أيام قليلة وينطلق الموسم الشتوي الجديد بمحافظة الأقصروأسوانوالمحافظات السياحية بمصر. إلا أن المؤشرات القادمة من هناك تؤكد وجود كوارث مثل كل عام بعدما فشلت المحاولات الحثيثة في إنعاش حركة السياحة الشتوية الداخلية بمحافظات مصر، بعدما خرجت فعاليات المؤتمر السنوي لاتحاد الشركات السياحية البلجيكية “UPAV”، (اتحاد وكالات السفر الناطقة بالفرنسية) بمدينتي الأقصروأسوان، خالية الوفاض دون نتائج تذكر ،بعدما فشل التنشيط السياحي على مستوى الجانبين المصري والبلجيكي خاصةً في محافظات الشتاء المصرية “الأقصروأسوان” وأخواتها. تراجع بالغ عدد من الخبراء أكد أن الدولة أسهمت في تفاقم مشكلات السياحة، وأن الموسم الحالي شهد تراجعا لأعداد السائحين بالمحافظتين بنسبة حوالي 10% عن العام الماضي، خاصة بعدما شهدته الرحلات النيلية من ضربات متلاحقة بسبب شحوط البواخر لانخفاض مياه النيل أثناء السدة الشتوية بالموسم الأشد حيوية وتعنت المسئولين؛ الأمر الذي أثر على أكثر من 17 باخرة تقريبًا وألغت رحلاتها، بل وأُجبر السائحون على استكمال برامجهم برًا من خلال طرق غير ممهده، وأعقبها حالات تسمم للعشرات على متن بواخر أخرى، بسبب استخدام مياه ملوثة في الطهي، مرورًا بحادث احتراق منطاد على متنه 16 سائحًا، ما أسفر عن مصرع أحدهم، وإصابة آخرين بسبب الإقلاع في ظروف جوية صعبة ومخالفة التعليمات. مفيش حاجة كانت محافظة الأقصروأسوان قد وضعت بالتعاون مع المجلس الإقليمي لإدارة شئون نهر النيل العديد من الخطط لمواجهة ظاهرة شحوط المراكب السياحية خلال الموسم السياحى القادم في فصل الشتاء، والذى يتزامن مع حدوث السدة الشتوية من كل عام،حيث لم يتم تفعيل أى دور للجان المحلية والسياحية من أجل سرعة انهاء أعمال التكريك والتطهير الجارية بمجرى نهر النيل بالتعاون مع هيئة النقل النهرى. وفجر مصدر بهيئة تنشيط السياحة المصرية أنه وحتى وقتنا هذا لم يتم تطهير مجرى نهر النيل بطول 125 كم داخل نطاق المحافظة يشمل تطهير 5 مناطق بداية من قرية بهاريف وحتى قرية سلوا بكوم أمبو، فضلاً عن عدم تركيب 500 شمندورة في المسافة ما بين أسوانوالأقصر. وأضاف المصدر أنه لم يتم تجهيز الشوارع والميادين الرئيسية والتي تم صرف مبالغ كبيرة بالتطوير والرصف ورفع الكفاءة، وكذلك عدم رفع كفاءة المعابد وحمايتها والعمل على فتح مقابر جديدة للزيارات، معتبرًا أنه كان ينتظر القطاع السياحي في تلك الأيام خطوات جادة لعمل أكبر حملات من الجذب السياحي بأفكار جديدة ومتنوعة. شرم الشيخ تئن وتستمر المعاناة كذلك حيث لم يشعر بها العاملون بالسياحة بجنوب سيناء، كما يقول علي عايش، عضو غرفة شركات السياحة بجنوب سيناء. ويقول عايش في تصريحات له: إن “الوضع سيئ جدا جدا، نسبة الإشغال في شرم الشيخ حوالي 35% ولا يوجد مقارنة بينها أصلا وبين السنين الماضية”. احتلت الجنسية الصينية المرتبة الأولى من حيث عدد السياح الذين وفدوا إلى الأقصروأسوان، فيما كان يمثل الروس والبريطانيون 40% من إجمالي السياح الذين يتوافدون على مصر قبل الأزمة الشهيرة بسقوط الطائرة الروسية بسيناء. يوافقه الرأي على عبد الله، منسق سياحي: بأن منتدى شباب العالم لم يسفر عن أى حركة سياحة تذكر،فضلا عن عدم إهتمام المسئولين يأى شيء سوى “المؤتمر” وهو ما اثر على الخدمات المقدمة للوافد الأجنبي، برغم أن المنتدى كان له شق سياحي