دشنت مؤخرا عدد من الائتلافات والحركات ضد الانقلاب منها صحفيون وطلاب وحقوقيون وجامعيون وغيرهم من القطاعات الأهلية، فيما اعتبره الخبراء علامة فارقة تستوجب تكتلها في إطار ائتلاف عام موحد وإيجاد تلاحم فيما بينها ووحدة في الآليات والتحرك الميداني وتوزيع المهام بينها ووضع أولويات على رأسها كيفية إخراج المؤسسة العسكرية من المعادلة السياسية وعودة المسار الديمقراطي وكسر حاجز التعتيم الإعلامي على هذه الائتلافات. حول أهمية تدشين عدد من الائتلافات والحركات ضد الانقلاب من منصة رابعة يرى د.عماد شاهين أستاذ السياسات العامة والعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن الانقلاب العسكري للآن لم يتمكن من تثبيت نفسه ، وما زال في حالة تذبذب وعدم استقرار، حيث لم تحسم السيطرة على الموقف لطرف من الأطراف نظرا لوجود مقاومة شديدة، وهذه المعادلة سوف يحسمها عوامل أهمها الشارع نفسه، وكيفية مقاومة البلطجية المتعاونة مع الداخلية، والأهم عامل توازن القوى من جانب العسكر الانقلابيين من جهة وأنصار عودة المسار الديمقراطي والسلطة المدنية من جهة اخرى ، ثم ظهور حركات وائتلافات مدنية مجتمعية تصب في طرف الجانب المناهض للانقلاب والذي يحاول استعادة الحياة المدنية. وأضاف شاهين أنه كلما ظهرت حركات وطنية تقف وتوسع دائرة التيار الديمقراطي وتتجاوز المعارضة الإسلامية كلما زاد تأثيريها وفعالية حركتها والإيجابية المترتبة عليها،وكلما توحدت الشعارات والحركات ضد الانقلاب ومع المسار الديمقراطي والشرعية كلما حققت نتائج اسرع وأقوى. وحول أهمية التنسيق والتلاحم بين هذه الحركات والائتلافات طالب شاهين بأهمية التنسيق على مستويين مستوى المباديء ومستوى آليات العمل، بحيث تجتمع معا وتتوافق فيما بينها حتى لا نكرر أخطاء الماضي ، من حيث وجود عدد كبير من الائتلافات دون تنسيق بعد ثورة يناير، الآن لابد من الجلوس معا وتضع سويا الحد الأدنى المشترك بينها جميعا من المباديء ومثال ذلك أن مصدر الشرعية الدستورية والسلطة المدنية لا نستمدها من سلطة عسكرية أو بيان عسكري أو مؤسسة دينية، بناء دولة مؤسسات متوازنة فاعلة حقيقية بحيث لا تصبح مؤسسة فوق القانون أو خارج المحاسبة ، وتبصر مقومات الحكم الرشيد. ويؤكد شاهين أن التنسيق بين الحركات في الآليات هو الأهم ، ويقترح أن يقوم على وضع آلية لإخراج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية، وكيفية إسترجاع المسار الديمقراطي بشرعية دستورية، وتأكيد أن المدنيين هم من يقرروا وهم من يضعوا آليات العملية السياسية بإطار دستوري شرعي يتحكم فيه هؤلاء المدنيين وليس العسكر. من جانبه يرى المستشار محمود فرحات أن هذه الائتلافات والحركات التي دشنت ضد الانقلاب من قبل طلاب وحقوقيون وغيرهم لابد أن تطور أدائها وتتكتل في إطار ائتلاف واتحاد عام واحد يجمعها كلها مما يزيد قوة تأثيرها على الأرض وتحركها وبيان مواقفها، فهو يرى أن عمل كل ائتلاف بمفرده غير كافي. ويرى فرحات أن جميع القنوات الشرعية مفتوحة وكثيرة أمام هذه الحركات وبإمكانها المطالبة بكل ما يتفق مع الشرعية ويظل التحدي الرئيسي أمام عملها هو التعتيم الإعلامي على هذه الحركات الرافضة للانقلاب لذا وجب عليها توضيح رؤيتها بقنوات وأودات إعلامية بديلة خاصة بعد غلق القنوات المؤيدة للشرعية. وشدد فرحات على أن أي ائتلاف أو حركات تؤكد أن الانقلاب العسكري خالف الشرعية والإرادة الشعبية،وأن الاحتكام للصندوق وللمؤسسات المنتخبة هو أمر يتفق مع صحيح القانون، ويؤكد رفض فرض رأي بعينه يهدر الإرادة الشعبية التي صنعت مؤسسات منتخبة ودستور وإنهاء أيا منها لابد أن يكون بالرجوع والاحتكام للشعب نفسه وبنفس الطريقة والآلية. من جانبها ترى شيماء بهاء الدين الباحثة بمركز الحضارة للدراسات السياسية أن تلك الائتلافات المناهضة للانقلاب والتي برزت خلال الأيام القليلة الماضية (مثل ائتلاف طالبات ضد حكم العسكر، طلاب ضد الانقلاب، والأمر نفسه بالنسبة لأساتذة الجامعات والحقوقيين)، مثلت تحولا نوعيا في غاية الأهمية لحركة مناهضة الانقلاب، سواء من حيث إضافة المزيد من المصداقية ودحض ما يقال عن أن الإخوان دون غيرهم هم من يعارض الانقلاب، أو إعطاء مساحات وآليات جديدة للحركة. أما بالنسبة للمصداقية، فإن هذه الائتلافات بما تصدر من بيانات تؤكد أنها على اختلاف توجهات مشكليها وكون بعضهم كان يعارض سياسات الرئيس محمد مرسي إلا أنهم اجتمعوا على هدف واحد ودفاعًا عن مبدأ ألا وهو الحفاظ على الشرعية ورفض حكم العسكر، ولكن مع ذلك يجب الانتباه إلى ما يحاك إعلاميًا عبر إضافة وصف "إخوانية" إلى هذه الحركات للإيحاء بأنها واجهة فقط. وأضافت أن لكل من هذه الائتلافات ما يمكن أن يقوم به، فتعد الائتلافات الطلابية من أكثر ما يمكن أن يعيق الانقلابات عبر الحركة السريعة بين الناس والتظاهر وتوعية زملائهم، كما أن الائتلافات ذات الطبيعة المهنية يمكن أن تتحرك في النقابات وترفض التعامل مع حكومة الانقلاب وترصد مخاطر سياساتها على القطاعات المختلفة، أما الحقوقية، فهي لابد أن ترصد بدقة الانتهاكات وتأخذ المسارات القانونية محليًا وعالميًا وتفضح التخاذل على المستويين.