منذ اليوم الأول للثورة، واحتفظ وحرك واستثمر أموال النظام في مصارفه، وأسهم في تخريب عدة مشاريع سياسية ضد النظام دبلوماسيا، والأهم: زرع أعداء للثورة داخل المعارضة. متسائلا: “أين هم الآن”؟. آراء إماراتية مُحلل محمد بن زايد السياسي، الدكتور عبد الخالق عبد الله، برر عودة العلاقات بأن “الإمارات قررت إعادة علاقاتها مع سوريا لأن المعركة حسمت لصالح النظام ولا تود الإمارات التخلي عن سوريا في لحظة حاجتها للعرب، وأن تلتهم بالكامل من إيرانوتركيا، فالمهم سوريا الشعب والوطن، وهما أكبر من النظام الظالم، والمؤكد أن الإمارات قامت بتنسيق خطوتها مع حلفائها في المنطقة”!. وهو التصريح الذي رد عليه المعارض الإماراتي حمد الشامسي، الذي استعرض خطابا سابقا لوزير الخارجية عبد الله بن زايد وهو يستنكر تلاعب نظام بشار بالمجتمع الدولي، وكتب حينئذ: “يبدو أنهم لا يزالون يتلاعبون بنا وبالمجتمع الدولي”. وأضاف “الشامسي”: “محاولتكم لخلط الأوراق أمر مضحك.. المعادلة كالتالي عزيزي عبد الخالق: تدعم نظام بشار فأنت تدعم التواجد الإيراني في سوريا وتستهدف تركيا.. بمعنى آخر: هدفكم تركيا التي تحتضن أغلب الشعب السوري في الشتات وليس هدفكم إيران التي تقف بجانب بشار”. موقف تكتيكي واعتبر الباحث السياسي السوداني، د.حسن سلمان، أن الموقف السابق من بشار كان تكتيكيا من دول الثورة المضادة في السعودية والإمارات والبحرين، وقال: “الناظر لتحركات الإمارات العربية المتحدة وفتح سفارتها في سوريا يعلم يقينا أن الثابت الوحيد لدول الثورة المضادة هو مواجهة ثورة الشعوب وتحررها بكل الوسائل، وأن ظهورها بالدعم للثوار في بعض المراحل ما هو إلا موقف تكتيكي أملاه عليها ضرورات الاقتراب من الثوار لإجهاض ثورتهم وليس لانتصارها”. وسخر الصحفي زيد بنيامين من عنوان صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله، عندما لعبت دورًا مسرحيًّا بادعاء ضحكها من عودة رباعي الحصار وأذنابهم فكتب: “عودة المهزومين الى #دمشق” عنوان صحيفة الأخبار المقربة من #حزب_الله اللبناني عن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير وإعادة #الإمارات افتتاح سفارتها في العاصمة السورية، وتقول إن جهودًا روسية كانت وراء الانفتاح العربي على #سوريا، متوقعة تحركات بحرينية وأردنية قريبة تجاه #دمشق”. وتساءل الإعلامي السوري فيصل القاسم: “ما هي أوجه الشبه بين: النظام الإماراتي وحزب الله؟.. حزب الله قطع مئات الأميال من لبنان إلى حلب لمحاربة إسرائيل وهي على بعد أمتار شمال لبنان، بينما نظام الإمارات قطع مئات الأميال وذهب إلى سوريا لمواجهة إيران بينما الجزر الإمارتية التي تحتلها إيران في الإمارات”.