في المقام الأول وعملية تسويق لكن لم يحدث، وفق حديثه. الشحوط = الموت ودخلت أزمة توقف حركة الملاحة النهرية بين الأقصروأسوان، الأعوام الأخيرة بسبب الشحوط إلى نفق مظلم؛ نظرا لانخفاض منسوب مياه نهر النيل بالتزامن مع زيادة عدد البواخر السياحية التي تعمل بين المدينتين السياحيتين جنوبي مصر، نتيجة “السدة الشتوية”، التي يلجأ إليها مسئولو وزارة الري بغلق بوابات السد العالي لمدة تصل إلى نحو شهر ونصف بداية من الأول من شهر ديسمبر وحتى منتصف شهر يناير المقبل، بسبب قلة استخدام المياه في فصل الشتاء. وأدى انخفاض منسوب المياه في نهر النيل إلى شحوط عدد من البواخر في العام الماضي وصلت إلى 35 باخرة سياحية بمحافظة أسوان، و8 بواخر بالأقصر، بعد أن علقت بالرمال والطمي في الجزر النيلية التي برزت وسط النيل. وكشف ثروت عجمي، رئيس غرف الشركات السياحية بالأقصر سابقًا، عن أبرز أسباب تراجع الموسم السياحي الحالي، بالأقصروأسوان، واصفًا الأمر بالكارثي والذي أعطى سمعة سيئة عن السياحة التي تبشرنا خيرًا ببدء تعافيها من الأزمات التي لحقت بها الأعوام الماضية، إذ يرى أن هناك خللًا واضحًا من قبل المسئولين وعدم التنسيق بينهم وبين القائمين على السياحة، رغم أن تلك المحافظات ذات وضع خاص وتعد واجهة حضارية لمصر، فأزمة شحوط البواخر والفنادق العائمة كانت الأكثر ضررًا لأصحابها وللسياحة بشكل عام، مستنكرا امتلاكنا ما يزيد على 260 مركبًا سياحيًا ولا يعمل منهم سوا 30 تقريبًا في الرحلات بين المحافظتين لزيارة المعالم التاريخية، ورغم ذلك تشهد كل تلك الوقائع المؤسفة؛ فما بين التوقف بوسط المياه، وإجبار السائحين على استكمال رحلاتهم برًا، والتسمم من الأطعمة، حتى خسرت الشركات بشكل كبير، فضلًا عن مطالبة بعض السائحين لهم بتعويضات عن فساد رحلاتهم، بحسب قوله. وقائع مؤسفة وأضاف عجمي، في تصريح له، أن الموسم السياحي في العام الماضي كان أفضل من الحالي؛ حيث بلغت نسبة إشغالات الفنادق التي يبلغ عددها 48 تقريبا، خلاله 50: 60%، بينما لم تتجاوز العام الحالي 40%، ما قد يكون سببًا رئيسيًا في تكرار إلغاء البرامج السياحية، وحالات التسمم التي انتشرت؛ حيث تحتفظ الفنادق العائمة والبواخر بكميات كبيرة من المياه لعدة أيام؛ ما يجعلها تتلوث داخل المواسير التي تمر بها، وعند استخدامها فيما بعد تُسبب التسمم، مطالبًا بتشديد الرقابة على المطاعم ومسئولي الطهي بها، وكذلك الأمر في إعادة منظومة المشرفين على الطيران المدني ورحلات البالون؛ لتكرار الحوادث وخروج الرحلات رغم الطقس السيئ في كثير من الأحيان. ذعر السائحين محمد مهران، خبير سياحي، يؤكد أن الكوارث لا تأتي فرداى، وأن شحوط البواخر قد سبب ذعر بين السائحين خوفًا على أرواح، وعدم وجود تقنيات حديثة تنقلهم بعيدًا عن تلك الأزمات. وأضاف “مهران” الحالة الإقتصادية للحالة الشتوية “جيم” وتبعاتها كارثية خاصة في ظل إنتظار العشرات من العمال والفنيين وأصحاب البواخر والفنادق العائمة الأشهر الشتوية لتعويض الخسائر الصيفية في تلك المحافظات، وفق حديثه. بينما قال “ش.