رغم أن أزمة المصانع المتعثرة مضى عليها سنوات عديدة، إلا أن جنرال الانقلاب عبد الفتاح السيسي وأركان حكومة العسكر يتجاهلون معاناة أصحاب المصانع المتعثرة التي وصل عددها بفعل كارثة القرارات الاقتصادية والارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار إلى 10 آلاف مصنع، وتشريد مئات الآلاف من العمال والصنايعية. وفي تأكيد لاتهام حكومة العسكر بالمساهمة في تفاقم هذه الأزمة، تقدمت النائبة في برلمان الانقلاب، هالة أبو السعد، بسؤال لوزير الصناعة فى البرلمان عن هذا الملف، مؤكدة أن المشكلة تتفاقم على يد الحكومة. وأضافت أبو السعد، أن الأرقام حول عدد المصانع المتعثرة تضاربت، فقد أصدر اتحاد نقابات عمال مصر تقريرا، أشار فيه إلى أن عدد المصانع المتعثرة بلغ 8222 مصنعا، بينما أعلنت وزارة الصناعة أن العدد بلغ 871 مصنعا، وبعدها ببضعة أسابيع أطلقت ذات الوزارة رقمًا آخر وهو 700 مصنع. وأكدت أبو السعد أن مشكلة المصانع المتعثرة تتفاقم على يد الحكومة، فهي طرف فيها، وطرف لحلها. لكن رد المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة بحكومة الانقلاب، جاء صادمًا، لافتا إلى أن أمر المصانع المتعثرة معقد للغاية. وأوضحت أن تصريحات الوزير مستفزة للغاية، وتزيد الاحتقان، حيث دائما يصرح بأن الصناعة تسير بخطى ثابتة نحو الازدهار، وأن نسبة مساهمة الصناعة فى الناتج للمحلى بلغت 18%، والإجراءات الإصلاحية الأخيرة ساهمت فى زيادة الطاقات الإنتاجية فى المصانع لتقترب من 90% بعد أن كانت طاقات الإنتاج لا تتجاوز 30%. الحكومة تكتفي بصندوق المخاطر الوزير أقرَّ بهذه الأزمة، موضحًا أن ملف المصانع المتعثرة معقد جدا، وتم تقديم طلبات فى أكثر من 800 مصنع، وبعض المصانع المغلقة غير موجودة بقائمة ال800 مصنع، كما توجد مصانع بها مشاكل قضائية. وأشار وزير الصناعة إلى إنشاء صندوق مخاطر يتكون من صندوق "تحيا مصر" و"بنك الاستثمار" و"وزارة التجارة والصناعة" للعمل على مساعدة المصانع المتوقفة، بجانب تحديد 135 مصنعًا مغلقًا وتشغيل 66 منها. وكان رئيس الحكومة شريف إسماعيل، قد كشف في تصريحات سابقة، عن أن الحكومة لديها 10500 مشروع متوقف، بإجمالي حجم استثمارات "تريليون و322 مليون جنيه"، ويتم حاليًا مراجعة جميع المشروعات وموقفها حاليًا. ولأجل ذلك أنشأت الحكومة شركة مصر لرأس المال المخاطر، وهي عبارة عن صندوق رأسماله 150 مليون جنيه، أطلقته وزارة التجارة والصناعة، في منتصف العام الماضي. ويساهم في رأسمال الصندوق مركز تحديث الصناعة بقيمة 30 مليون جنيه، وبنك الاستثمار القومي ب30 مليون جنيه، وشركة "أيادي" ب20 مليون جنيه، وصندوق "تحيا مصر" بنحو 70 مليون جنيه. وذكر هاني توفيق، الرئيس التنفيذي لشركة مصر لرأس المال المخاطر، أن الشركة ستنتهي من تمويل حوالي 25 مصنعا متعثرا، لإعادة تشغيلها خلال عامين. وهو رقم ضئيل للغاية مقارنة بأعداد المصانع المتعثرة، فالحكومة تمشي مشية السلحفاة في معالجة أزمة شديدة التفاقم. وأضاف توفيق، في تصريحات صحفية، أن الشركة تعتزم تمويل مصنع واحد متعثر تقريبًا كل شهر، من بين 3 مصانع يرشحها مركز تحديث الصناعة. وأوضح أن متوسط تمويل الشركة للمصانع المتعثرة في حدود 10 ملايين جنيه لكل مصنع، بعد استيفاء الشروط والمعايير التي وضعتها الشركة، من أجل التأكد من قدرة هذه المصانع على العودة للإنتاج والعمل مرة أخرى. يأس من الحكومة الخبير الاقتصادي وائل النحاس، يؤكد اليأس من قدرة الحكومة الحالية على معالجة الأمة، وقال إنه لا يوجد أمل فى إعادة تشغيل المصانع المتوقفة والمتعثرة من جديد فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر. وأضاف النحاس، فى تصريحات صحفية، أن إعادة تشغيل المصانع المتوقفة والمتعثرة يحتاج إلى تمويلات كبيرة من البنوك، فى الوقت الذى تسعى فيه البنوك للتخارج من الاستثمارات المباشرة لتطبيق معايير بازل 3، التى تنتهى مهلة تطبيقها العام الحالي، وتسعى لتحصيل أكبر كمية من النقود "كاش". وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه فى ظل هذه الأوضاع من الصعب على البنوك الدخول فى مشروعات متعثرة أو متوقفة لتعيد تشغيلها من جديد، وهى أساسا تتخارج من مشروعات قائمة بالفعل، قائلا "إزاى البنك يخرج من المشروع السليم ويدخل فى البايظ والمتعثر". مجدى بدوى، نائب رئيس اتحاد عمال مصر، قال إن هناك تضاربا كبيرا فى عدد المصانع المغلقة فى مصر بعد الثورة حتى الآن، مشيرا إلى أن معظم المصانع التى أغلقت تابعة للقطاع الخاص فى المدن الصناعية. وأضاف بدوى، فى تصريحات صحفية، أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة والسيئة التى تعيشها مصر هى السبب الرئيسي فى غلق هذه المصانع. وأوضح نائب رئيس اتحاد العمال، أن معظم المصانع المغلقة حاليا تتمركز فى المدن الصناعية الجديدة، مثل 6 أكتوبر والعاشر من رمضان ومدينة السادات، وأغلبها تابعة للقطاع الخاص، بينما المصانع المتعثرة والتى تعمل ب40% من طاقتها تمثل القطاع العام وتحقق خسائر كبيرة ما يؤدى إلى تعثرها.