خلال مليونية لا للعنف التي نظمتها التيارات الإسلامية والقوى السياسية الداعمة للرئيس، امتدت يد الغدر الآثمة لتقتل بدم بارد زهرة شباب الفيوم محمد سعيد شلقاني ابن الثلاثين عامًا الذي خرج بسلمية ليعبر عن نفسه دون أي انتماء إلى حزب أو جماعة ليقول نعم للشرعية والاستقرار ولا لأي محاولة للانقلاب عليها أو جر البلاد إلى الفوضى. خرج محمد وسط عشرات الالاف في مسيرة سلمية عقب صلاة العشاء من أمام مسجد الشبان المسلمين الاحد الماضي، بوسط مدينة الفيوم للتعبير عن تأييدهم لرئيس مصر المنتخب محمد مرسى، استجابة لدعوي أطلقها ائتلاف القوي الإسلامية لتأييد الدكتور. محمد مرسي ونبذ العنف . جابت المسيرة خلال ساعتين شوارع مدينة الفيوم حتى وصلت ميدان الحواتم وقبل دقائق على ختام فعالياتها قام العشرات من شباب حملة تمرد ومعهم عدد من البلطجية وأنصار عضو الحزب الوطني المنحل، محمد هاشم بالهجوم على المسيرة بإطلاق الأعيرة النارية والخرطوش حيث أوقعوا عشرات الإصابات. حاول محمد بشجاعة وإقدام الدفاع عن المشاركين بالمسيرة وصد العدوان عنهم ظنًّا منه أنه قادر على إقناع هؤلاء البلطجية بدعوى الأخوة واللحمة الوطنية. فكما يقول ابن عمته سعيد علي عبد الغني وأحد المشاركين بالمسيرة وقف محمد أمامهم في ثبات عجيب يحاول دفعهم ومنع الاشتباك وفي طمأنينة وسكينة وقف محمد فاردا زراعيه يقول "لا للعنف كلنا إخوة"، إلا أن الرصاصات التي لا تعي منطق الرحمة لم تسمع ووقع العشرات من المصابين، ووقفت قوات الشرطة لتشاهد البلطجية وأتباع عضو الوطني المنحل، محمد هاشم، يطلقون الرصاص بدم بارد، والرصاصة التي تلقاها محمد كانت من مسافة قريبة جدًّا، تدل على حجم الإجرام الذي فاق الرحمة في قلب محمد. ويضيف سعيد "شاهدنا نجل محمد هاشم والجميع شاهد البلطجية وأرباب السوابق وهم معروفون بأشكالهم يرهبون الناس فى الشوارع المحيطة بأن حربًا تدور فى الميدان بين الأهالي والإخوان، ومحمد مثلي لا ينتمي لأي حزب أو جماعة". في تلك الليلة وقع العشرات من المصابين بميدان الحواتم وآخرين بميدان المسلة أمام مقر حزب الحرية والعدالة؛ حيث كان يتصدى شباب الحزب وبعض الأهالي لمحاولة اقتحامه تم نقلهم بالإسعاف وبالسيارات المارة إلى المستشفى الفيوم العام وآخرين إلى مستشفى مكة التخصصي، كانت حالة محمد الحرجة، وإن بدت في أول الأمر هينة إلا أنها كانت كفيلة بإخضاعه إلى العناية المركزة ليباشر الأطباء العديد من العمليات الجراحية الخطيرة لاستئصال الطحال وأجزاء من المعدة والقولون، بالإضافة إلى محاولات حسيسة لوقف نزيف الكبد والقلب الذين لم يتوقف عن النزيف بسبب الشظايا التي أصابتهم حتى ارتقى ليلة أمس إلى ربه شهيدا. محمد كما يقول جيرانه إنسان بسيط جدًّا ومتدين بطبعه لا ينتمي لفصيل سياسي مجتهد ومكافح من أجل أبنائه الصغار، فهو وإن كان موظفًا بديوان عام المحافظة إلا أنه كان يسعى جاهدًا للحصول على بكالوريوس التجارة بالتعليم المفتوح؛ حيث كان يذاكر لاجتياز امتحانات التيرم الأخير من الكلية ليحسن من مستوى معيشته، وكان آخر عهد أهله به ليلة المسيرة؛ حيث كان يذاكر بجوار والدته قبل خروجه أو قبل أن يناديه داعي الشهادة بإذن الله. يقول أحمد محمد، جاره ونسيبه: محمد إنسان بسيط لا ينتمي لحزب أو تيار فقط كان متدينًا بطبعه وفقط أراد أن ينصر الرئيس ضد محاولات الانقلاب عليه فخرج بسلمية، ويؤكد كل اللى أقدر أقوله على محمد إنه كان "راجل بتاع ربنا". ويروي عمه محمد سيد شلقاني، موظف بمجلس المدينة، ملابسات الحادث كما حكاها الشهيد فيقول "قبل أن تختتم المسيرة بعد ساعتين جابت فيها شوارع الفيوم بدأ هجوم البلطجية، وأتباع عضو الحزب الوطني السابق محمد هاشم على المسيرة بالخرطوش، وكانوا فى إقدام ليقف أمام البلطجية ظنا منه أنه سيقنعهم بالعدول عن ضرب الناس، ووقف فاردا زراعيه أمامهم يخاطبهم باسم الإخوة إلا أن الرصاصة التي أصابته فى بطنه من يد آثمة لم تكن لتسمع لصوت العقل أو الرحمة التي كانت بقلب محمد. ويستطرد "وقع محمد على الأرض وعمت الفوضى حتى حمله بعض المتظاهرين على موتوسيكل ليقله إلى المستشفى إلا أن الرصاصات التي حاولت النيل من تلك المجموعة كانت كفيلة بفزع السائق وتركه لمحمد والهروب من المكان، فما كان من محمد إلا أن فتح إحدى أبواب السيارات النقل وطلب من سائقها أن تقله إلى المستشفى، ومنها نقل إلى قصر العيني بعد أن اخترقت الشظايا الأنسجة وتهتكت، فساءت حالته من بعدها يوما بعد يوم حتى لقي ربه". ويقول أسامة عويس "جاره" محمد رجل فى حاله وليس من الإخوان ولا من السلفيين والمنطقة جميعها تشهد له بالخلق الكريم وفقط كان متدينًا بطبعه ومجتهدًا، ولم نعهده على شر أبدًا أو انجر إليه. ويؤكد محمد سيد، بن خالته "محمد كغيره من الذين شاركوا بالمسيرة لم يخرجوا يوما إلا بسلمية، ولم ينجروا أبدا إلى العنف، وهكذا كانت المسيرة حين مرت بكل شوارع الفيوم إلا أن حركة تمرد وإن كانت دائمًا ما تحاولوا استفزازهم إلا أنهم هذه المرة استعانوا بعضو الوطني المنحل، واصطحبوا البلطجية معهم إلى المسيرة ليثيروا حربًا في الشوارع." وفى غضون ذلك يتجمع العشرات من أبناء حي دار الرماد فى انتظار جثمان الشهيد محمد التي من المتوقع أن تصل غدًا قرب الظهر بعد اكتمال الإجراءات. وفي السياق ذاته وتعليقا على استشهاد محمد سعيد محمد شلقاني أصدر حزب الحرية والعدالة بالفيوم بيانًا على خلفية استشهاد محمد سعيد سيد شلقاني قال خلاله كلما اقتربت مصر من عبور المرحلة الانتقالية بعد ثورة يناير والسير في طريق استكمال بناء مؤسسات الدولة وتحقيق أهداف الثورة إذا بتحالف المصالح يوحد بين رموز الفساد من أذناب النظام السابق ومراهقي الديمقراطية وأدعيائها من ميليشيات تمرد وبلطجية جبهة الإنقاذ الذين لم يتحملوا نتيجة فشلهم في الانتخابات، فسعوا مرارًا للانقلاب على الشرعية بنشر الفوضى والحرق والتخريب وسفك دماء الأبرياء. فها هو أول شهيد من أجل الحفاظ على الشرعية في محافظة الفيوم يراق دمه على أيدي هؤلاء الغادرين؛ إثر مشاركته في مسيرة سلمية يوم الأحد الماضي 16 / 6/ 2013. وحزب الحرية والعدالة بالفيوم إذ يتقدم لأهالى الشهيد محمد سعيد سيد شلقاني بخالص العزاء، ويسأل الله سبحانه وتعالى أن ينزله منازل الشهداء، ويتقبله في الصالحين، فإن الحزب يدين هذا الاعتداء الآثم ومن وقف خلفه من بلطجية وفلول النظام السابق ومشعلى الفتنة من عناصر تمرد، ويحمل السلطات الأمنية مسئولية التباطؤ في القبض على مرتكبي هذا الحادث المجرم وتقديمهم للعدالة حتى الآن. كما يستنكر عدم ملاحقة المجرمين الذين يروعون الآمنين ويسعون في الأرض فسادًا تحت سمع الداخلية وبصرها. ويؤكد الحزب أن أبناء شعب الفيوم الذين خرجوا مرارًا في مظاهرات ومسيرات سلمية من أجل الحفاظ على الشرعية لن يسكتوا على تلك الأفعال الإجرامية، ولن يفرطوا في القصاص لدماء أبنائهم الطاهرة.