م” صاحب إحدى البواخر السياحية، أوضح بأن حوادث الشحوط النيلية تكبد أصحاب الفنادق العائمة مبالغ مادية ضخمة؛ لأنها تؤدي إلى خسائر في كسر الدفة أو إتلاف ماكينات السحب ومحركات الباخرة، مضيفًا أن سعر تغيير الريشة الواحدة يصل إلى 70 ألف جنيه، وسعر الدفة 20 ألفا، وصيانة المحرك تصل إلى 150 ألف جنيه. وطالب عدد من مسئولي المراكب السياحية بسحب الجزر الرملية الموجودة بالنهر وفتح ممرات آمنة للبواخر السياحية أو زيادة منسوب مياه النيل لتفادي شحوطها والحفاظ على سمعة مصر السياحية، خاصة أن السدة الشتوية المعروفة، التي تتسبب في انخفاض مستوى المياه كل عام لم تبدأ رسميًا بعد، وهو ما يؤكد احتمالية وقوع أعمال شحوط أخرى. انخفاض المياه وفي هذا الصدد، طالب محمد عثمان، عضو لجنة التسويق السياحي بالأقصر، من وزارات السياحة والري والمسطحات بالتدخل الفوري لإنقاذ الموسم الشتوي، مؤكدًا أن السدة الشتوية ونقص منسوب المياه أمر يحدث بصورة سنوية وكان لزامًا على وزارة الري التدخل السريع لحل أزمة المراكب السياحية بمحافظة أسوان. وأكد أن وزارة الري ترفض تزويد مستوى المياه في هذه المنطقة بالنيل، وتتجاهل طلبات جميع العاملين في أسوانوالأقصر لحل هذه الأزمة المتكررة والتي تؤثر على الحركة السياحية بشكل كبير. أما رمضان حجاجي، رئيس غرفة شركات السياحة في الأقصر، فقد صرح من قبل بأن تلك الظاهرة ترجع لانخفاض منسوب المياه وضغط الموسم الشتوي، وتقابل المراكب بكثرة فى طريقها إلى معبد كوم أمبو، وكذلك المناطق الضيقة بنيل الأقصر جنوباً بمناطق أرمنت وبداية إسنا، مؤكدًا أنها السدة الشتوية تظهر كل عام وتؤدي لمعاناة كبيرة بين العاملين بالقطاع السياحي. شكاوى متكررة يذكر أن عددًا من المرشدين السياحيين والعاملين بمدينة الأقصروأسوان قد طالبوا في مذكرة لهم بضرورة توفير سبل مساعدة لإنقاذ موسم الشتاء السياحي قبل تدميره، مؤكدين أن المواسم السابقة كانت كارثية تسببت في فصل وتشريد المئات وأسرهم على إثر توقف السياحة النيلية الشتوية . بدوره أوضح الخبير السياحي عادل عبد الرازق، نائب رئيس اتحاد الغرف السياحية السابق، أن الدولة لعبت دورًا رئيسيًا في الإضرار بمنظومة السياحة؛ تمثل في إغلاقها خلال العامين الأخيرين لمراكز "الطهي"، التي كانت تمثل واجهة حضارية لكل فنادق مصر، وانعكس الأمر مؤخرًا على سوء الخدمات بكثير من الفنادق، مع تفاقم الأمور لحد التسمم، الأمر الذي لم يكن موجودا قديمًا، حيث تم إغلاق مركزي الطهي بالقاهرة والأقصر، بالإضافة للعمل غير المنتظم لمركز الطهي في محافظة بني سويف، وكان ذلك خطوة لضرب مراكز التدريب والتأهيل، والتي تعد أساس وعصب تنظيم العملية السياحية، واصفَا السياحة دون الخدمات المتقنة، بالمنزل المنهار. هروب أصحاب الخبرات وأكد عبد الرازق، في تصريحات صحفية، أن غياب القيادات وأصحاب الخبرات، خاصة في الأعوام الماضية، وهجرتهم للعمل في السياحة بالدول العربية، تسبب في تراجع مستوى الخدمات بشكل عام في الفنادق المصرية، بالإضافة إلى التنافس السيئ في الأسعار بين الأسواق والفنادق وبعضها بعضا، وتدنيها لأرقام لا تليق باستضافة السائح، مطالبًا بتوحيد الأسعار نسبيًا بين الفنادق، حتى لا يشعر السائح بتدني الخدمات، خاصة بعدما وصلت أسعار الغرف ببعض الفنادق لأول مرة إلى 40 دولارًا في الليلة الواحدة، في محاولة لجذبهم. وشدد الخبير السياحي على ضرورة أن تعود السياحة الثقافية والنيلية لسابق عهدها في مصر، مضيفًا أنه ليس من الممكن أن نمتلك 288 باخرة سياحية، بإجمالي 19 ألف غرفة تقريبا، في حين أن الرحلات تكون ضعيفة بهذا الشكل، وسط تخبط وأخطاء متكررة من المسؤولين.